تناقش هذه الورقة مستقبل الوضع الاستراتيجي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر. من أجل هذا تقدم الورقة تحليلًا مركبًا لفهم موضعهم من الصراع الدائر في مصر والمنطقة العربية وخياراتهم الإقليمية والوطنية. وتحاول فهم أسباب الفشل الإخواني على عدة مستويات 1 - مستوى السلطة والحكم - 2 المستوى الشعبي - 3 المستوى الإيديولوجي) وينقسم هذا المستوى إلى مستويين: الداخلي والخارجي (كما تتطرق بشيء من التفصيل إلى الوضع التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين وترصد أشكال الانقسام، وأسبابه وتداعياته. وتحاول الورقة رصد التفاعلات المختلفة داخل كل مستوى وتفاعله مع الآخر، مثل تفاعل المستوى الإقليمي وعلاقات القوى به وتأثيرهما على البنية التنظيمية للجماعة وتوجهاتها السياسية والفكرية، كما تحاول أن تفعل ذلك أيضًا بين المستوى الإيديولوجي لأفراد التنظيم والخيارات الإقليمية المتاحة في الداخل والخارج.
اعتاد خبراء غربيون متابعون لمسيرة الحركة الإسلامية أنه كلما تعرض إسلاميون هنا أو هناك لنكسة أو حتى لمجرد تراجع في انتخابات، ولو كان طفيفًا، أن يؤذنوا في العالمين بأعلى مكبرات الصوت معلنين عن فشل وانهيار ونهاية الإسلام السياسي. وذلك ما يتردد في ندواتهم وأحاديثهم لوسائل الإعلام التي تستنطقهم باعتبارهم خبراء ينطقون بالحكم وفصل المقال. فما يلبث أمثالهم في بلاد الإسلام وكذا المشتغلون في وسائل إعلامنا أن يتلقوها وكأنها حقائق لا يأتيها الخطأ من بين أيديها ولا من خلفها.
بحلول حزيران/ يونيو 2014، كان تنظيم داعش) الدولة الإسلامية في العراق والشام (قد سيطر على مساحات واسعة من سورية والعراق، في تطوّر وُصف بـ الصاعق والساطع والصارخ، أو المفاجئ والسريع أو السريع شبه النيزكي، إلى آخر ما هناك من صفات. وفي صيف 2016، أي بعد عامين تقريبًا من صعود داعش، كان التنظيم قد خسر معظم تلك المساحات من الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسورية في ذروة صعوده، في سلسلة من الهزائم العسكرية، وُصفت بـ بداية النهاية.
بعد عقود طويلة من الانطواء والانكفاء نحو الداخل لأسباب متعددة، بعضها يتعلق بالثقافة المحلية وأغلبها الانشغال بتأمين المعيشة لما يقرب من خمس سكان العالم. وبعدما حققت الصين قفزة اقتصادية وتكنولوجية متميزة، بالانتقال خلال فترة وجيزة نسبيًا لا تتعدى الثلاثين سنة من دولة زراعية فقيرة ومنعزلة إلى ثاني أكبر اقتصاديات العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية متصدرة بذلك قائمة التجارة الخارجية الدولية بالبضائع مما مكنّها من تكوين احتياطي هائل بالعملات الأجنبية بلغ 5940 مليار دولار حتى نهاية عام2013. بعد ذلك باتت الصين اليوم تشكل قاطرة للاقتصاد العالمي، في مشهد يملي عليها حسابات اقتصادية وسياسية وأمنية خارجية مختلفة تمامًا.
لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية بسبب وجود النفط فيها حيث كان لها نفوذ في كل من السعودية ودول الخليج وإيران، وأيضاً بسبب الالتزام تجاه "إسرائيل" التي تعتبر قضية استراتيجية مهمة بالنسبة للولايات المتحدة.
يظهر التدخل العسكري الروسي في سورية تطورًا إستراتيجيًا حقيقيًا في دور روسيا في مجال التوازن الدولي حيث كانت روسيا تتدخل عمليًا فقط في الجوار القريب منها، كأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وأوكرانيا وشبه جزيرة القرم. وهذه أول مرة تبدي فيها روسيا الاتحادية استعدادها للتدخل في الشرق الأوسط، مما يؤكد عودة دور روسيا كقوة عظمى تسعى للتوازن مع الغرب. ومما لا شك فيه فإن القرار الروسي باستخدام القوة العسكرية فتي سورية كان قرارًا يتجاوز سورية وستمتد آثاره بعيدة المدى إلى الشرق الأوسط والعالم العربي.
للمرة الأولى بعد مضي 37 سنة يصل الطرفان الغرب وإيران إلى توافقٍ على نص مشترك دون أن يتنازلا أو يتراجعا عن مواقفهما الأصولية بحيث أنّه لو تمّ تنفيذ هذا الإجراء بشكل صحيح لكان من شأنه المساعدة في الوصول إلى نموذجٍ لتخفيف التشنجات والتوترات في المستقبل وأحيانًا مدّ أواصر التعاون الثنائي.
شهدت منطقة المغرب العربي بعد الثورات مرحلة غير مسبوقة تضع مستقبل الإقليم على المحك. وثمة مؤشرات إلى حالة التفكك والتجزئة التي يشهدها العديد من دول الثورات، في ظل ظواهر داخلية جديدة أبرزت مشاهد العنف وعدم القدرة على تحقيق التوافق الداخلي، والعجز عن الإمساك باللحظة التاريخية التي أسفرت عن مسار تغيير سياسي ربما يكون شاملًا وحاسمًا.
ليست العلاقات الإفريقيّة العربيّة حديثة، إذ تفيد الدراسات التاريخية بكونها نشيطة منذ العصر الجاهلي، حيث تميّزت بالعمق والتنوع والثراء؛ وشكلت منظومة متداخلة على نحوٍ مأثور في التطور التاريخي للعلاقات الدولية؛ تجلت في محطات مهمة، وفي مواقف عدة وشخوص كثر؛ بداية بالمشتركات الوثنية؛ ثم بالانتشار المتبادل للمسيحية واليهودية، ومع مجيء الإسلام بنيت علاقات دولية راقية؛ عبرت عن الاحترام والتسامح والعمق الإنساني العظيم للحضارة العربية.
بعد مرور نحو خمس سنوات على الثورات العربية، كما تم التأصيل لها، وانتهاء بعضها واستمرار ما تبقى منها من اهتزازات وصراعات، يصعب توصيف ما حدث بالربيع العربي أو بالثورات. لم يكن هناك دور بارز للدول العربية من زاوية التواصل والتأثير في الأحداث، ولكن برز لاعبون أساسيون في الإقليم، تركيا، وإيران، و "إسرائيل" وهي الدولة التي كانت تراقب بأدق التفاصيل وتحسب كل شيء وفقًا للمصالح الاستراتيجية وبمنظار الأمن القومي الإسرائيلي. وما زالت نتائج تلك الثورات أو الاهتزازات مؤثرة في معظم الدول العربية التي طالتها. وبمعزل عن نتائجها وقيمتها، فقد أدخلت المنطقة في دوامة من الصراعات والتحالفات الإقليمية والدولية ولا تزال بلورة البيئة السياسية على جدول أعمال الدول الفاعلة في المنطقة.
العنوان
بئرحسن - جادة الأسد - خلف الفانتزي وورلد - بناية الإنماء غروب - الطابق الأول
Baabda 10172010 Beirut – Lebanon P.O.Box: 24/47 وسائل الاتصال
متفرقات
|