كتابات الموقع > حسب الموضوع> مقالات: رأي في قانونية خصخصة قطاع الاتصالات
مقالات: رأي في قانونية خصخصة قطاع الاتصالات
المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق

أثيرت، بمناسبة ذهاب الحكومة، إلى خصخصة قطاع الاتصالات الخلوية، نقاشات حول قانونية إجراء عملية الخصخصة بمرسوم يصدر عن الحكومة دون العودة إلى السلطة التشريعية لإصدار قانون يجيز ذلك، وانقسم الرأي حيال ذلك بين من يفتي بصلاحية الحكومة لإتمام عملية الخصخصة وبالتالي شرعية العملية وبين من يرى ضرورة صدور قانون عن المجلس النيابي ينظم نقل قطاع الاتصالات إلى القطاع الخاص.
 ويتذرع أصحاب الرأي الأول بان القانون رقم 228 (تنظيم عمليات الخصخصة) وقانون تنظيم قطاع الاتصالات رقم 431، أعطيا نوعاً من التفويض للهيئة الناظمة لتقوم بالعملية من دون الحاجة إلى تشريع يصدر عن مجلس النواب، وهنا ينبغي مناقشة المادتين المتعلقتين بالخصخصة والترخيص في القانون 431 المادتان 46 و19، فإذا كان أصحاب هذا الرأي يستندون إلى نص المادة 46 من القانون رقم 431، التي تنص على انه: للحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء وخلال مهلة أقصاها سنتان من تاريخ إنشاء الشركة أن تبيع نسبة لا تتجاوز الأربعين بالمئة من أسهم الشركة من مستثمر في القطاع الخاص يتمتع بالخبرة والاختصاص والشهرة في مجال الاتصالات وذلك عبر مزايدة عالمية ووفق دفتر شروط يضعه المجلس الأعلى للخصخصة بناء على اقتراح الوزير ويصدر بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء...
فإننا نرى أن أصحاب هذا الرأي يتبنون فهماً خاطئاً للنصوص القانونية للأسباب التالية:
1- أن شركة LT لم تؤسس بعد، وبالتالي لا يمكن الحديث عن بيع أسهم شركة لم تؤسس مع العلم بان نية المشترع اتجهت إلى الخصخصة من خلال بيع الدولة أسهم شركة LT، ودليل ذلك أن المادة 46 وردت في القسم الخاص بالخصخصة مادة وحيدة ولم يرد أي نص آخر في القانون يتعلق بالخصخصة سواها.
2- إن القانون رقم431 تاريخ 22/7/2002 (تنظيم قطاع الاتصالات) يستند في الجانب المتعلق منه بتحويل قطاع الاتصالات إلى القطاع الخاص، إلى القانون رقم 228 تاريخ 31/5/2000 المتعلق بتنظيم عمليات الخصخصة وتحديد شروطها ومجالات تطبيقها.
3- إن القانون رقم228 الذي يستند إليه القانون 431 نص في المادة الثانية منه على ما يلي:
يتم تحويل ملكية المشروع العام وإدارته إلى القطاع الخاص بقانون ينظم القطاع الاقتصادي المعني بعملية التحويل، ويحدد القانون أسس تحويل ومراقبة المشاريع المخصخصة، عن طريق هيئات رقابية مستقلة تنشأ لهذه الغاية، ويحدد كذلك المدة القصوى للتراخيص الممنوحة للعمل في القطاع وفقاً لأحكام المادة 89 من الدستور.
4- إن القانون 228 يستند إلى نص المادة 89 من الدستور التي تنص على انه: لا يجوز منح أي إلتزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون والى زمن محدود.
5- إن نص المادة 89 من الدستور يستوجب صدور قانون عن المجلس النيابي موضوعه فقط منح إلتزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو احتكار أي انه يفرض وجود نص خاص يرعى كل حالة وليس نصاً عاماً يستوعب كل الحالات.
6- إن أي قانون يخالف نص المادة 89 من الدستور هو قانون غير دستوري يهمل ولا يعمل به بوجود النص الدستوري الصريح الذي يسمو على مجموعة الأعمال التشريعية في الدولة، وبالتالي لا يجوز التذرع بالقانون رقم 431 إذا تضمن مخالفة للدستور، مع اعتقادنا بان المادة 46من القانون 431 تتناول حالة الخصخصة الجزئية لقطاع الاتصالات وليس بيعه بالكامل وهذا ما يمكن فهمه من البند 2 من المادة 44 من القانون رقم 431 التي نصت على أن أسهم شركة ليبان تلكوم مملوكة بالكامل للدولة اللبنانية إلى حين تخصيص الشركة كلياً أو جزئياً، وهذا يعني أن عملية التخصيص تستدعي قانوناً خاصاً ينظمها ويبين ما إذا كانت خصخصة جزئية أم كلية وفقاً لواقع العملية.
7- أما مفهوم الترخيص الوارد في المادة 19 من القانون 431 فإنه لا يعني بأي حال من الأحوال إمكانية الخصخصة بمرسوم في مجلس الوزراء فالترخيص هو صلاحية ممنوحة للإدارة بحكم فصل السلطات وتسيير المرافق العامة، والترخيص هو عمل إداري بحت ليس من شأنه نقل الملكية، خاصة إذا ما علمنا أن الدستور اللبناني يحمي الملكية بنصه في المادة 15 على أن الملكية في حمى القانون فلا يجوز أن ينزع من احد ملكه إلا لأسباب المنفعة العامة في الأحوال المنصوص عنها في القانون وبعد تعويضه منها تعويضاً عادلاً.
والملكية التي كفلها الدستور هي ملكية الأفراد وملكية الدولة.: ولذا فإن صلاحية الترخيص المنصوص عنها في المادة 19 من القانون 431 هي تفويض للسلطة التنفيذية بإدارة ملكية الدولة في قطاع الاتصالات وليست تفويضاً ببيعها ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص، لان نقل الملكية هنا هي عملية نزع لها تستوجب توفر شروط حددها الدستوري هي:
-   وجود منفعة عامة تستلزم نزع الملكية.
-  صدور قانون عن السلطة المشترعة ينظم هذه المسألة ويضمن تعويضاً عادلاً مقابلها للدولة.
-   تضمين القانون نصاً صريحاً يجيز عملية نقل الملكية ويحدد الجهة المخولة تمثيل الدولة فيها.
خلاصة:
برأينا إن أي عملية خصخصة، إنما تتناول ثروة أو مورد من موارد البلاد أو مصلحة ذات منفعة عامة، وبوجود النص الخاص في الدستور اللبناني الذي يفرض صدور قانون يرعى وينظم منح أي إلتزام أو امتياز لاستغلال أي مورد من موارد البلاد أو ثروتها أو منفعة عامة فيها تنتفي إمكانية الاجتهاد ويصبح لزاماً صدور قانون لذلك عن مجلس النواب تحت طائلة بطلان أي عمل مخالف. 






  • مقالات ذات صلة

  • العنوان

    بئرحسن - جادة الأسد - خلف الفانتزي وورلد - بناية الإنماء غروب - الطابق الأول
    Baabda 10172010
    Beirut – Lebanon
    P.O.Box: 24/47

    وسائل الاتصال

    Tel: +961-1-836610
    Fax: +961-1-836611
    Cell: +961-3-833438
    info@dirasat.net

    التواصل الاجتماعي