مقالات: عن اتجاهين يتجاذبان مستقبل المنطقة

مقالات: عن اتجاهين يتجاذبان مستقبل المنطقة

التحول الذي تقوده شعوب المنطقة، يحرك نقاشا راكدا بشأن خيارات سياسية واجتماعية أُجل البت بها مرات عدة. وليس صعبًا تميز خيوط هذا النقاش، المتلونة بألوان المصالح والغايات المتشابكة أو المتضاربة، ولا تتلاقى جميعها مع آمال المنتفضين وأمانيهم. فهناك من يجد في التطورات العربية، فرصة نادرة لإنقاذ بعض إيديولوجيات العولمة التي أصيبت بانتكاسات خطيرة، ويرى فيها آخرون حدثاً عالمي الطابع لا ينبغي تركه للقائمين عليه وحدهم، بل لا بد من تعريضه لشتى أنواع التدخل والاحتواء والاختبار.

 مقالات: التبعية المالية..دائرة مقفلة

مقالات: التبعية المالية..دائرة مقفلة

لا تخفى العلاقة الجدلية بين التبعية والهشاشة الاقتصادية. فالارتباط بالخارج يزيد الانكشاف على المخاطر، أما مظاهر الاضطراب والأزمة فتدفع إلى الارتماء أكثر فأكثر في أحضان المانحين والواهبين ومقدمي النصح الخارجيين. هذا على الأقل ما بينته تجربة السنوات الأخيرة، حين تزامن ضعف النشاط الاقتصادي وفشل توقعات النهوض في لبنان مع تخل منهجي عن السيادة الاقتصادية، فبات صعباً أن نتخذ قراراتنا الأهم دون التحسب لردود الفعل الدولية، وللجوائز أو الجزاءات المترتبة عليها.

 مقالات: الانتفاضة العربية على حدود النفط

مقالات: الانتفاضة العربية على حدود النفط

انتقلت الانتفاضات العربية بسرعة من فضاء اقتصادي / اجتماعي إلى آخر، وهي الآن تطرق أبواب النفط وجغرافيا القبائل والمذاهب. وهذا يعد اختباراً لقدرة الشعوب المنتفضة على تجاوز انقساماتها العميقة، وتحدياً للغرب الذي سيجد نفسه مرغماً على حماية مصالحه، حتى لو استوجب ذلك منه التخلي عن المساندة اللفظية لما يسميه التحول الديمقراطي. لقد انصب اهتمام واشنطن في حالتي مصر وتونس على تقصير أمد الثورة، وقطع تسلسل أحداثها قبل ان تصبح جذرية وراسخة، لكنها تبدو أقل حذراً إزاء ما يحدث في دولتين نفطيتين، حيث تلوح تارة باستعمال القوة وتقدم دعماً خفياً لأنظمة مستبدة تارة أخرى.

 مقالات: الاستبداد وصناعة الفساد المعولم

مقالات: الاستبداد وصناعة الفساد المعولم

الفساد الأسطوري هو أحد ما كشفت عنه الثورتان المصرية والتونسية. وسواء كان المال المنهوب مئات مليارات الدولارات أو بضعة مليارات فقط، فقد غدت هذه الظاهرة عاملاً مقررا لمسار النمو ومصير التنمية، ومتحكماً بقدرة الحكومات على الجباية والإنفاق، وبالقنوات التي يتم من خلالها تقاسم الثروة. لا يقتصر الفساد على الدول النامية بل يطرق أبواب الدول المتقدمة أيضا.

 مقالات: التغيير والنخب المضادة

مقالات: التغيير والنخب المضادة

قبل عقدين انهارت الأنظمة في أوروبا الشرقية، حالما فقدت الغطاء الدولي الذي مثله لها المعسكر الاشتراكي. ويترنح الآن نظام إقليمي قريب من الغرب بعد أن تمزقت المظلة الدولية التي رعته مدة طويلة. صحيح أن أميركا التي تحتل العراق صارت جزءاً من المنطقة، لكنها مع ذلك أو ربما بسببه، فقدت مهارتها اللازمة للقيام بنقلة أخرى على رقعة شطرنج تضيق باطراد. فهي اليوم مشغولة بهمومها الخاصة: حماية ذاتها من تبعات أفعالها وإزالة الفوضى التي خلفتها، ولملمة ذيول نكساتها وتوقعاتها الخائبة، ولن يكون لديها متسع من الوقت أو الجهد للتفكير بشرق أوسط جديد، ولا لتعويض حلفائها في المنطقة عن نقص شرعياتهم السياسية والوطنية والتنموية، كما كانت تفعل دائما..

