كتابات الموقع > حسب الموضوع> مقالات: عدم جواز سحب مشروع القانون الدستوري المتعلق بتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة
مقالات: عدم جواز سحب مشروع القانون الدستوري المتعلق بتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة
د. محفوظ سكينة

لقد ورد في بعض وسائل الإعلام، أن الحكومة، قد تبادر إلى سحب مشروع القانون المتعلق بتخفيض سن الاقتراع، كما أعلن أحد الوزراء، في 3/2/2010، أنه وجه كتاباً "إلى الأمانة العامة" لمجلس الوزراء، يطلب فيه سحب مشروع القانون المتقدم ذكره.
تملك الحكومة بموجب المادة 18 من الدستور (تعديل 1990) صلاحية تقديم مشاريع قوانين، ومشاريع قوانين معجلة، إلى مجلس النواب استناداً إلى المادة 58 من الدستور.
وبشأن هذه المشاريع، فان الحكومة، تتمتع، وفقاً لما هو متفق عليه، علماً واجتهاداً، بسلطة استنسابية وتقديرية، فهي غير ملزمة بتقديم أي مشروع قانون إلى مجلس النواب، كما أنه يعود لها سحب أي مشروع أن رأت ذلك مناسباً.
ويتم إحالة مشاريع القوانين على مجلس النواب أو سحبها، بموجب مرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص ويعتبر هذا المرسوم عملاً حكومياً غير خاضع لرقابة القضاء الإداري.
C΄est ainsi que la jurisprudence refuse de reconnaître les reeours contre un décret portaut projet de loi: (C.E.g mai, 1q51, Mutuelle nationale des Etudiants de France. P. 253), de retrait d΄un projet de loi (C.E.19 janvier 1934, compagnie Marseillaise de Navigation à vapeur, p. 985. 1937, 111, 41, note Alibert (traité de contentieux Administratif par Auby et Drago. 3éme Edition. Tome premier, 1984. no 105, p. 174).
وعلى غرار الاجتهاد الفرنسي، فإن مجلس الشورى في لبنان، يعتبر أن علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، تدخل في نطاق الأعمال الحكومية، غير الخاضعة لرقابة القضاء الإداري  (م.ش.ل. قرار رقم 4 تاريخ 19-1-977 مجلس القضايا، غير منشور. اجتهاد القضاء الإداري في لبنان- الجزء الأول، 1981، القسم المتعلق بالأعمال الإدارية ص 30).
ويدخل حكماً ضمن هذا النطاق، إحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب، أو سحبه.
وعلى الحكومة، بالإضافة إلى مشاريع القوانين العادية، أن تقدم مشروع قانون يتعلق بتعديل الدستور بناء على اقتراح رئيس الجمهورية استناداً إلى المادة 76 أو أن تضعه بناء على اقتراح نيابي وفقاً للمادة 77 من الدستور.
إلا أنه، وبخلاف مشاريع القوانين العادية التي تملك بشأن تقديمها إلى مجلس النواب أو سحبها، سلطة استنسابية، فإن الحكومة، لا تملك مثل هذه الصلاحية، بشأن تقديم مشاريع قوانين دستورية لا سيما الموضوعة بناء على اقتراح نيابي وذلك سنداً للمادة 77 التي جاء فيها ما يأتي:
"يمكن أيضاً إعادة النظر في الدستور بناء على طلب مجلس النواب فيجري الأمر حينئذ على الوجه الآتي:
يحق لمجلس النواب في خلال عقد عادي وبناء على اقتراح عشرة من أعضائه على الأقل أن يبدي اقتراحه بأكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً بإعادة النظر في الدستور.
على أن المواد والمسائل التي يتناولها الاقتراح يجب تحديدها وذكرها بصورة واضحة، فيبلغ رئيس المجلس ذلك الاقتراح إلى الحكومة طالباً إليها أن تضع مشروع قانون بشأنه، فإذا وافقت الحكومة المجلس على اقتراحه بأكثرية الثلثين وجب عليها أن تضع مشروع القانون وتطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر وإذا لم توافق فعليها أن تعيد القرار إلى المجلس ليدرسه ثانية الخ..."
يتبين بوضوح، أن المادة 77 تشكل تقييداً لصلاحية مجلس النواب التشريعية، وإخلالاً بالمبدأ البرلماني القائم على التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، المنصوص عنه، في الفقرة هـ، من مقدمة الدستور، باعتبار أن المشرع، اعتمد، من اجل إقرار أي تعديل دستوري مقترح من قبل مجلس النواب، آلية معينة، تتضمن القيود والمراحل التالية:
-   أن يكون مجلس النواب في عقد عادي
-    أن يقترح عشرة من أعضاء المجلس على الأقل التعديل الدستوري.
-    أن يوافق مجلس النواب بأكثرية الثلثين على اقتراح التعديل.
-    يبلغ رئيس المجلس اقتراح التعديل إلى الحكومة طالباً إليها أن تضع مشروع قانون بشأنه.
-    إذا وافقت الحكومة، يترتب عليها أن تضع مشروع التعديل وتطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر.
-   إذا لم توافق، فيتوجب على الحكومة أن تعيد القرار إلى المجلس ليدرسه ثانية الخ...
إن الحكومة، بالاستناد إلى ما تقدم لا تملك حرية التقدير بشأن اقتراح التعديل، فهي ملزمة دستورياً، أن تضع مشروع قانون التعديل خلال مهلة معينة، أو أن تعيد القرار إلى المجلس.
إن وضع مشروع القانون من قبل الحكومة، بعد الموافقة عليه، يشكل مرحلة من مراحل التشريع الدستوري. وبعد إحالته على المجلس، تفقد الحكومة أية صلاحية بسحبه، لأن القول خلال ذلك، يؤدي إلى تعطيل المادة 77، وهذا الأمر غير جائز دستورياً.
وبالعودة إلى مشروع القانون المتعلق بتعديل سن الاقتراع إلى 18 سنة، يتبين، أنه مشروع قانون دستوري يتعلق بتعديل المادة 21 من الدستور، وان الحكومة وضعته تطبيقاً للأحكام الواردة في المادة 77، ومن ثم إحالته على مجلس النواب بغية إقراره. ولا يجوز لها بالتالي، بعد الإحالة، أن تسترده، لأن سحبه من شانه أن يؤدي إلى تعطيل التشريع الدستوري المبني على اقتراح نيابي.
وفي مطلق الأحوال، يبقى مجلس النواب، ملزماً بمتابعة درس مشروع القانون، سواء تم سحبه أم لا من قبل الحكومة.
ويمكننا، أن نستخلص، من كل ما تقدم، أن الحكومة لا تستطيع دستورياً أن تسترد مشروع القانون الدستوري المتعلق بتعديل سن الاقتراع إلى 18 سنة، ويتوجب على مجلس النواب البت به، في جميع الحالات.





  • مقالات ذات صلة

  • العنوان

    بئرحسن - جادة الأسد - خلف الفانتزي وورلد - بناية الإنماء غروب - الطابق الأول
    Baabda 10172010
    Beirut – Lebanon
    P.O.Box: 24/47

    وسائل الاتصال

    Tel: +961-1-836610
    Fax: +961-1-836611
    Cell: +961-3-833438
    info@dirasat.net

    التواصل الاجتماعي