مقالات: دور الدولة في التعليم العالي وخاصة الجامعة اللبنانية / د. محسن صالح

مقالات: دور الدولة في التعليم العالي وخاصة الجامعة اللبنانية / د. محسن صالح

إصدار 2009-08-19

الدولة هي شخصية معنوية مجردة تتمظهر أو تتجسد من خلال مجموعة من المؤسسات التي تشرع سلطة هذه الدولة (مهما كان شكلها) على المجتمع بكافة شرائحه وطبقاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية.
والدولة التي تحتفظ بقدر عال من التنظيم والتفعيل لهذه المؤسسات الراعية لجميع مواطنيها، هي الدولة القادرة على بسط نفوذها وسيطرتها على الكافة.
والدولة بمؤسساتها (التشريعية والقضائية والتنفيذية) ومناطق نفوذها تكون عادلة عندما يشعر جميع الأفراد (المواطنين) المنضوين تحت رعايتها بالقدر الكافي من الاهتمام والتقدير والعناية.
والدولة - تاريخياً - لا تضعف أو تتفسخ أو تنهار، إلا عندما يشعر مواطنوها بأنها أصبحت مجرد سلطة فئة أو ناحية أو حاشية - طبقة أو فرد - تمارس الحكم وتجبي الضرائب من دون أن تتكفل الجميع وتحميهم.
لذلك، فإن انجح الدول هي التي تستخدم السلطات ومقومات الدولة لرعاية الجميع لتضمن ولاء الجميع لها، مهما كان المجتمع متنوعاً جغرافياً - دينياً - ثقافياً أو طبقياً.


مؤسسات الدولة

مؤسسات الدولة عادة ما تكون منقسمة إلى قسمين أساسيين:
الأول: ما تمارس به الدولة فعل السلطة لحفظ الحدود والسيادة من أي اعتداء خارجي وامن داخلي لتطبيق القانون الذي إرتضاه المواطنون ليكون حكماً بينهم.
هذه المؤسسة اصطلح على تسميتها الجيش والأمن الداخلي وغيرهما من المؤسسات المدافعة عن الوطن- الذي عنوانه الدولة- فهي يد الدولة في الدفاع والحماية. الدفاع ضد الخارج والحماية في الداخل.

الثاني: وهي المؤسسات الرديفة الأبعاد - والتي لا تقل أهمية عن الأولى - والتي تحفظ الوطن ووحدته ونموه وازدهاره وبالتالي سعادته - وهي تلك المشكلة لعقل الوطن ورافد من وروافد الدولة الأساسية لشغل المواقع التي تتألف منها الدولة والسلطة.
من هذه المؤسسات مؤسسات التعليم العامة والخاصة.
الخصوصية اللبنانية في الدولة والمؤسسات، تتمثل في أن لبنان بلد ووطن متنوع الرؤى والطوائف، لهذا فقد تأسست دولته على توازن طوعي بين هذه الطوائف والرؤى. إلا أن هذه الأخيرة - الطوائف والرؤى غلبت عليه في فترات تاريخية متعاقبة، حيث قويت الطوائف والرؤى على حساب الوطن، مما أعطى قوة وسلطة لهذه المجموعات على حساب الدولة. لذات وجدنا أن المؤسسات التعليمية الخاصة بدأت نشاطها في لبنان البلد من قبل أن يتشكل لبنان كوطن ودولة. وكان السعي التاريخي الدائم - من خلال هذه المؤسسات التعليمية الخاصة- هو تشكيل عقل وثقافة فئوية تستطيع حكم البلد من خارج قانون وثقافة ودولة تحمي وتستقطب الجميع.

أما وان لبنان حاول أن يصبح دولة ووطن لجميع أبنائه، فقد أسس جامعة وطنية للبنانيين كافة في أواسط القرن الماضي. وقد تدرجت أهمية الجامعة اللبنانية لدى الدولة، إلى أن أضحت العمود الفقري للمؤسسات العلمية والتعليمية داخل الوطن. وامتلكت هذه الجامعة المهارات والعقول القادرة على النهوض بالوطن والدولة والمؤسسات الأخرى - وان تمدها بأرقى الكفاءات والمهارات والخبرات.
وإن كانت بعض الكفاءات، وفي لحظات سياسية خطرة، هاجرت إلى بلاد أخرى كي تحظى بالاحترام والتقدير والعيش بكرامة.

والآن، ومع بداية استقرار الدولة ووحدة مؤسساتها- حيث ينتظر اللبنانيون كافة من هذه الدولة أن تدعم جامعة الوطن وتعطي الانتباه الفائق للتعليم العالي حيث تتيح لهذه الجامعة الفرصة كي تشكل منارة عقلية وثقافية ومعملاً لصناعة الأفكار الوطنية الجامعة، بالإضافة إلى الخطط العلمية القادرة على النهوض بالوطن اقتصادياً وتنموياً وتقنياً... هذا إذا أرادت الدولة اللبنانية بسلطاتها كافة أن تصهر في بوتقتها الفئات اللبنانية، لأنه لا يمكن استبدال العقل الوطني بعقل أجنبي، ولا المهارات الذاتية بيد خارجية، ولا الجامعة اللبنانية بجامعات "خاصة".

إن حاجة الدولة الراعية للجميع - بسلطاتها كافة - إلى الجامعة اللبنانية تنبع من أساس بديهي وهو أن وظائف الدولة تحتاج إلى عقول تتخرج من جامعة كل الوطن لتحافظ عليه لأنه هي. لهذا فان على الدولة أن تقوم بتشجيع التعليم العالي في الجامعة الوطنية انطلاقاً من الأسس التالية:

الدعم المالي:
1- رفع موازنة الجامعة اللبنانية
2- تشجيع ودعم مجانية التعليم بمراحله كافة
3- إيجاد الاختصاصات الجامعية التي تستوعب كافة الطلاب المتخرجين من الثانويات الرسمية.
4- القيام بإحصائيات ودراسات حول التناسب والتوازن بين سوق العمل والمتخرجين من الجامعة اللبنانية وتقديم خطة لاستيعاب الاختصاصات العلمية والعلوم الإنسانية في مؤسسات الدولة.
5- الاعتماد على خبرات ومهارات واختصاصات الجامعة اللبنانية في الدراسات والخطط التي تقوم بها المؤسسات الوطنية بدل استئجار الشركات الأجنبية والتعاقد معها.
6- إن استقلالية الجامعة عن التدخلات الفئوية والسياسية يعطيها بعداً وطنياً شاملاً ويمتن قوتها العلمية ورقيها في مقابل الجامعات العالمية منها، والخاصة المحلية. وهذا يتطلب تفعيل دور مجلس التعليم العالي ومجلس الجامعة من خلال:
أ‌- إصدار المراسيم التطبيقية في إنشاء المجمعات الجامعية للجامعة اللبنانية في المناطق والمحافظات ورصد الموازنات التي تقدر إدارة الجامعة من استيعاب الطلاب الذين يتزايد أعدادهم بشكل مضطرد حيث يضطرهم ذلك إلى الذهاب إلى الجامعات الخاصة التي تتمتع بحرية مطلقة ومستوى علمي غير ملائم...
ب‌ - تقوم الدولة ممثلة بوزارة الوصاية ومجلس التعليم العالي بدور المراقب والممول للجامعة مع إعطاء مجلس الجامعة دوره الحقيقي المنصوص عليه في قانون المجالس التمثيلية- والذي يحتاج إلى تعديلات تتناسب مع حجم الجامعة مستقبلياً.
ج - اعتماد اللامركزية بتوزيع الفروع والمجمعات الجامعية بحيث تناسب مع إعداد طلاب المناطق وتخصص بموازنات ومبانٍ بحسب أعداد الطلاب...
د - إن تحديث الجامعة من حيث الشكل والمضمون من اختصاص الهيئات المشرفة على الجامعة وبتوجيه من مجلس التعليم العالي... لذلك فإن إعداد وتأهيل الطاقات الموجودة في الجامعة وبشكل دوري يجب أن يشكل المضمار الأساسي لخطط وتوصيات هذه الهيئات وبرصد موازنات تدريبية وتأهيلية سنوية وبحسب الكليات والفروع في كافة الاختصاصات والمناطق.
هـ - التأهيل المستمر للأساتذة بكافة رتبهم.
و - التطوير المستمر للمناهج من خلال مجالس الكليات والفروع والاختصاصات.
وبما أن وظيفة الجامعة تتجاوز إطارها التعليمي وهي المنتج الأول للنخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذا فإن إيلاء الاهتمام للجامعة هو بلا شك رافعة الوطن والدولة والسلطة ومؤسساتها.
فلا يمكن لوطن أن ينجح مواطنوه ودولته دون أن يكون يتغذى بنور العقل المفكر والسالك لرفعة الإنسان المواطن المدرك لمسؤولياته تجاه المجتمع بكافة فئاته...

