كتابات الموقع > حسب العنوان > مقالات> مقالات: حزب الله ودوره في تجديد مفهوم السياسة
مقالات: حزب الله ودوره في تجديد مفهوم السياسة
الدكتور علي فيّاض

تسلك السياسة في المجال العربي الإسلامي مسلكاً متفاوتاً، وهي لا تفتأ تنبني على إشكاليات مستديمة وقضايا متقادمة لم تعصف بها السنون: الصراع/التسوية/التخلف/ التنمية/ المجتمع المدني/ الدولة...
وإذ لا تزال الأنظمة بصورة عامة تقتات على مشروعيات قامت وتأسست عليها من غير قادرة على التجديد تارة وعلى على تقديم حلول لما قامت من أجله تارة أخرى: فالصراع مع إسرائيل تعثر وانقلت سعياً حثيثاً "للسلام" والتنمية الشاملة باتت حلقة مفرغة في ظل ركون أو تراجع معظم مؤشراتها. أما المجتمع المدني وهو المقولة المحببة للقوى الأهلية، فقد بات من غير معنى في ظل انسداد مطبق للأفق أمام أي تحولات ديمقراطية وتحديث فعلي لأليات ممارسة السياسة وتجديد الطبقة السياسية، ما يحول دون خروج المجتمع القاعدي من سكونه القهري إلى حيّز الفاعلية والتأثير، ويبدو هذا المجتمع حائراً في مصيره الذي لا يحسد عليه، فإن هو أذعن للوقائع القائمة وانطوى في آلياتها السلمية، انتهى إلى الإحساس بالعجز والتهميش، وإن انتفض خارجاً عن المألوف ونازعاً إلى آليات التغيير الثوري، اتهم بالعنف والإرهاب، وجرى الانقضاض عليه بحجج لا تحتاج إلى برهان. ثمة مأزق عميق في هذا الواقع العربي البائس، يطبق على أنفاسه، وهو يستولد كآبة سياسية عارمة، ليس صعباً التقاط معالمها ودلالاتها، لا في السياسات وحدها، بل في الأدب والشعر والكتابة الصحفية والمسرح والفن.
إزاء ذلك، يحتشد سيل من الأسئلة يبدأ ولا ينتهي، وغالباًما يبقى بدون أجوبة، أو ينزلق في عملية ممجوجة لتكرار ما درجت عليه الحال: إعادة استحضار الاشكاليات ذاتها والحلول ذاتها وفق سيرة مملة، غاية ما تؤديه هو استفزاز أولئك المكتئبين الذين ينتظرون حلاً لا يجدون إليه سبيلاً.
في هذا العقد الأخير من السنين، نالت الديمقراطية قسطاً كبيراً من الاهتمامات السياسية والأكاديمية، وبدت الديمقراطية وكأنها الوصفة السحرية العتيدة، أو الرحم القادر على إنجاب الخلاص المنتظر، ورغم الأهمية القصوى التي يختزنها هذا الاتجاه، إلا أن الواقع يبدو أعقد من ذلك، ومشاكله أكثر كثافة وامتداداً....
وإذا ما قاربنا واقع القوى العربية الراهنة، من زاوية وظائف هذه القوى وما تقضي إليه إسهاماتها العملية، أي البدء من مقاصدها وانتهاء بالمضمون الفكري والسياسي لمشاريعها، سنقع على تصنيف مختلف، يعيد خلط الفرز التقليدي لهذه القوى، إن ذلك يسمح لنا بالتقاط المنطق الداخلي للفكر والبنية الضمنية للتنظيم وهو ما يؤسس جوهر الدور دون الانخداع بمظاهره أو ادعاءاته.