 مقالات: لا نحل الأزمات بل نغير ملامحها

مقالات: لا نحل الأزمات بل نغير ملامحها

مع بدء هذا العام نكون قد طوينا عقدين من سياسات ما بعد الحرب التي لم يطرأ على جوانبها الاقتصادية تغير يذكر، وهذه مدة كافية للحكم على مسار كانت فيه الظروف الطارئة والتطورات الخارجية أقوى من السياسات في تحقيق الغايات المنشودة. المؤتمرات الدولية لدعم لبنان شاهد على ذلك، فهي وفرت ما لا يزيد عن عشرة مليارات دولار معظمها قروض مشروطة تسدد على أقساط صغيرة وفي فترات متباعدة، في حين أدخلت صدمة النفط الأخيرة وغيرها من تطورات خارجية 50 مليار دولار من الودائع في أربع سنوات. وعلى غرار ذلك عاكست الأزمة المالية التوقعات فشهدنا بعدها زيادة لا خفضاً في تحويلات المغتربين. وفي أعقاب حرب تموز لم ينكمش الاقتصاد إلا مدة قصيرة وعرفت الصادرات الصناعية نمواً ملحوظاً...

 مقالات: مستقبل القوة الأميركية: الاقتصاد والحرب والقوة الناعمة

مقالات: مستقبل القوة الأميركية: الاقتصاد والحرب والقوة الناعمة

لا يمكن إغفال دور الاقتصاد، في بلد ارتفع دينه العام خلال عقدين من 50% من الناتج تقريباً إلى حوالي 95%، وصولاً إلى أكثر من 130% في غضون عقد قادم، و يجد نفسه مضطراً إلى اعتماد دبلوماسية اقل تسلحاً مع انه يمتلك مئات القواعد العسكرية في أكثر من 130 دولة. كما تتضاءل قدرته على ضخ أموال كافية لتحقيق أهداف سياسية، فالإفراط في استعمال القوة أثقل خطى الاقتصاد أكثر بكثير مما ساهم في تحقيق الهيمنة على الموارد الحيوية في العالم.

 مقالات: اقتصاد كفء.. ثمن أقل للاستقرار

مقالات: اقتصاد كفء.. ثمن أقل للاستقرار

يبدو الاقتصاد اللبناني وكأنه مستسلم لقدره جديد: الانغماس في لعبة التمويل الزائد؛ وهذه تبعية أخرى ننقاد إليها دون تردد، مع أننا نعي دورها في رفع ثمن شراء الاستقرار، وزيادة الأعباء التي لا طائل منها. صحيح أن مكاسب القطاع المالي تعزز الثقة، إلا أنها تجعل عتبات الأمان أكثر ارتفاعاً من ذي قبل، وهي عتبات يؤدي التراجع عنها إلى رفع منسوب القلق وزيادة إمكانية التعرض للمتاعب. فلو تدنى نمو الودائع فجأة، ونشأ عن ذلك تراجع احتياطيات المصرف المركزي إلى ما كانت عليه قبل عامين (أي اقل من الآن بحوالي 12 مليار $)، فقد يهز ذلك، التوازن الحرج الذي صار مرهونا لفائض السيولة.

 مقالات: مفارقة التحويلات: خفض الفقر والإنتاج و.. العدالة

مقالات: مفارقة التحويلات: خفض الفقر والإنتاج و.. العدالة

نحتسب سنويًا وبحرص، مقدار الأموال الوافدة، وخصوصاً منها ما يحوله اللبنانيون المقيمون في الخارج، وهذا ما تفعله مثلنا العديد من الدول النامية المصنفة في فئة الدخل المتوسط و تعاني مع ذلك من فقر في الإنتاج. وليست المشكلة في الاستعانة بالتحويلات، التي تساهم في تصحيح الاختلالات المؤقتة في ميزان المدفوعات وفي حسابات الدخل والادخار، بل هي تكمن في الاعتماد المتمادي على آلية خارجية لتحريك عجلة نشاط داخلي، مع ما ينجم عن ذلك من فقدان للسيطرة على السياسات المناط بها تحسين عمل الاقتصاد وترشيد أدائه.