----------------------------------------------

*مدير معهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول - الجامعة اللبنانية منذ سنة 2007....
 أستاذ الفلسفة والانتروبولوجيا في معهد العلوم الاجتماعية - الفرع الخامس  وكلية الآداب، في الجامعة اللبنانية منذ سنة 1994- 1995

 مقالات: مسألة انتهاء مدة انتداب المستشار سهيل بوجي للقيام بمهام وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء

مقالات: مسألة انتهاء مدة انتداب المستشار سهيل بوجي للقيام بمهام وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء

إصدار 2009-07-09

بالرغم من انقضاء ست سنوات على انتدابه لوظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء، لا يزال القاضي سهيل بوجي (المستشار في مجلس الشورى) مستمراً في مهامه.
والسؤال القانوني المشروع الذي يطرح في هذا المجال هو الآتي:
هل أن استمرار القاضي بوجي في وظيفته، كمدير عام لرئاسة مجلس الوزراء، هو قانوني أم لا؟
إن الإجابة القانونية الصحيحة عن هذا السؤال تفترض التمييز بين حالتين: حالة انتداب الموظف، والثانية تتعلق بانتداب القاضي الإداري.
أولاً: انتداب الموظف
لقد استقر العلم والاجتهاد في فرنسا على القول، أن الانتداب هو الوضع الذي يكون فيه الموظف، موضوعاً خارج إدارته الأصلية، إلا انه يستمر بالاحتفاظ بحقوقه في الترقية والتقاعد في إدارته الأصلية.