ويسود الآن في المشهد السياسي الأهلي الراهن اتجاهان عريضان:
اتجاه الأدلجة الذي يقارب التحديات الراهنة ويشيد برامجه ويصيغ شعاراته وفقاً لتعميمات أيديولوجيه وعناوين فضفاضة ومنظومات جاهزة من المفاهيم والمقولات أن الأدلجة هي تكثيف للأيديولودجيه ومبالغة فيها، وهي تختلف عن الالتزام الأيديولوجي، هي أدلجة عمائية تقوم على الغربة والقطيعة، الواقع هنا في الأغلب هو حقيقة مغفلة، ومساحة النظر إليه محكومة بزاويتين اختلاليتين ومتناقضتين في آن، الواقع، مرة هو مكان فقط، أما الزمن فهو زمن الأيديولوجيا، ومرة أخرى وعلى نحو مفارق هو واقع شديد الوطأة، عدائي وتآمري وفاسد برمته، إن ذلك يحول فعلاً دون القدرة على الإحاطة بتعقيدات الواقع وفهمه فهماً علمياً عميقاً وإنتاج الوعي اللازم لتجاوز هاتيك التحديات والتعقيدات، ويندرج في ثنايا هذا الاتجاه إسلاميون وعلمانيون على السواء، الأمر الذي يعطي لمأزق هذا الاتجاه طابعاً بنيوياً. يتشكّل الكثير من عناصره بالاستناد إلى قاع رؤيوي مشترك وبنية منطقية متشابهة، بيد أن التشابه في المحددات ينتج ها هنا افتراقاً في التجليات، أي في البناءات العليا لكنه في حقيقته افتراق شكلي لا يغيّب التشابه الجوهري، وتبدو بعض السلفيات بوجهيها الديني والعلماني أبرز تجليات هذا الاتجاه، حيث الأدوات المفهومية تلعب وظيفة صراعية في كل اتجاه، وحيث توثين الذات نافٍ لكل ما عداها، والخلاص المرجو هنا هنا خلاص ذاتي وليس خلاص الواقع أو الأمة. إن قوام الذات السلفية الدينية كما السلفية العلمانية قوام سلبي غير إيجابي عاجز عن التفاعل والتكامل والتواصل.
الاتجاه الثاني: هو اتجاه اللبرلة النافي للأيديولوجية، اتجاه غلبة التفاصيل على المناحي، وهيمنة المعيوش على الأنسقة، وإقصاء القضية والالتزام لصالح الواقع والذرائع، ويقدِّم هذا الاتجاه نفسه كبديل لفشل الأيديولوجيات العربية في اكتساب معاركها في العقود الماضية، وكامتداد نظري لما يجري تسميته بنجاح النموذج الليبرالي على المستوى العالمي.
هذا الاتجاه ينتظر اختلال موازين القوى القائمة، لما سيترتب عنها من نتائج ستشكّل المنهل العلمي لمنطقه، إن التعثر والفشل والهزائم هي الإطار الواقعي لتسويغ اللبرلة، ويغدو من وجهة نظر هذا الاتجاه كل انتصار هو مؤقت وعابر ومرحلي، وكل مكمن من مكامن القوة ذو قيمة تكتيكية وقليل الفاعلية أمام الثقل الاستراتيجي للآخر وسياساته وإمكاناته، ولا يخفى أن لليبرالية جاذبيتها الطبيعية، حيث تبلغ المسؤولية أدنى درجاتها. والتكيف هو الأداة المفهومية والعملية المثلى في مقاربة الوقائع، وأن منظومات القيم والثوابت تبدو خفيفة وقابلة للتبدل المستمر أما ثقل الواقع ووطأته التي لا ترحم. هكذا ينتج تزاوج الليبرالية مع الراهن العربي بخصوصياته وقضاياه وإشكالياته، دينامياته الخاصة، وهي ديناميات تصب في ناحيتين متناقضتين لكن متكاملتين. ناحية تعبّر عن نفسها "إيجاباً" بنزعة نقدية جارمة، لا هوادة فيها، تقوم على مزيج معقّد من السخط والتشكيك والتبرير في قالب عقلي بارد. وناحية أخرى تعبّر عن نفسها سلباً بنزعة من عدم الاكتراث والتواري والانتظار وربما التعالي الذي يقدّم نفسه على صيغة انسحاب فوقي ونخبوي.