 مقالات: الدعم المباشر للقطاعات الاقتصادية..لم لا؟!

مقالات: الدعم المباشر للقطاعات الاقتصادية..لم لا؟!

قد تكون فذلكة الموازنات العامة لزوم ما لا يلزم، وهي كذلك لو عددناها مقياسا لنجاح الحكومة أو فشلها، لكن أهم ما في تقارير وزارة المالية المرفقة بمشاريع الموازنة كما التقارير الحكومية الأخرى ليس قابليتها للتطبيق، بل في أنها دليل مكتوب يكشف عن بعض ما يجول في أذهان واضعيها، ومؤشر زمني على تسلسل ولادة الأفكار والمفاهيم لدى القائمين على شؤون الدولة. ففي ثنايا هذه التقارير يظهر كم تأخرت مفردات العدالة الاجتماعية أو الإصلاح الضريبي أو التنمية القطاعية عن الصعود إلى مسرح النقاش الرسمي، ونشاهد كذلك الولادة العسيرة لمفهوم الإنماء المستدام والمتوازن، والولادة السهلة لمفردات أخرى صارت محورا للسياسات بالتزامن مع رواجها في تقارير المؤسسات الدولية.

 مقالات: نتجه يساراً كي نعود إلى اليمين!

مقالات: نتجه يساراً كي نعود إلى اليمين!

يتغير موقعنا على خارطة التوجهات الاقتصادية، من دون أن يطرأ تعديل يذكر على السياسات التي اعتدناها، فالذي تغير هو بعض مواقف المؤسسات الدولية التي لمست بأصابعها تداعيات الفوضى اللبنانية التي لم تعد خلاقة، بل محبطة ومخيبة للآمال. وهذا ليس ثناء على احد، فأداء هذه المؤسسات هو دائما موضع جدل، وتوصياتها كما تقاريرها ونصائحها لم تفلح في أي مكان في رصد الأزمات أو تداركها فضلاً عن الظن بمسؤوليتها عن نشوب بعضها. بيد أنّ التعقيدات السياسية والتفاف الأزمات في هذا البلد الصغير بعضها على بعض، وتشابك قنوات اتخاذ القرار فيه، والدور المتزايد للعناصر العشوائية داخل فراغات السلطة.

 مقالات: الشراكة الإقليمية المدعوون إليها

مقالات: الشراكة الإقليمية المدعوون إليها

لبنان مدعو للانضمام إلى الشراكة الإقليمية. الفكرة التي لم تتحول بعد إلى مشروع، تتقدم بثبات على السكة الصحيحة، ولو بحذر حتى لا تصطدم بقطار السياسة. وفي المنطقة دولتان تقودان الشراكة، إيران التي تعمل بجد على أن تكون قطباً علمياً وصناعياً، وقادها الحصار إلى إنتاج جيل شاب من الباحثين والعلماء لم تعرفه في تاريخها، وتركيا التي تواظب منذ ثماني سنوات على تحقيق مؤشرات لافتة وتتحول بسرعة إلى عملاق تجاري صاعد. ويتفق النموذجان التركي والإيراني رغم تمايزهما، على أن الشراكة الناجحة تقوم على أساسين اقتصادي من ناحية وسياسي/ ثقافي من ناحية ثانية، وان تنمية التجارة البينية لا يمكن أن يتم بمعزل عن آليات مشتركة تضمن حل الأزمات وتسيير المصالح المتبادلة في إطار إقليمي.

 الانتعاش العالمي الهزيل: هل فشلت برامج الانقاذ؟

الانتعاش العالمي الهزيل: هل فشلت برامج الانقاذ؟

ينهي الاقتصاد العالمي على ما يبدو وقتاً مستقطعاً من عمر أزمته المالية. الإجراءات المكثفة والسخية لم تفلح بعد في استبعاد خطر انهيار جديد، وأداء المراكز الرأسمالية الكبرى لا يزال ضعيفاً، وهناك خشية من حصول موجة تدهور أخرى، بعدما تكون الحكومات والمصارف المركزية استنفدت كل أسلحتها. وإلى الآن تقود الاقتصادات الناشئة مسيرة النهوض، و تمكن بعضها من تعزيز احتياطياته الدولية، وتنشيط طلبه الداخلي، ويرتقب هذا العام أن تحقق آسيا وأميركا اللاتينية نمواً لا يقل عن 8 بالمئة للأولى و5 بالمئة للثانية. مع ذلك لا يمكن لهذه الدول أن تكون قاطرة النهوض العالمي مسافة طويلة.

