كتابات الموقع > حسب الموضوع> مقالات: الحرب الثقافية: ثقافة القوة بمواجهة قوة الثقافة
مقالات: الحرب الثقافية: ثقافة القوة بمواجهة قوة الثقافة
الدكتور محسن صالح*

يتعرض العالم الإسلامي لهجمة غربية مستعرة ومتجددة على الدوام. يقوم بهذا الدور العنصري والمستكبر الولايات المتحدة – وريثة الاستعمار الغربي – وأذرعتها من دول غربية تابعة وأنظمة سياسية عربية و"إسلامية"، لا تملك زمام أمورها ولا استقلاليتها ولا ثقافة بلاد تحكمها.
تتمثل هذه الهجمة تارة بالغزوات العسكرية (أفغانستان، العراق، الصومال، الوجود العسكري في الخليج) وطوراً بتأجج الحروب الداخلية والفتن والتحريض (لبنان، فلسطين، العراق، الصومال، اليمن...الخ) ... وبالحرب الثقافية: وهي الأعنف والأكثر شمولية واستدامة والأعظم خطورة ودلالة.
ولأن العامل الوحيد والأساس الذي يُبقي الإسلام حياً في قلوب وعقول المسلمين هو العامل الثقافي – لتماهي الإسلام مع ثقافة الشعوب الإسلامية عامة والعربية خاصة – فإننا نجد أن السهام الأمريكية – الغربية موجهة إلى هذا العامل الثقافي وبنيته الشاملة والمركبة.
وإذا كان الغرب وأمريكا يريدان ضرب البنى الثقافية الإسلامية برمتها – لعدم اعترافهم الحقيقي بأصولها – فإن أول ما يريدان تحطيمه هو الإسلام الدينامي – الجهادي، لأنه الجزء النابض والحافظ لاستمرار هذه "الأمة" وثقافتها، ولأنه الوحيد الذي يمنع الغرب من السيطرة الكاملة على الشعوب والبلاد والثروات. فهناك تماهياً – إلى حد التطابق - بين وجود شعب ما وثقافته، خاصة المسلمون العرب.
من هنا نجد أن الولايات المتحدة، وأذرعتها في الغرب وغيره، تسعى إلى عزل وتطويق وضرب الدول والحركات الإسلامية التي ترفع شعارات وتعمل فعلاً على الاستقلال والتحرر والتغيير والنمو الذاتي المنطلق من الإسلام التغييري. الجمهورية الإسلامية في إيران وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحركة الجهاد الإسلامي، وحزب الله، و"جمهورية السودان" إلى حدٍ ما.. نماذج ماثلة، وإن كانت الجمهورية الإسلامية في إيران تتعرض منذ نشأتها وانتصارها إلى أبشع أنواع الحروب الثقافية والسياسية والاجتماعية، والتهديدات العسكرية، لما تمثله من نقطة انطلاق وجذب لتوجهاتها الإسلامية الأصيلة التي لم تتغير يوماً ولم تتراجع عن ثقافة الخط الاستقلالي والرسالي. وهي قدمت النموذج لدولة إسلامية ذات سيادة وتحد للاستكبار في سياساتها الداخلية وفي علاقاتها ومواقفها الخارجية.
هذه الدولة – والقوى الحليفة لها – وجدت طريقها إلى تحقيق انتصارات على القوى الاستكبارية: الأمريكية – لم يكن سهلاً على أمريكا أن تخسر إيران الشاه. وحقق حزب الله إنجازات ذاتية: قوة، مناعة، إرادة انتصار، وانتصارات بيِّنة على العدو الصهيوني منذ نشأته والى انتصار تموز 2006، وبقي التهديد الاستراتيجي الوحيد لإسرائيل في المنطقة (على حد - تعبير وزير دفاع العدو الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز).