إن هذا الاتجاه الليبرالي العربي أكثر ما يتجلى راهناً في الأوساط الفكرية والأكاديمية والصحافية ولدى النخب التي تحترف الثقافة، ولدى رموز واتجاهات تشغل مواقع سياسية وإدارية داخل الأنظمة ومؤسساتها.
بين هذين الاتجاهين، ثمة ظواهر مشرقة في المجال السياسي العربي الراهن، وهي بمثابة تجارب تشق طريقها الخاص رغم طوق الوعي المأزوم الذي يضغط من كل ناحية والذي تستولده فعاليات اتجاهي الأدلجة السلفية من ناحية واللبرلة من ناحية ثانية.
وبعض هذه التجارب يخترق فعلاً مناخات الكآبة السياسية التي أشرنا إليها سابقاً، ليمارس ترميماً للأحلام المكسورة، وصنع نموذج واعد، دون الذهاب حتماً حد الجزم باكتمال هذه التجارب والقول بعصمتها.
إن هذه القراءة، تزعم أن حزب الله هو ظاهرة بارزة، ونموذج يمتلك الكثير من مميزات الفرادة وعناصر النجاح في المجال السياسي العربي، وبالتحديد كقوة أهلية حية وشديدة الديناميكية، وإذا ما قصرنا السؤال على الإطار الأهلي وحيدنا دور الأنظمة، فقد لا نقع على قوة أو حزب في العالم العربي يمتلك المستوى نفسه من الفاعلية السياسية والامتداد الشعبي والدور الاستراتيجي الذي يتخطى الإطار الوطني لمساحة حركته الجغرافية.
وحيث إن حزب الله أكثر ما اشتهر بدوره العسكري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فإن ذلك حال بصورة غير مباشرة، دون قراءة كلية لتجربته تسمح برسم إسهام هذا الحزب في إدخال مجموعة من الرؤى والمفاهيم والممارسات في المجال السياسي الأهلي العربي الإسلامي، وهذه القراءة الكلية، لا تستند إلى الحضور النصوصي، ولا إلى تميز الخطاب وحدهما، بقدر ما تستند إلى مصداقية التموضع الحي في بنية الوعي العربي الإسلامي المعاصر في مواجهة التحديات المعاصرة وعلى رأسها تحدي الاحتلال الصهيوني. إن هذه المصداقية هي حصيلة غزيرة الاحتواء على مجموعة من الإنجازات الجهادية الفذة والممارسات السياسية المتكيّفة والمفاهيم والمقولات الصلبة.
لقد بدا هذا الحزب الذي يجري عادة تمييزه أصولياً بامتياز، ممتلكاً لأيديولوجية شمولية واستراتيجيات شديدة الطموح وقابضاً على طرف القضية الأعقد في المنطقة وهي قضية الصراع مع إسرائيل، بيد أن ذلك لم يحل دون انغماسه بكل متطلبات العمل الشعبي ميدانياً ومؤسساتياً، ولم يحل كذلك دون انصرافه إلى السياسة اليومية المعيوشة التي تقوم على رؤى تفصيلية وسياقات إنمائية وخدماتية. إن ذلك أفضى إلى إرساء معادلة خصبة حوّلت التناقض العملي بين ضرورات الأيديولوجية وضرورات الواقع إلى تكامل وظيفي. فغدت الأيديولوجية كنسق تعبوي وتغييري ركيزة الاستقرار الفكري والصلابة البسيكولوجية لمشروع كثير الاستهدافات والتحديات والمخاطر. وغدا الاشتباك بالوقائع المتغيرة والانشغال بمنطقها مدخلاً لواقعية سياسية حية وإنسانية ولّدت نموذجها الخاص من العقلانية التغييرية وليس العقلانية الإذعانية. وبالمحصلة انبنت مرتكزات الفكر والممارسة لدى حزب الله على بعدين متداخلين:
بُعد ديني (ولاية الفقيه، التكليف الشرعي، الأحكام، ... إلخ).