 مقالات: الكهرباء: الازمة من منظور مختلف

مقالات: الكهرباء: الازمة من منظور مختلف

ليست الكهرباء في لبنان معضلة مستعصية فحسب، بل هي نموذج فريد لأزماته النمطية، المرتبطة بمأزقه البنيوي، أو المندمجة عضوياً بتعقيداته الاقتصادية والسياسية العميقة الغور. وهذا التمييز مفيد في رحلة البحث عن حلول مناسبة لنوعين من الأزمات بعضها يتطلب سياسات عادية و الآخر سياسات استثنائية. 
والأزمات التي أسميناها نمطية، هي التي لا تهدد مصالح مناطق وطوائف بعينها بل تمس قطاعات ومجالات تلبي حاجات وطنية عامة، ولا يمكن بالتالي إخضاعها بسهولة لآلة التقاسم والتوزيع التي باتت المحرك الحيوي لماكينة الدولة، وقوة الدفع التي لا بد منها لاستمرار عجلتها بالدوران.
وهي ثانياً الأزمات التي تقع خارج دائرة القطاعات المحظوظة، التي تعكس وجهة النظر التي ألزم الاقتصاد اللبناني بحمل أوزارها ردحا طويلاً من الزمن، حتى التصقت بهويته التاريخية.  كما أنها لا تستجيب للحلول الجزئية أو الموضعية بل لإجراءات مترابطة ومستمرة، تصدر عن دولة قادرة على اتخاذ القرار.
في السنوات الأخيرة، كانت الاستثمارات العامة والى حد ما الخاصة، الضحية الأولى للازمات المالية والاقتصادية. فانخفضت نسبها الإجمالية لتحقق ثلثي ما كانت عليها منتصف التسعينات قياساً إلى الناتج، فيما كانت توظيفات القطاع العام تهبط إلى الثلث تقريباً. لكن التدقيق في الأرقام يظهر وجود منحيين منفصلين، أحدهما يتجه بحدة إلى الأسفل ويمثل تكوين رأس المال العام في القطاعات ذات الطابع الوطني، والثاني مستقر، بل وينتعش في أثناء الأزمات السياسية، ويمثل الإنفاق على عمليات التجهيز المخصصة لمناطق أو فئات بحد ذاتها. وفي مقابل صمود الخط البياني للاستثمارات التي تديرها المجالس، حصل ضمور حاد في نفقات الجزء الثاني من الموازنة، وتعرضت القطاعات الخدمية غير القابلة للتقاسم كالاتصالات والطاقة لتجفيف استثماري ضار.
المنحى التصاعدي شمل أيضا المجالات المرتبطة بالرؤية التاريخية لاقتصاد الدولة، (المعدلة بعد الحرب لتغدو أضيق تخصصاً واقل تنويعاً). إذا راقبنا مثلاً أرقام الموجودات المصرفية المتاحة للقطاع العقاري، مضافا إليها التوظيفات المباشرة فيه، وقارناها بتلك التي توفرت للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهي أساس النمو والتشغيل والاستقرار والعدالة في البلدان النامية أو الناشئة، فسنلتقط دليلاً آخر على انحياز الاستثمارات ناحية القطاعات المتوافقة مع الوظيفة المفروضة والموروثة للاقتصاد الوطني، حيث لم تزد حصة هذه المؤسسات عن اثنين في المئة من مجموع التسليفات المصرفية، وأقل من عشرين بالمئة من القروض الشخصية. هذا كي لا نكرر ما هو معروف عن شح تمويل قطاعي الزراعة والصناعة، اللذين حصلا على نصيب متراكم من التسليف المصرفي يقل عن حصتهما النسبية من الناتج. وحتى بالنسبة إلى الخدمات النوعية كالتعليم والصحة فإن الاستثمارات المخصصة لهما في نضوبٍ متزايد.