وحركة حماس التي استطاعت أيضاً وفي ظرف زماني قصير نسبياً أن تكتسح الشارع الفلسطيني وحققت انجازات ذاتية وعلى أرض المقاومة، إضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي.
هذه القوى استطاعت أن تفعِّل وان تعمل بهدي العناصر الثقافية الموحِّدة والمعمقة للتوجهات التحررية والجامعة لكافة شرائح وقوى الشعب العربي والإسلامي، في الوقت الذي لم تستطع فيه الأنظمة الحاكمة أن تقدم نموذجاً راقياً واحداً، وخاصة الدول التي ارتمت ثقافياً وسياسياً في أحضان الغرب – أمريكا، ونأت بنفسها عن مجتمعاتها وقضاياهم حيث أضحت بحكم المغتصب للسلطة لأن هذه الطبقة السياسية لا تمثل مصالح وثقافة شعوبها (وهذا ما أدى إلى احتضانها غربياً وأمريكياً ومساندتها ضد شعوبها).
وهكذا أضحت الشعوب الإسلامية بلا دول حقيقية ولا سلطات تحمي كياناتها وثقافتها وفي ذات الوقت تتعرض لأقسى العقوبات عبر ضرب مقوماتها الثقافية.. لهذا فهي بحاجة للعودة الحقيقية والمعمقة لثقافتها لتنقذها من الوضع المتردي الذي وصلت إليه: الحرية الجماعية والسيادة على ثرواتها والاستقلال عن حكامها والمستكبرين.
•    الهدف الأولي للحرب "الثقافة":
وبما أن أحد أهم عناصر الثقافة اللغة وأحد أهم عناصر اللغة هو إيجاد "المعنى" (والمعنى هنا هو الكليات الأصيلة لقيم الحياة وغاياتها وأهدافها وأنماط السلوك فيها وبها...).
لهذا فإن الحرب الحقيقية هي حرب ثقافية (وكما وصفها صاموئيل هنتغتون بأنها حرب حضارات.. ( كان أدق لو استخدم ثقافات لأن الحضارات لا تتصادم أو تتصارع لأن الصراع هو بالتالي منوط أو مجاله القيّم) وهي حرب قيم ثقافية متأصلة في نفوس وعقول وسلوك أي شعب من الشعوب. من هنا نجد أن أمريكا – تسهيلاً وإطباقاً لغزوها – قد قسمت الحركات الإسلامية إلى أربع:
الحركات الأصولية – الحركات الصوفية – الحركات السلفية والحركات العلّمانية (مرفق تقسيم شيريل بينارد).
الغاية من هذا التقسيم هي معاينة واقع ومنطلقات هذه الحركات وخاصة التي تقاوم الغزو الأمريكي / الغربي للقيام بعزلها وتطويقها وفصلها عن الحركات والمجموعات التي تساوم أو التي تهتم بالجانب العقائدي النظري معزولاً عن السلوك الجماعي الواقعي في بلد من بلدان العالم الإسلامي، لكي لا تنتقل عناصر المقاومة للقوى ذات الانتماء الثقافي الموحد/ المشترك، خاصة وأن البلاءات الواقعة على بلد إسلامي ما هي (تقريباً) ذاتها واقعة على بلد آخر. (فعند ما يتم الهجوم/ (يدنس) على القرآن الكريم فإن كافة الشعوب الإسلامية تشعر بالغضب والأذى وكذلك محاولات تشويه صورة النبي محمد (ص)، وهكذا بالنسبة للمقدسات (القدس – فلسطين)، وغير ذلك مما يشكل قيمة ومشاعر مشتركة بين المسلمين. إن الأبعاد الحقيقية لهذه القيم المقدسة والمشتركة بين المسلمين هي ما يجعلهم يشعرون بقوتهم وببقائهم المعنوي والقيمي من خلال حفظها والتمسك بها كقيم سامية وكقيم تهدي السلوك الجمعي نحو الوجود الحقيقي.