إن الانتداب هو بطبيعته مؤقت وقابل للرجوع عنه، وقد يكون لمدة قصيرة أو طويلة. أن الانتداب لمدة قصيرة لا يمكن أن يتجاوز ستة أشهر، أما الانتداب لمدة طويلة، فانه لا يتجاوز مدة خمس سنوات، إلا انه يمكن تجديدها لخمس سنوات أخرى.
يخضع الموظف المنتدب لمجموعة الأحكام القانونية التي ترعى الوظيفة المنتدب إليها، إلا انه يستمر بتقاضي راتبه الأصلي إذا كان أعلى من راتب الوظيفة المنتدب إليها.
وفي لبنان، يتبين بصورة واضحة، من نظام الموظفين الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 112/59 مع تعديلاته، وفي ما خص الانتداب، الأمور التالية:
1-    الموظف المنتدب هو من اعفي مؤقتاً من مهام وظيفته الأصلية وأسندت إليه مهمة أخرى مع احتفاظه بحق تقاضي راتبه، وبحقه في التدرج والترقية والترفيع والتقاعد في إدارته الأصلية (المادة 46).
2-    يمكن انتداب الموظف للتخصص في فرع من الفروع التي تحتاج الإدارة فيها إلى اختصاصيين جدد، كما يمكن أيضاً انتداب موظف فني من وزارة إلى وزارة بعد موافقة الوزارتين المختصتين (المادة 47).
3-    إن وظيفة الموظف المنتدب تبقى شاغرة في ملاك إدارته الأصلية ويعود إليها فور انتهاء مدة الانتداب (المادة 48).
ثانياً: انتداب القاضي الإداري
في ما يتعلق بانتداب القاضي الإداري أي قضاة مجلس الشورى، فانه يمكن انتداب المستشارين والمستشارين المعاونين لمختلف الوظائف لدى الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والبلديات (المادة 16 من نظام مجلس شورى الدولة المعدلة بالقانون رقم 227 تاريخ 31-5- 2000). ويجري الانتداب بمرسوم بناء على اقتراح وزير العدل وموافقة رئيس مجلس شورى الدولة، ولا يمكن أن تتجاوز مدة الانتداب أكثر من ست سنوات، طوال فترة ممارسته القضاء (الفقرة الثانية من المادة 16 المذكورة أعلاه).
ويحتفظ القاضي المنتدب بصفته ومركزه في القضاء الإداري ولا يعين سواه في مكانه ويشترك في الهيئة العامة ويتابع تقاضي رواتبه المستحقة بالنسبة لفئته ودرجته من موازنة وزارة العدل، كما انه يتقاضى التعويضات العائدة للوظيفة التي انتدب إليها وسائر التعويضات التي تعطى له بسبب انتدابه من الإدارة المنتدب إليها (الفقرتان الأولى والثانية من المادة 17 من نظام مجلس شورى الدولة المعدلة).
ويستفاد مما تقدم، أن الأحكام القانونية التي ترعى انتداب الموظف هي مماثلة لتلك التي ترعى انتداب القاضي الإداري، باستثناء تحديد مدة الانتداب.
فانتداب الموظف غير محدد بفترة زمنية معينة، في حين أن مدة انتداب القاضي الإداري (المستشار أو المستشار المعاون) لا يجوز أن تتجاوز ست سنوات طوال عمله في القضاء.
وفي ما يتعلق بانتداب القاضي سهيل بوجي الذي هو محور وجوهر هذه الدراسة، فانه يتبين انه انتدب للقيام بمهام وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء، وذلك بموجب المرسوم رقم 4340 تاريخ 11 تشرين الثاني 2000 (انتداب مستشار في مجلس شورى الدولة للقيام بمهام وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء (ربطاً صورة عن المرسوم).
ويتبين أيضاً من الإطلاع على بناءات هذا المرسوم، انه بني بصورة خاصة على نظام مجلس شورى الدولة ولا سيما المادة 16 منه المعدلة بموجب القانون رقم 227 تاريخ 31/5/2000، التي جاء فيها انه لا يمكن أن تتجاوز مدة انتداب المستشار أو المستشار المعاون أكثر من ست سنوات طوال فترة ممارسته للقضاء.
وطالما أن المستشار في مجلس شورى الدولة السيد سهيل بوجي قد انتدب لوظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 11 تشرين الثاني 2000، فإن فترة انتدابه، ينبغي أن تنتهي حكماً بتاريخ 11 تشرين الثاني 2006 تطبيقاً للمادة 16 المعدلة والمتقدم ذكرها.
إلا أنه، وبالرغم من أن مدة انتدابه قد انتهت قانوناً، إلا أن المستشار بوجي ما زال مستمراً في مهامه في المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء كالمعتاد، متذرعاً، بالبيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة عام 2007، والذي جاء فيه ما خلاصته:
"إن انتداب المستشار بوجي، يخضع لأحكام مشروع القانون المعجل الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم رقم 10618 تاريخ 11/8/1975 (تعديل ملاك المديرية العامة لرئاسة الجمهورية وملاك المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء) ولا سيما المادة 8 منه، التي تمثل نصاً خاصاً، في حين أن المادة 6 المعدلة تعتبر نصاً عاماً، وإنه في حالة التعارض بين نص خاص ونص عام، يطبق النص الخاص".
إن اللجوء إلى مثل هذا "التبرير" لاستمرار انتداب القاضي بوجي في وظيفته، لا يستقيم قانوناً، ولا يمكن الأخذ به على الإطلاق وذلك للأسباب التالية:
1-    إن عبارة "بناء على مشروع القانون المعجل الموضوع موضع التنفيذ بالمرسوم رقم 10618/ 75" الواردة في المرسوم المتعلق بانتداب المستشار في مجلس الشورى، القاضي سهيل بوجي، لا تعني أن انتدابه أصبح خاضعاً للأحكام الواردة في المرسوم رقم 10618/75 على الإطلاق، بل أنها تعني، وتعني فقط، أن الوظيفة المنتدب إليها هي ملحوظة في ملاك المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء وأنها شاغرة. باعتبار أن الانتداب كالتعيين، لا يمكن أن يتم قانوناً، إلا في وظيفة ملحوظة في الملاك وشاغرة.
فالإشارة الواردة في مرسوم انتداب المستشار بوجي، إلى المرسوم رقم 10618/75 هي إذن للدلالة فقط على أن وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء هي ملحوظة في الملاك وشاغرة.
2-    تنص المادة 8 من القانون المتعلق بتعديل ملاك المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء على ما يأتي:
أ‌-    "تحدد سلسلة فئات ورتب ورواتب وظائف المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء وفقاً للجدول رقم (3) الملحق بهذا القانون.
ب‌-    تطبق على وظائف المهندسين والرسام سلسلة الفئات والرتب والرواتب وشروط التعيين المحددة لمثل هذه الوظائف في وزارة الأشغال العامة والنقل ويتقاضى المهندسون تعويض الاختصاص المحدد في الفقرة الأولى من المادة 22 من المرسوم الاشتراعي رقم 112/59 (نظام الموظفين).
يمكن ملء هذه الوظائف عن طريق الانتداب من الإدارات العامة والمؤسسات العامة.
يجري الانتداب بمرسوم بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء المختص، تحدد فيه مدة الانتداب ويمكن أن يكون الانتداب لمدة غير محدودة" (انتهى نص المادة 8).
ويتبين بصورة واضحة، أن عبارة "يمكن ملء هذه الوظائف عن طريق الانتداب من الإدارات والمؤسسات العامة" تعني حكماً وظائف المهندسين والرسام، الواردة في مستهل الفقرة ب من المادة 8، ولا يمكن أن تشمل وظيفة المدير العام لرئاسة مجلس الوزراء على الإطلاق.
فالانتداب محصور فقط بوظائف المهندسين والرسام، وهذا الأمر ينسجم تماماً مع المادة 47 من نظام الموظفين التي حصرت الانتداب بالموظف الفني بعد موافقة الوزارتين المختصتين.
إن الانتداب الوارد في نهاية المادة 8، لا يطبق، بالنظر لما تقدم، على وظيفة المدير العام لرئاسة مجلس الوزراء، ولا يطبق بالتالي على القاضي بوجي الذي يشغل وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء عن طريق الانتداب.
وإذا افترضنا جدلاً، أن الانتداب الوارد في المادة 8 يشمل وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء، إلا أن هذا الانتداب لا يطبق، حسب المادة 8، إلا على الموظفين المنتدبين من الإدارات العامة والمؤسسات العامة حصراً. ولا يطبق بالتالي على القاضي بوجي، الذي لا يعتبر قانوناً من موظفي الإدارات العامة والمؤسسات العامة، بل انه يدخل قانوناً في عداد العاملين في السلك القضائي- القضاء الإداري- مجلس شورى الدولة المتميزين والمختلفين عن العاملين في الإدارات العامة والمؤسسات العامة.
وإذا افترضنا أيضاً، أن الانتداب الوارد في المادة 8 يطبق على القاضي بوجي، لجهة كونه لمدة غير محدودة، إلا انه يبقى مؤقتاً ولا يمكن أن يشكل وضعاً دائماً.
فمن المتفق عليه علماً واجتهاداً، أن الانتداب هو مؤقت وله مدة معينة، ولقد اعتبر نظام الموظفين في لبنان، أن وظيفة المنتدب تبقى شاغرة ويترتب عليه أن يعود إلى إدارته الأصلية فور انتهاء مدة الانتداب (المادة 48). وإذا كان الانتداب لمدة، لا نهاية لها، فلماذا نص المشترع على بقاء وظيفته شاغرة، وألزم المنتدب بالعودة إلى إدارته الأصلية فور انتهاء الانتداب؟.
وإذا كانت مدة انتداب الموظف القصوى، لا يمكن أن تتجاوز، حسب العلم والاجتهاد، خمس سنوات قابلة للتجديد، فإن انتداب السيد بوجي، يكون قد انتهى والحالة هذه، في 11 تشرين الثاني 2005.
3- لم يعد هناك من حاجة قانونية لبحث المبدأ القائل "أنه في حال وجود تعارض بين نص خاص ونص عام، يطبق النص الخاص"، طالما أن المادة التي اعتبرت نصاً خاصاً لا تطبق أصلاً على انتداب المستشار بوجي.
وينتج عما تقدم، أن انتداب المستشار سهيل بوجي إلى وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء، يخضع من الناحية القانونية، بصورة حصرية لا تقبل الجدل أو النقاش القانوني إلى أحكام نظام مجلس الشورى ولا سيما المادة 16 منه التي حددت مدة انتداب المستشار أو المستشار المعاون بست سنوات كحد أقصى طيلة عمله في القضاء.
وإذا كان نواب حاكم مصرف لبنان لا يمكنهم الاستمرار في عملهم يوماً واحداً بعد انقضاء مدة خمس سنوات على تعيينهم ما لم يجدد لهم (كما حصل مع نواب الحاكم مؤخراً الذين انتهت مدتهم)، وإذا كان رئيس الجامعة اللبنانية لا يمكنه الاستمرار في عمله يوماً واحداً بعد انتهاء مدة خمس سنوات على تعيينه، فلماذا يسمح للقاضي بوجي أن يستمر في عمله، بعد انتهاء مدة انتدابه، لفترة شارفت على الثلاث سنوات تقريباً؟ لماذا هذا التمييز والتفاوت؟ وأين نحن من دولة المؤسسات والقانون؟.
والأخطر من كل ذلك، أن المستشار بوجي يقوم بحكم وظيفته كمدير عام لرئاسة مجلس الوزراء، بصفة أمين عام مجلس الوزراء.
الخلاصة
1-    إن انتداب المستشار في مجلس الشورى سهيل بوجي إلى وظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء، يخضع للمادة 16 المعدلة من نظام مجلس الشورى وليس إلى المادة 8 من مشروع القانون المعجل الصادر بالمرسوم رقم 10618/75 المتعلق بتعديل ملاك المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء.
2-    إن مدة الانتداب القصوى للمستشار في مجلس الشورى هي ست سنوات طوال عمله في القضاء.
3-    انتهت مدة انتداب المستشار بوجي لوظيفة مدير عام رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 11 تشرين الثاني 2006. وبعد هذا التاريخ، يعتبر استمراره بعمله، وبصفته كأمين عام لمجلس الوزراء، مخالفاً للقانون بصورة فاضحة.
4-    إن استمرار المستشار سهيل بوجي في وظيفته كمدير عام لرئاسة مجلس الوزراء، وبالتالي بصفته أميناً عاماً لجلس الوزراء، يشكل وضعاً شاذاً وخطيراً، لا بل فضيحة. وان استمرار التغاضي والسكوت عنه، يشكل فضيحة أكبر بحق كل المسؤولين بدون استثناء.