قد لا ينطوي الأمر على مفاجأة، لكن ارتفاع قوة الجذب التي تمثلها قطاعات الكسب السريع، أمر يحث على القيام بشيء ما، حيث أنّ "السقوط الحر" لأنواع من التوظيف على حساب أخرى اضعف التنوع الاستثماري، وجرد البلد من الحد الأدنى المطلوب لاستنهاض نشاطه الإنتاجي من سباته الطويل. واستطراداً، إذا كانت مسؤولية ذلك تقع على عاتق الدولة التي تصرفت بلامبالاة مفرطة واتسم أداؤها بقصور الرؤية ونقص المبادرة، فهل  سيتغير الأمر، مع إقرار تشريعات جديدة مثل "قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص"؟ تجربة العقدين الماضيين لا تبعث على الرضى،  فالمفاضلة بين تمويل طويل الأمد غير مضمون العوائد، وتمويل أكثر أماناً واقصر مدة، للاستهلاك أو للمديونية أو للمضاربات العقارية، كانت تصب في مصلحة هذا الأخير. هذا إذا لم تتضمن عقود الشراكة بنوداً تضع الجزء الأكبر من المخاطر على عاتق الأشخاص العامين المنتمين للدولة، فعندها تصبح العملية برمتها غطاء لدين عام حكومي مبطن، لكن مع منح علاوات اكبر للمستثمرين المنزلين حينها منزلة المقرضين.
السياسات الحكومية لها تأثير بالغ على الطريقة التي يفاضل فيها القطاع الخاص بين الأولويات، حتى لو لم تكن هذه السياسات مصممة خصيصاً للتأثير على اتجاهات الاستثمار. فالمستثمرون يبتعدون تلقائياً عن الميادين التي لا توليها الدولة اهتماماً أو تبدي فيها تحكما ضعيفاً، وهم يتحسبون لمواقفها الايجابية أو السلبية ومستويات الدعم المنظور وغير المنظور التي تقدمها. لا يعني ذلك أن التوظيفات الاستثمارية خاضعة لنفوذ حكومي قوي، بل يشير إلى أن حضور الدولة في أحد المجالات، بالتمويل أو بالتنظيم، يعزز ثقة المستثمرين ويشكل لهم ضمانة غير مرئية. هذا ما فعلته السلطات إبان الأزمة العالمية وتفعله دائماً في مجال حماية مقرضي الخزينة وجامعي الودائع وأصحاب الاحتكارات الكبرى.
والمعادلة بكل بساطة هي التالية: ترتفع جاذبية القطاع أو تنخفض كلما زاد اقتراباً أو ابتعادا عن القوى الثلاث التي تتحكم باتجاهات الاستثمار: السياسات الحكومية وما تظهره الدولة من حضور وقدرة على اتخاذ القرار، خطوط الاحتكار التي تنتج عوائد سهلة ومكفولة، وجماعات المصالح الفئوية وما دون الوطنية.
تطبيق هذه المعادلة على قطاع الكهرباء يعني أنّ حل مشاكله يصير سهلاً فيما لو: أمكن إخضاعه للمحاصصة الفئوية، وحظي بمجال احتكاري ريعي خاص به، وبات من جديد أولوية حكومية معبراً عنها بالاستعداد لزيادة الإنفاق عليه. هذه الأمور الثلاثة يوفرها مشروع الشراكة الذي يتيح تحويل القطاع من قطاع وطني  إلى قطاع عادي  يمكن إخضاعه لآلية التقاسم والتوزيع التي تحرك آلة الدولة،  ويوفرها كذلك رصد موازنات حكومية للتجهيز العاجل، التي ستكون بمثابة ضمانة غير مباشرة لقطاع خاص لن يأتي إلا بعد أن يرى جوائزه موضبة سلفاً.
 