وبُعد عملي (خدمة الأمة ومصالح الناس وصون قضاياها... إلخ).
وقد شكّل البعد الثاني امتداداً للبُعد الأول في عملية مدمجة، لم تقم على الفصل ولا التعارض، إنما على التماهي والتطابق.
وبهذا أفلت حزب الله خارج المأزق التاريخي لكثير من الأصوليات الإسلامية (مع تحفظنا على تسمية أصوليات). التي غالباً ما تفضي مشروعاتها في لحظة من لحظات تطورها التاريخي إلى التصادم بين مصالح الأيديولوجية (أو مصالح الحزب والجماعة) من ناحية، ومصالح الأمة أو المجتمع من ناحية ثانية. وبهذا يتولد، لا محالة، الانكسار أو التعثّر أو الفتن المفتوحة على تغريم مستمر للمجتمع بكل فئاته. وفي مراحل متقدمة يستولد جحورية سياسية (من جحر) قائمة على التواري والعدائية وتهميش الذات وبناء عالم منعزل.
تطبيقياً، ورغم الخصوصية الشيعية الأيديولوجية لحزب الله، وهي ما لا يخفيه الحزب، إلا أن مشروعاته الجهادية والسياسية، اتصلت اتصالاً وثيقاً بما يتجاوز هذه الخصوصية في اتجاهات وطنية وعربية وإسلامية، بل هي للدفة والأمانة أقرب إلى هذه منها إلى ضرورات الخصوصية الشيعية، فالمقاومة وطنياً هي مشروع تحريري بامتياز، وعربياً وإسلامياً هي مشروع استنهاض، وفي هذا الاتجاه تندرج شعاراتها ومقولاتها المركزية التي تتعلق بالقدس وفلسطين والوحدة الإسلامية.
إن النجاح الفائق لحزب الله لا يكمن فقط في الإنجازات العسكرية الباهرة للمقاومة، وإنما أيضاً في تقديمه للمقاومة كمشروع توحيدي شامل، لقد نجحت المقاومة الإسلامية في إدراج عميق وإيجابي للكتلة الشيعية في التكوين الثقافي النفسي للأمة كأسرة الاستغناء الأكثري السني والانقباض الأقلوي الشيعي، وهي حققت في ذلك ما لم تتمكن من تحقيقه جهود جبّارة ومتراكمة فقهية وعلمية وسياسية قامت بها مرجعيات وشخصيات دينية وجمعيات تقريب بين المذاهب والأفكار على مدى عقود بعيدة من السنين.
أما لبنانياً، فقد تمكّن الحزب بعد مكابدة لسنين، أن يُخرج المقاومة من الإطار الإشكالي للانقسام الطوائفي والسياسي اللبناني، وبدل أن يخضع الانقسام اللبناني المقاومة لمنطقه ويدرجها في حساباته، اخترقته هي بمنطقها التوحيدي لتسهم بفاعلية في إضافة ركيزة من ركائز التوافق اللبناني اللبناني التي تكاد تكون معدومة، بيد أن الأهم في هذا السياق هو نأي الحزب بالمقاومة أن تكون أداة للاستثمار السياسي، أو وسيلة صراع على السلطة والحضور في مؤسساتها، فالمقاومة وسيلة تحرير كما هي أداة للتكليف الشرعي، بعيداً عن نقاط الاشتباك الحادة، حيث مسرح الصراع على السلطة، بؤرة الانقسام السياسي ومصهر توالد الاضطراب المجتمعي، وبهذا اتسم مشروع المقاومة بنقاء سياسي وطهرانية اجتماعية لا مثيل لهما في واقعنا العربي. إننا هنا أمام قيم تأسيسية مرجعية تعيد تشكيل مفهوم السياسة، السياسة هنا تتحرر من لعبة الاستهداف المباشر للسلطة. أو للتنافس الحزبي المحموم، لتتشكّل على أرضية مصلحية واجتماعية عامة، ولا يعني هذا بطبيعة الحال، شرعنة للتزهيد بالسلطة، إنما إنزالاً لقوام السياسة في غير منزلها التقليدي. إنها السياسة التي تقيم وجهتها على أساس ديني مجتمعي والتي قد تصيب نتائج في غير اتجاه، إلا أن ذلك لا يغير من جوهر هذا القوام الذي يشاد على الدوافع أكثر مما يعني بالنتائج، بتعبير إضافي إن مفهوم السياسة هذا ينشد مراميه في الأمة أكثر مما ينشدها في المكتسبات السياسية المباشرة.