 مقالات: المعايير المؤسساتية للتعامل مع الحريات الثقافية والإعلامية.. أسئلة ونماذج

مقالات: المعايير المؤسساتية للتعامل مع الحريات الثقافية والإعلامية.. أسئلة ونماذج

تستحق مسألة الحريات في العالم العربي مراجعة متأنية، وعناية بالتفاصيل تتلمس الفروقات بين تجربة بلد وآخر، ومرحلة وأخرى. ومع أن السلطات العربية تتوكأ عادة على عصا القمع، وتشهر بسهولة غير مألوفة في عالم اليوم سيف الرقابة والمنع، فان عصر العولمة، وانفلات الفضاء الإعلامي من قبضة الحكومات المنفردة، يفتح للحريات العامة الإعلامية والثقافية أبواباً، و يعرضها في الوقت نفسه لألوان جديدة من التحديات. والسؤال الراهن يتعدى الاستفهام الموروث عن حدود الحرية ومعاييرها، إلى أسئلة أخرى: هل الضبط هو أمر واقعي وممكن في عالم متداخل ومتعدد الأبعاد والسلطات؟ وإذا كان ممكناً وواقعياً فمن القادر على ممارسته.. الداخل أم الخارج؟ ومن المخول وضع قواعده.. الدولة أم المجتمع.. المؤسسات المنظمة والمعلنة والمعترف بها أم تلك الغائرة تحت السطح والتي  تحظى بفائض قوة ووفرة تأثير من مكانها الخفي وموقعها المحتجب؟

 مقالات: أربع سنوات طويلة

مقالات: أربع سنوات طويلة

ها قد تجاوزنا المنعطف الانتخابي، لكن الأمور ليست على ما يرام، على الأقل بالنسبة لأولئك الطامحين إلى تجربة جديدة. قيل أن المعارضة لا تملك برنامج إصلاح ناجز ولا حزمة حلول جاهزة، وهذا إلى حد ما صحيح، إلا أنها تملك ما ليس لدى الطرف الآخر، وهو أن مصلحتها المباشرة تقتضي عدم استمرار الوضع القائم. وعوضاً عن الراديكالية الاقتصادية المسماة خطأ ليبرالية، والتي تتمسك بتقاليد بالية ليس لها مثيل في العالم، كان هناك فرصة لولادة مقاربات جديدة، قد تكون ليبرالية بمعنى ما، لكنها أكثر انفتاحاً وتقبلاً لآراء جديدة، كالرؤى الاجتماعية التي تزداد أهمية ووزناً في أوساط الدول الصناعية المأزومة.