 مقالات: الاقتصاد السياسي للاستبداد

مقالات: الاقتصاد السياسي للاستبداد

عوامل عدة ساهمت في صمود البنية التسلطية في العالم العربي، في مقدمها الدعم الخارجي السخي الذي ازداد قوة ووفرة مع سطوع نجم سياسات مكافحة الإرهاب، التي تحولت إلى محرك رئيسي لنشاط الهيمنة، وامتلاك السلطات موارد مالية تكفي لإدارة أجهزة أمنية قوية وفعالة، بوسعها التدخل في الوقت المناسب لاحتواء حركات التغيير المدني ومنعها من أن تصبح حركات جماهيرية مؤثرة، كما أنّ آلية عمل الاقتصادات الريعية مكنت الأنظمة من بناء قواعد اجتماعية دائمة، يمكن توسيع نطاقها كلما دعت الحاجة. 

 مقالات: رأسمالية المقاولين أو الفوضى الاقتصادية البناءة

مقالات: رأسمالية المقاولين أو الفوضى الاقتصادية البناءة

لنقرأ بانتباه الفقرة التالية: "يحاول صناع القرار في كل مكان توجيه الأحداث على نحو يمكن التنبؤ به، لكن نظاماً اقتصادياً ناجحاً قائماً على دور رواد المشاريع والمقاولين ورجال الأعمالEntrepreneurial economics يتطلب القبول برأسمالية الفوضى Messy Capitalism، فحتى لو بدت هذه عشوائية تماماً فإنّها تكفل النمو والانتظام في الأمد البعيد".

 مقالات: العقلانية الاقتصادية: هل صارت وهماً؟

مقالات: العقلانية الاقتصادية: هل صارت وهماً؟

استند أنصار الليبرالية المحدثة إلى مبدأ العقلانية لاكتساب هوية علمية متماسكة، فشيدوا هرماً كبيراً من الوقائع على ما اعتقد أنه قانون طبيعي لا بد من الامتثال له. وتجاهل هؤلاء عجز الأسواق عن استباق الأزمات أو التغلب عليها، محافظين على تحليلهم التقليدي الذي يحبذ الحريات المطلقة ويعارض التدخلات على اختلافها. هذا على الرغم من أن التطورات الأخيرة أبرزت الخلل الكبير في تقدير المخاطر، واستسلام الأفراد لروح القطيع إلى درجة لم يعد مقبولا معها التسليم بفرضية الرشد الاقتصادي التام من دون تحفظ.

 اوراق بحثية: الإصلاح الإداري في لبنان: تقويم عام للتجارب / د. جعفر محفوظ

اوراق بحثية: الإصلاح الإداري في لبنان: تقويم عام للتجارب / د. جعفر محفوظ

إصدار 2010-07-10

إن تطور الدولة بانتقالها من مرحلة الدولة الإقطاعية أو الدولة الأمير إلى مرحلة الدولة الدركي، قاد واكبه تطور في مفهوم المصالح العامة التي يجب تسييرها، فبعد أن كانت هذه المصالح تقتصر على حفظ الأمن، وصد أي عدوان خارجي، وإقامة العدالة بين الناس، أصبحت اليوم، بكم اضطرار الدولة إلى التدخل في ميادين كانت محظورة عليها، تشمل أكثر المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 مقالات: مفارقة الدين العام

مقالات: مفارقة الدين العام

خطوط السير الحكومي مزدحمة في الاتجاهين المالي والاقتصادي، إقرار موازنة هذا العام وإعداد موازنة العام التالي، وحل معضلة قطع حساب السنوات الأربع الماضية، والاتفاق على قواعد تمويل الاستثمارات العامة وسبل توزيع عوائد ومخاطر التمويل بين القطاعين العام والخاص...وهذا الازدحام ليس صدفة، فقد اعتادت الحياة السياسية على التعايش مع الأزمات إلى أن تعجز عن كتم دويها فتدفع بها إلى النور، وغالباً ما توضع على طاولة البحث عند مناقشة الموازنات العامة، التي لا تتحمل بطبيعتها المراجعات الاقتصادية والمالية والنقدية المتأنية، وتستدرج الكل إلى نقاش محاسبي مليء بالهوامش المطلبية والمحاسبيّة، وتتصدر أولوياته مشكلة العجز المالي.

 مقالات: مقاربة بديلة: الاصلاح بدءاً من هوامش النظام

مقالات: مقاربة بديلة: الاصلاح بدءاً من هوامش النظام

لا يضيع اللبنانيون فرصة إلا ويعلنون فيها انحيازهم إلى فكرة الإصلاح، ولا يترددون في الوقت نفسه عن التمسك بمواقف و ولاءات تمنع تحقيق هذا الغاية. إنها مفارقة أخرى من مفارقات لبنانية كثيرة، لكنها ليست عبثية تماماً، وتتضمن منطقاً لا يمكن تعريضه لإدانة مطلقة، فهناك علاقة محتملة بين الحفاظ على الاستقرار وديمومة الوضع القائم، وهناك أيضاً الخشية المزروعة في الوجدان العام من أن لا يقود الخروج من التوازن الراهن إلى توازن جديد. ويحسن مجتمع السياسة التقليدي استخدام هذه المخاوف، فيحول المؤقت والانتقالي، إلى دائم ومستمر، محكماً إغلاق أبوابه أمام كل ما هو متغير وخلاق ومختلف.