لقد جعل حزب الله الصراع مع إسرائيل بمثابة أيديولوجية سياسية بنى على أساسها تحالفاته وافتراقاته. وتجاوز بذلك كونها بنداً في البرنامج السياسي العربي العام. إنها تحدٍ تاريخي يجب أن يواجه بأدوات تاريخية، وكتلة تاريخية تهضم في إطارها تنويعاً وسيعاً من الاتجاهات الفكرية والسياسية، وبهذا إن الصراع مع إسرائيل سيمتص التناقضات العربية العربية ويوظفها في اتجاه توافقي وخارجي.
إن حزب الله لم يقتصر في مواجهته للتحديات على تجديد المفاهيم وتحولات الأفكار التي تؤسس معنى مختلفاً للسياسة، وإنما استكمل ذلك بفكر تنظيمي بدا كترجمة مباشرة لتلك التحولات وتعبيراً أميناً عنها. ولا يخفى مدى أهمية الاتساق الضروري بين رؤية الواقع والمفاهيم التغييرية والأدوات التنفيذية، وأهمية اندراجها مجتمعة في بنية منسجمة ومتوافقة منهجياً.
من هنا تشكّلت البنية التنظيمية لحزب الله عبر مسار تطوري، استقر على نحو مازج وتكاملي بين قيادة الفرد وقيادة المؤسسة، فقياد الفرد تؤدي دوراً تعبوياً وثورياً واستنهاضياً، تستجيب لطبيعة التحديات الخطيرة والدقيقة التي تتعلق بالسيادة والتحرير والاستهدافات الخارجية، وهذا ما لا تستطيعه قيادة المؤسسة لأنها تظل عاجزة عن التحول إلى رمز، علماً أن القائد الرمز هو من الضرورات الماسة لمجتمعاتنا بتركيبتها الاجتماعية الخاصة، وهو أكثر انسجاماً مع بنية الوعي السائدة في هذه المجتمعات خاصة وأنها لا تزال ذات طبيعة غير مستقرة وتعيش مخاضات المواجهة مع تحديات خارجية.
أما قيادة المؤسسة، فضرورتها تكمن أساساً في القيام أعباء الجوانب البنائية والتنموية الشاملة التي يحتاجها الإطار التنظيمي في مواجهة التحديات المجتمعية والإشكاليات المدنية والحضارية، إلى ذلك يمسي التآلف والتوازن بين قيادة الفرد وقيادة المؤسسة مرتكزاً ضرورياً وحيوياً لشمولية المشروع السياسي وضخ البناء التنظيمي بمقوّمات الاستقرار والفاعلية واستيفاء الأبعاد الثورية والبنائية على حد سواء.





  • مقالات ذات صلة

  • العنوان

    بئرحسن - جادة الأسد - خلف الفانتزي وورلد - بناية الإنماء غروب - الطابق الأول
    Baabda 10172010
    Beirut – Lebanon
    P.O.Box: 24/47

    وسائل الاتصال

    Tel: +961-1-836610
    Fax: +961-1-836611
    Cell: +961-3-833438
    info@dirasat.net

    التواصل الاجتماعي