 مقالات: افتقار الأكثرية النيابية إلى تمثيل أكثرية الناخبين والمقترعين

مقالات: افتقار الأكثرية النيابية إلى تمثيل أكثرية الناخبين والمقترعين

إصدار 2009-06-16

بحسب النتائج الرسمية للانتخابات النيابية التي جرت في 7 حزيران 2009، والمعلنة من قبل وزارة الداخلية، فان الموالاة حصلت على 71 نائب، مقابل حصول المعارضة على 57 نائب، وإذا كان مجموع عدد أعضاء مجلس النواب هو 128، فتكون الموالاة قد حصلت على الأكثرية النيابية.
إلا أنه إزاء هذا الوضع، يمكن أن يطرح السؤال المشروع التالي: هل تمثل الأكثرية النيابية الناتجة عن الانتخابات، فعلاً أكثرية الناخبين أو المقترعين؟ أم أن هذه الأكثرية الأخيرة موجودة في مكان آخر؟
وقبل التحقق من هذه المسالة، يقتضي إلقاء الضوء على مسالة الأساس الدستوري والقانوني للعملية الانتخابية، وذلك نظراً للترابط والتلازم القائم بين هاتين المسألتين.
أولاً: الأساس الدستوري والتشريعي للانتخابات النيابية
تشكل المادة 24 من الدستور (تعديل 1990) الأساس الدستوري للعملية الانتخابية التي جرت في 7 حزيران 2009، حيث ورد فيها ما يأتي:
"يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفاقاً لقوانين الانتخاب المرعية الإجراء، والى أنه يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزع المقاعد النيابية، وفقاً للقواعد التالية:
أ‌-    بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين
ب‌-    نسبياً بين طوائف كل من الفئتين
ج‌-    نسبياً بين المناطق
إن الأمر اللافت والغريب في هذه المادة، أن المشرع الدستوري لم يشر، بصورة مباشرة، إلى كلمة "مواطن"، بل اقتصرت إشارته على الطوائف والمذاهب والمناطق فقط.
إن القانون رقم 250/ 2008 وتعديلاته، الذي صدر تطبيقاً للقواعد الواردة في المادة 24 من الدستور، يشكل بدوره الأساس التشريعي للعملية الانتخابية.
ويتبين من الرجوع إليه، أن عدد النواب هو 128، مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ويتوزع النواب المسيحيون على الشكل التالي: 35 للموارنة، 15 للأرثوذكس، 8 للكاثوليك، 6 أرمن وواحد للأقليات ويتوزع النواب المسلمون بدورهم وفقاً لما يلي: 27 للسنة، 27 للشيعة، 8 للدروز ونائبان للعلويين.
وبحسب الجداول المرفقة بقانون الانتخاب، فانه تم توزيع النواب على مختلف المحافظات والدوائر الانتخابية وفقاً لما يأتي:
1-    محافظة بيروت 19 نائب: 5 للدائرة الأولى، 4 للدائرة الثانية، و10 نواب للدائرة الثالثة.
2-    محافظة جبل للبنان 35 نائب: 3 لدائرة جبيل، 5 لكسروان، 8 للمتن، 6 بعبدا، 5 لعاليه و8 نواب لدائرة الشوف.
3-    محافظة الشمال 28 نائب: 8 لدائرة طرابلس، 3 للمنية- الضنية، 7 لعكار، 3 لزغرتا، نائبان للبترون، نائبان لبشري و3 نواب لدائرة الكورة.
4-    محافظة البقاع 23 نائب: 10 لدائرة بعلبك الهرمل، 7 لزحلة، و6 نواب لدائرة البقاع الغربي وراشيا.
5-    محافظة الجنوب 12 نائب: نائبان لدائرة صيدا، 3 لقرى صيدا، 3 لجزين و 4 نواب لدائرة صور.
6-    محافظة النبطية 11 نائب: 3 نواب لدائرة النبطية، 3 لبنت جبيل، و 5 نواب لدائرة مرجعيون وحاصبيا.
وتجدر الإشارة بهذا الشأن، أنه بعد انقضاء ما يناهز 50 سنة، عاد المشرع، واعتمد ذات الدوائر الانتخابية (القضاء) التي كانت معتمدة في قانون الانتخاب الصادر عام 1960.
وبشأن مسالة توزيع النواب على الناخبين والدوائر الانتخابية، فان القاعدة المعتمدة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، تقوم على أساس تخصيص نائب واحد لكل مجموعة من الناخبين بحيث تكون هذه المجموعة هي ذاتها تقريباً في مختلف الدوائر الانتخابية.
وفي لبنان، بلغ عدد الناخبين، حسب وزارة الداخلية حوالي ثلاثة ملايين مليون و160 ألف ناخب، موزعين على 128 نائب، بحيث ينبغي أن يكون لكل 24.07 ألف ناخب، نائب واحد يمثلهم في البرلمان.
إلا أنه، فعلياً، يتبين من خلال الاطلاع على أرقام الناخبين المسجلين في كل دائرة انتخابية؟، وعدد النواب المحدد لها، أنه تم تخصيص نائب واحد لكل مجموعة من الناخبين، في كل دائرة انتخابية على حدة.
وان المجموعة المعتمدة في دائرة معينة هي مختلفة عن المجموعة المعتمدة في دائرة أخرى، كما يتبين أيضاً، أنه من أصل 26 دائرة انتخابية، يوجد 20 "مجموعة من الناخبين"، مختلفة كل واحدة منها عن الأخرى. وهذا الوضع يتعارض مع القاعدة المعتمدة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية.
والمثال الأبرز على ذلك، هو أنه، خصص، من كل من دوائر كسروان، وجزين وبيروت الأولى، لكل 18 ألف ناخب، نائب واحد في حين أنه في دوائر جبيل- بعلبك الهرمل- بعبدا والدائرتين الثانية والثالثة في بيروت، خصص لكل 25 ألف ناخب، نائب واحد.
وأخيراً، خصص لكل 40 ألف ناخب في كل من دوائر صور النبطية وبنت جبيل، نائب واحد.
وإذا ما أخذنا، كمعيار، الناخب في كل من صور- النبطية وبنت جبيل، وأجرينا مقارنة بينه وبقية الناخبين، من حيث "حجم التمثيل الانتخابي"، لتبين لنا، أن الناخب في كسروان- جزين أو الدائرة الأولى في بيروت، يعادل ناخبين في النبطية وأكثر. أما الناخب في طرابلس- زغرتا- زحلة- الشوف- بعلبك الهرمل- جبيل- وبعبدا، يعادل أكثر من ناخب في صور ونصف، كما أن الناخب في بشري وصيدا يعادل ناخب في النبطية ونصف.
وأخيراً، أن الناخب في البترون يعادل ناخب في النبطية وثلث، أما الناخب في قرى صيدا والمنية- الضنية وعكار يعادل ناخب في بنت جبيل وخمس.
نستخلص بوضوح، مما تقدم، أن هناك تفاوتاً وتمايزاً بين الناخبين اللبنانيين، من حيث "حجم تمثيلهم النيابي"، وهذا الأمر يشكل إخلالاً فادحاً وفاضحاً لمبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عنه في مقدمة الدستور والمكرس في المادة 7 منه، ولقواعد النظام الديمقراطي البرلماني، وهذا الإخلال لا يقتصر على الناخبين التابعين لمحافظات مختلفة، إنما يشمل أيضاً الناخبين التابعين لذات المحافظة والموزعين على دوائرها الانتخابية.
والمثال على ذلك، أن الناخب في دائرة جزين أو دائرة صيدا يتميز عن الناخب في دائرة صور أو النبطية. وكذلك الأمر بالنسبة للناخب في طرابلس، حيث يتميز عن الناخب في عكار أو المنية- الضنية. وأخيراً يتميز الناخب في زحلة أو البقاع الغربي، عن الناخب في بعلبك- الهرمل.
إن هذا الواضع الشاذ من شانه أنه يؤدي إلى إلحاق الظلم والغبن بفئة من الناخبين اللبنانيين بدون أي سبب مشروع.
ثانياً: لمن صوتت أكثرية المقترعين والمنتخبين
من المسلم به، في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، أن اللقاء أو الحزب أو التجمع الذي يفوز بأكثرية المقاعد النيابية، هو الذي يمثل أكثرية المقترعين أو الناخبين. وإذ كان الأمر خلاف ذلك لما أمكنه الحصول على الأكثرية النيابية.
وإن أكثرية المقترعين أو الناخبين التي تمثلها الأكثرية النيابية، قد تزيد أو تنخفض بعد الانتخابات حسب أداء السلطة المنبثقة عن هذه الأكثرية النيابية. إلا أنه يبقى، في جميع الحالات، أن الأكثرية النيابية، تمثل، عند إعلان النتائج أكثرية المقترعين أو الناخبين، وهذا أمر ثابت وأكيد ولا مجال للمناقشة به على الإطلاق.
وفي لبنان، حصلت قوى 14 آذار (الموالاة)، بنتيجة الانتخابات، على الأكثرية النيابية، الأمر الذي يعني، وفقاً لما تقدم، أنها تمثل أكثرية الناخبين والمقترعين، إنما السؤال الذي يطرح، هل أن هذه القوى، حصلت، فعلياً على أكثرية أصوات الناخبين أو المقترعين، حتى يصح القول أنها تمثل هذه الأكثرية؟
في ما يتعلق بالناخبين، فان عددهم بلغ، حسب وزارة الداخلية، ثلاثة ملايين وماية وستون ألف ناخب، في حين بلغ عدد المقترعين مليون وخمسماية وست وسبعون ألف، الأمر الذي يعني أن قوى 14 آذار لا تمثل لوحدها أكثرية الناخبين، كما أن الموالاة والمعارضة معاً يمثلان بالكاد نصف الناخبين، وان أي منهما لا يمكنه القول أنه يمثل أكثرية الناخبين
وفي ما يتعلق بالجهة التي تمثل أكثرية المقترعين، فانه يتبين من المعلومات التي وزعتها وزارة الداخلية والمنشورة في جريدة السفير تاريخ 9 حزيران 2009، أن الأصوات التي نالتها الموالاة هي التالية:
1-    55 ألف صوت في دوائر محافظتي الجنوب والنبطية
2-    226 ألف صوت في دوائر محافظة الشمال
3-    229 ألف صوت في دوائر جبل لبنان
4-    96 ألف صوت في دوائر البقاع
5-    97 ألف صوت في الدائرتين الأولى والثالثة- بيروت
ويكون مجموع ما نالته الموالاة من أصوات في جميع الدوائر الانتخابية (26)، حوالي 700 ألف صوت تقريباً.
أما المعارضة، فإنها نالت، ودوماً حسب جريدة السفير، الأصوات التالية:
1-    294 ألف صوت في دوائر محافظتي الجنوب والنبطية
2-    37 ألف صوت في دائرتي بيروت الأولى والثالثة.
3-    134 ألف صوت في دوائر محافظة الشمال
4-    194 ألف صوت في دوائر جبل لبنان
5-    174 ألف صوت في دوائر البقاع
فيكون مجموع ما نالته المعارضة من أصوات في مختلف الدوائر 26، حوالي 830 ألف صوت تقريباً.
وتقودنا الأصوات التي نالها كل من الفريقين، إلى التأكيد أن المعارضة تمثل نسبة 54% من المقترعين، في حين أن الموالاة لا تمثل سوى 46 % فقط.
واستناداً إلى هذه النسب، كان يتوجب منطقياً، وحسب ما هو معمول به، في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، أن تحصل المعارضة على 69 نائب مقابل 59 نائب للموالاة.
غير أن المعارضة في لبنان وبالرغم من حصولها على أكثرية المقترعين لم تحصل فعلياً سوى على 57 نائب، في حين أن الموالاة نالت 71 مقعداً بالرغم من كونها لا تمثل أكثرية المقترعين.
ويتبين، على صعيد "حجم التمثيل النيابي" المخصص لكل ناخب، أن هناك أكثر من 130 ألف ناخب، لم تؤخذ أصواتهم بعين الاعتبار وذهبت أصواتهم سدى ولا قيمة لها. الأمر الذي يشكل خلالاً فاضحاً لقواعد العدل والمساواة ولحقوق الإنسان السياسية.
وبصرف النظر عن صحة العملية الانتخابية، فان هذا الوضع يتعارض مع مبادئ النظام الديمقراطي البرلماني، التي تشترط، لكي تحكم الأكثرية النيابية، أن تمثل فعلاً، عند إعلان نتائج الانتخابات، أكثرية المقترعين، الأمر غير متوافر في حالة الأكثرية النيابية التي فازت في الانتخابات.
وأمام هذه الوقائع الصحيحة، نقول أن النتائج القانونية للانتخابات النيابية، تشكل "فضيحة" بالمفهوم الديمقراطي البرلماني القائم على ضرورة تمثيل الأكثرية النيابية لأكثرية المقترعين، عند إعلان نتائج الانتخاب.
وقد يسارع البعض إلى القول، أن قاعدة المناصفة هي السبب، إلا أننا من جهتنا نعتبر، أن العامل الأساسي والمهم هو قانون الانتخاب رقم 250/ 2008 الذي اعتمد ذات الدوائر الانتخابية التي كانت قائمة عام 1960، من جهة، والنظام الأكثري من جهة أخرى.
الخلاصة
1-    تفتقر الأكثرية النيابية إلى تمثيل أكثرية الناخبين والمقترعين.
2-    وإن لم تكن تمثل أكثرية الناخبين، إلا أن المعارضة تمثل أكثرية المقترعين، وبالرغم من ذلك فإنها لم تحصل على الأكثرية النيابية.
3-    إن نتائج المقترعين اللبنانيين، وما أفرزته قانوناً من أكثرية (للموالاة) وأقلية نيابية (للمعارضة)، تشكل وضعاً شاذاً، يتعارض مع القواعد المعتمدة في النظام الديمقراطي البرلماني من جهة، ومبدأ المساواة المكرس في الدستور من جهة أخرى.
4-    إن تقسيم لبنان إلى 26 دائرة انتخابية واعتماد النظام الأكثري يقفان وراء هذا الوضع الشاذ، وان المعالجة الصحيحة، قد تكون، عن طريق جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد النظام النسبي، مع التقيد دوماً بقاعدة المناصفة.
وفي الختام، نؤكد أن هذه الدراسة لا تهدف إلى المس بقاعدة المناصفة التي تعتبر ملازمة للكيان اللبناني، إنما هدفت حصراً إلى تبيان مدى الظلم والإجحاف اللاحقين بفئة كبيرة من الناخبين اللبنانيين.