وبهذا المعنى تصبح كلية الثقافة هي الهوية التي يبحث عنها كل إنسان بالفطرة وبالمعايشة. وإذ سلمنا حقاً مع الفلاسفة بأن الاجتماع ضرورة إنسانية، فإن الثقافة هي ضرورة الجماعات في الوجود والتعاون فيما بينها، وهي ضرورة القانون والشريعة، وهي ضرورة العاطفة والشعور المشترك – كاللغة تماماً. فلا تفاهم بلا لغة ومعنى، ولا معنى بلا دلالة، ولا دلالة بلا قيمة، ولا قيمة بلا انفعال تجاهها، سلباً أو إيجاباً، ولا إنتاج بلا تعاون، ولا أوطان بلا مجموعات، ولا مجموعات بلا شرائع وأعراف وممتلكات وتاريخ وجغرافيا وعلم ومعرفة.. وهذا كله معنى الثقافة التي تشكل روح الحضور الإنساني، الذي يسميه المؤرخون "الحضارة".
وعلى هذا القياس والاستقراء تصبح الذات ذاتاً، والآخر آخراً، لكل منهما ثقافته وهويته، لغته وقيمهُ، مقياسه ووجوده، وعلى هذا الأساس أيضاً يصبح الشعور بالأنا والجماعة، والشعور بالغضب والحزن أو الفرح والانفتاح، والقوة الضعف، والثورة أو الخنوع، النقمة أو النعمة، الظلم أو العدل، التسامح أو الإلغاء، السعادة أو القهر.
أن الثقافة هي لغة جماعة ما تجاه ذاتها واتجاه جماعة أخرى. الجماعة تفاخر وتعتز بثقافتها بقدر ما تحتويه من قيِّم إنسانية تشعر الآخر بالاطمئنان، لأن الثقافة ورموزها هي نتاج لنمو نفسي فردي وجماعي يجري في بوتقتها انصهار العقل والقلب ليخرج عنهما ما وضع بهما أصلاً.. والتغيير، أي تغيير، والثورة أي ثورة، إنما يأتي كرد على الانحراف الذي لحق ببعض النفوس عن جادة الأصول الفطرية والإنسانية وعن قيم الحق والخير والجمال الإلهية الكاملة والمتكاملة. الكاملة بذاتها والمتكاملة مع بعضها.
بالاستناد إلى هذه المقدمة الشاملة والعامة والظاهرة في آن، ولتحديد أعمق لمؤشرات ومعطيات الحرب التي تشنها أمريكا/ الغرب، لا بد من إلقاء الضوء على العناصر التالية:
المقدمة: 1 ـ ما هي الثقافة وعناصرها:
أ ـ التعريف: هي كل مركب يشمل العادات والتقاليد والمفاهيم والسلوكات الجماعية لمجموعة من الناس، وهي أيضاً، كل ما أنتجه العقل الإنساني لجماعة في علاقاته مع الطبيعة ومع الجماعات الأخرى، وهي الإنتاج المادي والروحي من شرائع وقوانين وأعراف وسياسة واقتصاد وفنون ولغة ورموز.
ب ـ تحليل العناصر الثقافية للشعوب الإسلامية: العادات والتقاليد/ الآداب والقيم والسلوكات العامة.
ج ـ ما هي الثقافة الإسلامية وأصولها..
1 ـ القرآن / الوحي / الإيمان بالله الواحد القهار. (الترابط...)
2 ـ الإيمان بالنبوة – لماذا ؟
3 ـ الإيمان باليوم الآخر.
4 ـ الإمامة ودورها في حفظ الشريعة.  العصمة ومكانتها في المقدس (لماذا؟)
د ـ عناصر إبقاء الدعوة وتمثلاتها النظرية والعملية.
ـ المقدسات، العبادات.
ـ الأرضيات / الواقعيات / العناصر الفردية... والجماعية / المعاملات.
هـ ـ موقع الجماعة وموقع الفرد. (كنتم خير أمة..)
ـ الجماعات التي تشكلت منذ يوم السقيفة...
ـ ثقافة كل جماعة والتوجهات والتصورات عن الأصول..
ـ علاقة هذه الجماعات بالأصول والفروع (بالمقدس الاعتقادي الجوهري وبغير المقدس اليومي المتغير..)