 مقالات: حافة التغيير

مقالات: حافة التغيير

قفز الشأن الاقتصادي إلى واجهة الصخب الانتخابي، والهدف على ما يبدو إحباط الخيارات البديلة عبر تعريض أصحابها لمساءلة استباقية رادعة. فجأة يدور النقاش حول فكرة واحدة: إن فوز المعارضة سيضع لبنان أمام متاعب ومخاطر لم يعهدها سابقاً. والفكرة تستحق النقاش لو أن قوى السلطة أحسنت صنعاً، أو أن سلالها ملآى بالغلال. بيد إن زرع المخاوف في هذه المرحلة الفاصلة يستبطن مديحاً لتجربة تستحق الإدانة، ليس لما تسببت به من أزمات، بل لأنها أدت خصوصاً إلى قيام اقتصاد غير واقعي يعمل وفق شروط استثنائية لا يمكن توفيرها دائماً.

 مقالات: التعاون والشراكة بين ضفتي المتوسط: رؤى وملاحظات

مقالات: التعاون والشراكة بين ضفتي المتوسط: رؤى وملاحظات

عرف العقدان الأخيران، انحرافات مشهودة في تحليل الوقائع العالمية، ويتبين ذلك على نحو خاص في رزمة المصطلحات والمفاهيم التي انتشرت بقوة، وتحولت بين ليلة وضحاها إلى أدوات نظريّة رائجة الاستخدام لوصف التطورات، ولأنها أدوات قاصرة ومنحازة فقد أدت إلى تغليب فكرة الصدام على فكرة التفاهم، وحرّضت على الحروب، وتسببت في نشر الفوضى والتمييز ونقص العدالة، فيما كانت وعود النظام الدولي الجديد؛ الرفاهية والسلام والمساواة.

 مقالات: المقاومة ومعضلة التنمية

مقالات: المقاومة ومعضلة التنمية

المقاومة في خطاب مناوئيها عقبة أمام التقدم والازدهار، وهي بحسبهم قوة طرد موروثة تعرقل مضي المنطقة في طريق الاستقرار والنمو والتنمية، فما أن تطوى صفحتها حتى يكتمل جسر العبور إلى الدولة وينعم المتعبون بسماء النظام الدولي الخلابة الصافية. هو منطق بسيط ولا يخلو من بداهة، لكنه لا يقرأ في كتاب قصص النجاح، فالدول النامية التي شقت طريقها نحو التصنيع لم تطرح على نفسها السؤال الخاطئ: ما هو حجم التنازلات السياسية المطلوب تقديمه حتى يتاح لنا تخطي عتبة التنمية، بل كان السؤال معاكساً: ما هو مستوى التقدم الممكن تحقيقه لتوطيد عناصر السيادة القومية التي تضمن ديمومة النمو والرفاهية.


 مقالات: مستقبل أسواق الصرف: الدولار مجدداً أم نظام مزدوج العملة

مقالات: مستقبل أسواق الصرف: الدولار مجدداً أم نظام مزدوج العملة

يكافح الدولار الأميركي للحفاظ على مكانته العالمية مدعوماً بأدوات اقتصادية وسياسية مختلفة، فالعملة الخضراء هي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الأميركي ولا تُترك ببساطة لعوامل العرض والطلب. وفي العادة تعكس الإجراءات التي تقوم بها البنوك المركزية الرئيسية في العالم موازين القوى على المسرح الدولي، وهي في بعض الحالات القناة المناسبة لنقل الأزمات من مكان إلى آخر. وهذه إستراتيجية معروفة داخل النظام الرأسمالي، فالدول الأقوى تعمل على إلزام غيرها بإتباع سياسات نقدية قد لا تصب في مصلحة تلك الدول، كما حصل مع اليابان في تسعينات القرن المنصرم، وكما يحصل اليوم مع معظم الدول النفطية. وبما أنّ حجم الاحتياطيات الرسمية  تشكل حوالي نصف قيمة التجارة الدولية فستظل السلطات النقدية عبر العالم قادرة على التدخل والتأثير بقوة على أسعار الصرف أكثر مما تفعله قوى السوق نفسها.

 اوراق بحثية: مشاكل الاتفاقية العراقية الأميركية

اوراق بحثية: مشاكل الاتفاقية العراقية الأميركية

إصدار 2009-05-05

بعد خمس سنوات من احتلال الجيش الأميركي للعراق، وبعد تصاعد أعمال المقاومة والفشل في السيطرة على الأمن، أبرمت اتفاقية لانسحاب الجيش الأميركي من العراق على أن يتم ذلك في مهلة ثلاث سنوات تنتهي سنة 2011.

 مقالات: إصلاح النظام المالي الدولي ... بداية متعثرة

مقالات: إصلاح النظام المالي الدولي ... بداية متعثرة

لم تبعث قمة الدول العشرين الأمل بإصلاح سريع للنظام الاقتصادي الدولي، فقد تغلبت المخاوف على روح المبادرة، وحلّت التسويات محل البحث عن مخارج نهائية لأزمة تنذر بالمزيد. مع ذلك جاء البيان الصادر عنها مسهباً ومليئاً بالوعود، واضعاً بين أيدي صانعي القرار في العالم جدول أعمال طويل يفيض عن إمكاناته الاقتصادية ويتجاوز ظروفه الاقتصادية. فالأزمات تشجع عادة الحلول الفردية وتزيد من قوة التجاذبات الداخلية، دافعة الدول نحو إجراءات أحادية تلحق الضرر بالآخرين. وقد أعربت الأسواق عن عدم ثقتها بنية الدول المشاركة الوفاء بتعهداتها، فظلت على تشاؤمها ولم تنعكس القرارات السخية وعلى أداء أسواق المال والعملات إلا بالقدر اليسير.