أولاً:
1 ـ المدارس / أو المذاهب الإسلامية وبداية التغير الثقافي في العادات والتقاليد والنظرة إلى المقدس الأبدي والحياة المتغيرة (الجهاد / الأمر بالمعروف..).
2 ـ الإمامة وطريق الحق والعدالة (العصمة وموجباتها الدنيوية)
3 ـ الشيَّع المنشقة عن الإمامة، انحراف اللغة والثقافة وإتباع السياسة والهوى. (عهد معاوية ذروة الانحراف ومن تبعه)
4 ـ بنو أُمية والردة الجاهلية / مقاييس ثقافية بحاجة إلى تدقيق (الجبر والاختيار).
5 ـ الجهاد والاجتهاد طريق التجديد بعد غيبة الإمام (عج).
ثانياً: "الأمة" الإسلامية في العصر الحديث: قضاياها وثقافتها بعد السلطنة العثمانية.
1 ـ التجزئة وتشويه الثقافة المشتركة لشعوب الأمة/ فك الجماعة.
2 ـ العودة إلى القبيلة والغنيمة.
3 ـ تشوه العقل في العلاقة مع الآخر الغازي / الغربي.
4 ـ عقدة النقص تجاه الآخر وثقافته: نماذج من الدفاع عن ثقافة الأمة: الأفغاني، الملا الشيرازي، علماء الشيعة عامة.
5 ـ الثورة الإسلامية / الإمام الخميني (قده) والعودة إلى الثقافة الإسلامية الأصيلة ومفاتيح القوة..
6 ـ الحركات الإسلامية صنفان: جهادي أصولي/ وسلفي قَبْلَي.
7 ـ بداية عودة بقايا الأمة إلى "إعادة النظر" بالذات والآخر (حزب الله والدور الثقافي الريادي – بعث روح الأمة – واللغة التجديدية).
8 ـ المفاهيم الثقافية التي تعمق وتجدد وتنهض بالأمة ...
ثالثاً: الثقافة الغربية وأدوات الغزو..
•    القيم ومبادئ الفكر الغربي:
1 ـ المقدسات في الفكر الغربي.
2 ـ هل من علاقة بين المقدس الغربي بالحياة اليومية.
3 ـ النظرة إلى الذات.
4 ـ النظرة إلى الآخر.
5 ـ هل من ثقافة للدنيا والآخرة.
6 ـ أسباب قوة الغرب (الأنا وكره الآخر).
7 ـ مواقع الضعف في ثقافة وقيم الغرب.
رابعاً: نحو ثقافة عالمية بديلة
العولمة الغربية: وسائل الاتصال وتكنولوجيتها لا تصنع عولمة..
1 ـ منطلقات العولمة الغربية:
ـ القوة العسكرية
ـ القوة التكنولوجية
ـ الشعارات الإنسانية وزيفها: حرية – ديموقراطية – أسواق
2 ـ هل القيَّم الغربية يمكن أن تكون إنسانية؟!
خامساً: عالمية الثقافة الإسلامية
ـ عودة إلى القيم:  العدالة / المساواة، الحق، الخير ، الجمال، الإنسانية مع الله/ وليس وحدها...
خلاصة: المعاني الأبدية للقيم الإسلامية (كلية المعنى في مقابل جزئية وشخصانية الغرب)...
ـ كيف نحول ثقافة الأنا من الآنا إلى ثقافة "نحن" و"هم".
ـ كيف يصبح الاختلاف بالمعنى والقيمة وليس في القوة وعناصرها المادية...
ـ كيف يكون البقاء للأصلح (من حيث القيَّم) وليس للأقوى من حيث التكنولوجيا...





  • مقالات ذات صلة

  • العنوان

    بئرحسن - جادة الأسد - خلف الفانتزي وورلد - بناية الإنماء غروب - الطابق الأول
    Baabda 10172010
    Beirut – Lebanon
    P.O.Box: 24/47

    وسائل الاتصال

    Tel: +961-1-836610
    Fax: +961-1-836611
    Cell: +961-3-833438
    info@dirasat.net

    التواصل الاجتماعي