 مقالات: النظام الدولي أمام خيارين اميركيين: الانكفاء او الشراكة

مقالات: النظام الدولي أمام خيارين اميركيين: الانكفاء او الشراكة

تجد الولايات المتحدة الأميركية نفسها أمام مهمة شاقة هي إعادة اكتشاف العالم لمعرفة أي طريق عليها سلوكه، والمهمة على أية حال محفوفة بالمخاطر، فالعودة الى الوراء غير ممكنة، والمضي قدماً في الطريق نفسه حماقة لا يمكن تحمل تبعاتها. وليس أمام واشنطن سوى مخارج قليلة، تقع في ذلك الهامش المفتوح ما بين الانكفاء الذي قد يلامس حدود العزلة، أو البحث عن صياغة جديدة لدورها العالمي في إطار من التعاون والشراكة.
و يترتب على الخيارين نتائج اقتصادية وسياسية كثيرة، وتداعياتهما لا تقل أهمية أو خطورة عن تلك التي أدت إليها خيارات أميركية سابقة. ففي التسعينات أرسيت قواعد عمل العولمة على مزيج من الانفتاح والهيمنة بوسائل تجارية واقتصادية، فاتسع النفوذ الأميركي باطراد، وفي عهد جورج بوش صارت الحرب هي الوسيلة لتحقيق الهدف نفسه، لكنها انتهت إلى ما هو معروف من الخسائر والكوارث. وها نحن اليوم نقف عند تقاطع سياسي اقتصادي جديد، حيث إن فشل سياسة الحرب من ناحية وتعذر العودة الى النموذج الاقتصادي العالمي من ناحية ثانية، يمهدان لتغير موازين القوى الاقتصادية وتبدل اتجاهات العولمة. ومن مؤشرات هذا التبدل فرض مزيد من القيود على حركة الرساميل و بدء ارتداد الشركات العابرة نحو بلدانها الأم، وتدني مكانة المؤسسات الاقتصادية الدولية.
ويواجه الاقتصاد العالمي مشكلة التكيف مع التحولات السياسية المرتقبة، فبقدر ما كان العنف الإمبراطوري الأميركي سبباً من أسباب الأزمة المالية، فإن التدهور الاقتصادي الناتج عنها، هو من العوامل التي ترفع منسوب التوتر وتؤدي إلى اتساع محاور الاضطراب في العالم.  وبحسب المؤرخ الأميركي "نيال فرغسون"، الذي رصد طويلاً صراعات القرن العشرين، فإن  عدم الاستقرار الاقتصادي، وانحسار نفوذ الإمبراطوريات و وارتفاع منسوب التوتر العرقي تزيد من احتمال تصاعد العنف. وتجتمع هذه العوامل الثلاث فيما بينها اليوم متفاعلة على نحو غير مسبوق، مما ينذر بتحول العنف الإمبراطوري، إلى عنف فوضوي يتنقل باستمرار على متن أزمة اقتصادية واسعة وعميقة.
هل يمكن ضبط الفوضى الآتية بمجرد استبدال الإدارة الأحادية للعالم بسلطة عالمية متعددة الأطراف تقف الولايات المتحدة على رأسها؟
يتحدث تقرير أعده ثلاثة من كبار الأكاديميين الأميركيين، تحت عنوان "خطة عمل"، وموجه بالأساس الى البيت الأبيض، عن رؤية جديدة للنظام الدولي في إطار ما أسموه "السيادة المسؤولة"، التي تمهد لقيام نظام دولي جديد قائم على التعاون. وبالنسبة لواضعي التقرير فإن الأمن لم يعد مسألة قومية بل بات مرتبطا بالأمن العالمي، ولضمان أمن الولايات المتحدة الأميركية لا بد من نظام دولي يطبق قواعد عالمية مقبولة من الجميع ويتجاوز الأحادية القطبية ولا يسارع الى استعمال القوة.
وعلى أهمية هذا التطور الذي يدل على فشل المقاربة الأمنية للعالم، فإنه غير كاف ما لم يتم الإقرار صراحة بأنّ  قواعد النظام الدولي الجديدة يجب أن تقوم على مسارين متوازيين سياسي واقتصادي، فلا يتم اللجوء مثلاً الى مجموعة العشرين لتنسيق السياسات المالية والنقدية في مواجهة الأزمة بينما تتخذ القرارات الكبرى العسكرية والسياسية في واشنطن إلى جانب عدد قليل من العواصم الغربية في أحسن الأحوال.
ويتطلب ضبط الفوضى تسوية التفاوت القائم داخل النظام الدولي بين الأهمية الاقتصادية للدول  وبين مكانتها السياسية، ومن دون ذلك لن يكون بوسع هذا النظام السيطرة على أزماته السياسية وأزماته الاقتصادية في الوقت نفسه. و ينطبق ذلك بالدرجة الأولى على الولايات المتحدة التي تحظى بقوة عسكرية وسياسية تفوق كثيرا مساهمتها في الاقتصاد العالمي، ولا تقاس تلك المساهمة فقط بحصتها من الناتج العالمي ونصيبها في التجارة الدولية، بل أيضاً بدورها في الوقاية من الأزمات وتهدئة الأسواق. فيما صار أداء الاقتصاد الأميركي المتراجع منذ سنوات مصدر قلق وخطر، وتكفي الإشارة في هذا المجال، إلى أن كلفة تمويل العجز الفدرالي في العامين المقبلين ستتخطى المبالغ اللازمة لإطعام النصف الأكثر فقراً من سكان العالم. و حتى لو اتجهت أميركا لبناء دورها العالمي الجديد على أساس الشراكة والتعاون، فإن ذلك لن يحل المشكلة، ما دامت تعتبر أن من حقها أيضاً تقرير مصير الآخرين ورسم أدوارهم.
يرتبط الاستقرار العالمي إذاً بقيام نظام دولي تحتل فيه الولايات المتحدة موقعاً يتناسب مع أهميتها الفعلية، ويحد من قدرتها على التصرف دون رادع بموارد العالم وخيراته. وهذا غير مستحيل، إذ يكفي أن تقوم بضعة دول نفطية وناشئة بتنويع احتياطاتها حتى يفقد الدولار وظيفته كعملة مرجعية عالمية وتتراجع بذلك السلطة النقدية المطلقة لواشنطن. لكن الأخيرة تتحسب لهذا النوع من المخاطر، وستظل ممسكة بهيمنتها النقدية حتى النهاية ولو من طريق القوة، وحين طالب المصرف المركزي الصيني مؤخراً بعملة احتياط أخرى بدلاً من الدولار، سارع الرئيس الأميركي إلى التأكيد على القوة الاستثنائية لعملة بلاده المستمدة برأيه من  إيمان المستثمرين "بأنّ الولايات المتحدة الأميركية تملك أقوى اقتصاد في العالم وان لديها نظاما سياسياً هو بدوره الأكثر استقرارا".
وسواء اختارت أميركا الانكفاء على الذات، أم الانفراد بإعادة صياغة النظام العالمي، فإنّ العالم لن يتخطى خطر الأزمة ما لم يتخلص من الحمولة الزائدة التي يمثلها التضخم غير المبرر لدور تلك الدولة، وما لم يكن لديه معايير موحدة يمكن تطبيقها على الجميع دون استثناء.

 مقالات: عن الجانب الاقتصادي الاجتماعي لبرنامج الموالاة الانتخابي: العبور الى الدولة ام الى ... الخارج

مقالات: عن الجانب الاقتصادي الاجتماعي لبرنامج الموالاة الانتخابي: العبور الى الدولة ام الى ... الخارج

بوسع أي كان أن يلمس ما هو جديد في برنامج قوى الرابع عشر من آذار الانتخابي، اللغة متواضعة والنبرة لينة والآمال لا تحلق بعيداً. وهذا ليس ثانوياً، فالعنف اللفظي كان وما زال مصدر قوة لهذا الفريق، ويدل اختيار عبارات حذرة على وهن آلة التحريض، التي استمدت مبالغاتها من مرحلة آخذة بالاندثار، ومع أن البيان يقف متردداً عند حدود الآراء المألوفة، فهو يشير إلى أن الراديكالية التي طبعت هذه القوى بطابعها منذ الولادة بل كانت ضمانة وحدتها، لم تعد قابلة للاستمرار. لكن على الرغم ذلك فإن المزج ما بين لغة تتوخى الحوار كما في البيان، والتمسك بالسياسات التقليدية التي فتحت باب الانقسام على مصراعيه، يظهر أن الموالاة ليست مستعدة بعد لتقديم التنازلات اللازمة لانجاز المصالحة وقيام التسوية الوطنية الدائمة على كل الصعد.

 مقالات: مكافحة الفقر: التمكين لا التوزيع

مقالات: مكافحة الفقر: التمكين لا التوزيع

تُطرح قضايا الفقر وعدالة توزيع الدخل في لبنان من مدخلين: مدخل البرامج الاجتماعية المباشرة بما فيها من معونات وعطاءات، ومدخل المالية العامة التي تجد نفسها منغمسة في التعامل مع النتائج وغالبا على نحو مكلف وغير مدروس، وكلا المدخلين يقودان إلى المكان الخطأ، فتكثيف التوزيعات النقدية تحت مسميات اجتماعية شتى يزيد نسبة المداخيل المكتسبة من غير إنتاج، مع ما يرتبه ذلك من نقص في الإنتاجية، وهي نسبة كبيرة بالأساس إذا أخذنا بالحسبان تحويلات المغتربين والتدفقات المالية التي تمول قروضاً شبه دائمة تتجدد تلقائياً.

 مقالات: خطة التحفيز الاقتصادي: التدخل الحكومي الصعب

مقالات: خطة التحفيز الاقتصادي: التدخل الحكومي الصعب

وقع الرئيس الأميركي باراك اوباما على برنامج اقتصادي هو الأضخم في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية وربما في تاريخ العالم. وتوحي أرقام البرنامج التي تساوي787 مليار دولار وتنفق على مدى سنوات، بأن الطريق بات مفتوحا أمام عودة ظافرة لتعاليم مدارس الحماية والتدخل الحكوميين، بل كأنها تعيد عجلة التاريخ إلى الوراء، حين أطلق الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت برنامج "الصفقة الجديدة" 1933-1938 متأثراً بأقوال وتعاليم جون مينارد كينز.

 مقالات: العدوان على غزة قراءة في النتائج على ضوء العقيدة الامنية لكيان العدو وتحولات المنطقة

مقالات: العدوان على غزة قراءة في النتائج على ضوء العقيدة الامنية لكيان العدو وتحولات المنطقة

لم تكن حرب غزة بمعنى ما سوى استئناف لحرب تموز2006، فكلاهما جزء من حروب النظام الدولي التي استهلتها إدارة بوش عام 2002، وهما يقعان في سياق ردة فعل كيان العدو، على التحولات التي تحيط به، ويرى نفسه عاجزا عن توقعها فضلاً عن الإمساك بزمام المبادرة فيها. وقد سجل هذا الكيان إخفاقات متتالية في التكيف مع التحديات الجديدة التي طرأت على المنطقة في العقود الثلاثة الماضية، ولم يتمكن من تشكيل وعي جديد يتناسب مع تبدل أوضاع الفاعلين الرئيسيين فيها، وبروز عناصر جديدة لم تكن موجودة عند نشوئه، وها هي عقيدته الأمنية التي منيت بفشل جديد في غزة، تظهر أنه ما زال ملتصقا بلحظة التأسيس، حين وضع ديفيد بن غوريون الخطوط العريضة لنظرية الأمن القومي، واختصر خلالها التهديدات الوجودية لدولته بالمخاطر التقليدية المتأتية من الجيوش والقوى النظامية.

 مقالات: الخطة الحكومية لمواجهة الأزمة :هل يمكن فصل المسار المالي عن المسار النقدي؟

مقالات: الخطة الحكومية لمواجهة الأزمة :هل يمكن فصل المسار المالي عن المسار النقدي؟

انتظرت الحكومة اللبنانية طويلاً قبل أن تدلي بدلوها بشأن التداعيات الاقتصادية للازمة المالية العالمية. فقد انشغلت في الأشهر الستة الماضية بتعميم رسائل الطمأنة، والثناء دون تحفظ على خياراتها الخاصة. ويعتبر التقرير الذي أعدته رئاسة الحكومة ويتضمن أفكارها الرئيسية لحماية الاقتصاد الحقيقي، أن "الخطوات الاستباقية" التي قامت بها السلطات و"السياسات المالية والنقدية والمصرفية الحكيمة " هي "التي نأت بلبنان ومصارفه عن التأثر بالنتائج المباشرة للأزمة"، متجاهلاً العوامل الأهم مثل تبعية القطاع المصرفي للقطاع العام وافتقار لبنان لسوق مالية قوية.  

 اوراق عمل: المقاومة وتطبيق اتفاق الطائف من التسوية إلى الإصلاح

اوراق عمل: المقاومة وتطبيق اتفاق الطائف من التسوية إلى الإصلاح

لم يفلح اللبنانيون بعد في تثبيت جدول الأعمال الوطني على أولويات محددة، بعد أربع سنوات من خروج الجيش السوري من لبنان، وفي ظل تطورات داخلية وخارجية أعادت خلط الأوراق أكثر من مرة. ولم يكن هذا قدراً، بل خياراً سعى إليه بعض اللبنانيين، ممن جذبهم الطموح إلى الاستثمار في تغيير موازين القوى بعد حرب العراق، وكان هؤلاء أكثر ميلاً من غيرهم إلى ربط الوضع الداخلي بمناخات المنطقة، بخلاف دعوتهم العلنية إلى حياد لبنان و فصله عن بؤر التوتر المحيطة به.

 مقالات: التباطؤ في اعمار غزة ورسملة جريمة الحرب

مقالات: التباطؤ في اعمار غزة ورسملة جريمة الحرب

تجرب آلة القتل الإسرائيلية حظها مع ما يعرف "بالحرب ضد السكان"، وهو جيل جديد من العنف يأتي في سياق التحول المطرد لأهداف العدو في صراعه مع المنطقة. فبعد أن كان الهدف في حربي تموز 1993 ونيسان 1996هو الضغط على الحكومة (اللبنانية) لتغيير سياساتها وعلى المدنيين لتغيير خياراتهم، صار الهدف في حرب تموز 2006 والعدوان على غزة، إبادة المجال المدني للمقاومة، كتعويض عن الفشل في جعل المجتمع مناوئاً لها. وبات سقوط هذا الكم الكبير من الضحايا المدنيين مطلوباً بحد ذاته، بل المطلوب أن يكون القتل مشهدياً وسافراً ولا يمكن نسيانه، كما في دفن أسر بأكملها الركام، أو إمطار الأحياء والشوارع بزخات من اللهب.

 اوراق عمل: رؤية متكاملة للتنمية الزراعية في لبنان

اوراق عمل: رؤية متكاملة للتنمية الزراعية في لبنان

يعتبر لبنان من أكثر دول المنطقة تمتعاً بالخصائص الزراعية ومع ذلك فإن ترتيبه متأخر بينها، سواء لناحية مساهمة الزراعة في الناتج المحلي القائم التي لا تتجاوز 5%، في مقابل 14.3% لتونس و19.3% المغرب، و15.8% لمصر و24.1% لسوريا..، أو لجهة حصة قطاعي الإنتاج السلعي التي انخفضت من حوالي ثلث الناتج قبل الحرب الأهلية إلى أقل من 13% حالياً، فيما تصل هذه النسبة إلى 28% في سوريا و32% في تونس وأكثر من 40% في المغرب.