مقالات: نحو برنامج وقائي لمرحلة انتقالية صعبة

مقالات: نحو برنامج وقائي لمرحلة انتقالية صعبة

يمر لبنان بمنعطف جديد هو الأخطر، فدوامة عدم اليقين قد تدوم طويلاً هذه المرة، والمناخ المحلي والإقليمي مليء بالمتغيرات التي لا يمكن التحكم بها أو التنبؤ بمساراتها، فضلاً عن تضاؤل الأمل بأن يسترد النشاط الاقتصادي قوة دفعه الذاتيّة ويستعيد من خلالها مناعته المفقودة . 

 مقالات: التجارة والتنمية: تنوّع الاتجاهات وتفاوت في الفعالية

مقالات: التجارة والتنمية: تنوّع الاتجاهات وتفاوت في الفعالية

تهيمن المقاربة النيوليبرالية كما هو معروف على العلاقات الاقتصادية الدولية والسياسات العامة، لكنها ليست المقاربة الوحيدة، فأروقة المؤسسات المالية الدولية وغيرها من الهيئات تضج بنماذج بديلة، لكنها تتعرض للقمع الفوري إذا كان شأنها المس بمصالح الدول الكبرى، أو تتحول إلى أدب اقتصادي صرف يجري إهماله.

 مقالات: اعادة الاعمار: سوء توزيع لا ازمة تمويل

مقالات: اعادة الاعمار: سوء توزيع لا ازمة تمويل

تواجه الحكومة اللبنانية في ملف إعادة الاعمار ما لم تعهده  أثناء الحقبة السورية، آنذاك ساعدتها المظلة السياسية المحكمة على التحلّل من موجبات المساءلة، والفت نفسها قادرة على تكرار الأخطاء ما لم تخرج على توازنات النظام أو تصطدم بقيد الموارد المتضائلة. وها هي اليوم تقع تحت طائلة رقابة سياسية واقتصادية وشعبية لم تعتدها، فتحاول الإفلات منها من طرق عدة؛ التظاهر بالشفافية، ربط الانجازات بالتمويل الخارجي دون الداخلي، واستدراج الشرائح المصابة إلى جدال مريب حول أسباب الحرب ونتائجها والمسؤوليات المترتبة عليها.

 مقالات: هل يمكن للدولة التحلل من مسؤولياتها الاجتماعية؟

مقالات: هل يمكن للدولة التحلل من مسؤولياتها الاجتماعية؟

تواجه الدول المختلفة معضلة التضارب ما بين مبدأي "المسؤولية الاجتماعية"، و"الحذر المالي والنقدي". فالجميع بحسب المفكر الاقتصادي المعروف "أمارتيا سن" يعي أهمية رعاية الفئات الأكثر حرماناً ومواجهة المشاكل التي لا يمكن التصدي لها إلا على نحو مشترك، لكنهم يدركون في الوقت نفسه أنّ تضافر الالتزامات قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الإجمالية وتعريض الاستقرار المالي للخطر.

 مقالات: نزف الموارد ووجوه أخرى للأزمة

مقالات: نزف الموارد ووجوه أخرى للأزمة

يواجه لبنان دفعة واحدة أربعة اختلالات حادة: عجز في الحساب الجاري (حوالي 11.5% من الناتج المحلي القائم)، وعجز في الميزانية العامة (14%) وزيادة الإنفاق الوطني على الناتج (22%) وحصيلة سالبة لحساب الادخار/ الاستثمار(22.3%). وبذلك يكون لبنان أحد الدول العشرين التي سجلت أسوأ النتائج في الحساب الجاري (إلى جانب أثيوبيا وغرينادا وصربيا وأيسلندا والدومينيك وغامبيا ولاغوس وغيرها) والثالث عربياً بعد كل من الأردن (16%) والسودان (14.5%)، فيما سجلت منطقة الشرق الأوسط (عدا كيان العدو) فائضاً في الحساب الجاري وفي حساب الإدخار/ الاستثمار مقدارهما على التوالي 19.6% و12%. 

 مقالات: انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية: نهاية السياسات الوطنية

مقالات: انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية: نهاية السياسات الوطنية

يستعد لبنان للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، بعد أن وافق أعضاء مجموعة العمل الخاصة به في نيسان الماضي على مسودة التقرير الأول الذي يتضمن شروط انضمامه.

 مقالات: منظمة التجارة العالمية وسياسات الخصخصة

مقالات: منظمة التجارة العالمية وسياسات الخصخصة

يمكن اعتبار منظمة التجارة العالمية آلية للتفاوض أكثر مما هي مؤسسة، فلا زالت تفضل حتى الآن اتخاذ قراراتها على أساس التوافق لا التصويت، ويرتبط وجود المنظمة التي أقرت وثيقة إنشائها عام 1994 وانبثقت من جولة مفاوضات الغات الثامنة، بالمبدأ الذي يرى أنّ "التجارة الدولية هي محرك التنمية" وليس العكس، ومع أنها تركز على إزالة العوائق من أمام تدفق السلع والخدمات والاستثمارات عبر الحدود، فإنها تفتح الباب واسعاً أمام مفهوم أشمل للتحرير يطال الأطر التي تنظم المبادلات الداخلية وشروط التزود بالخدمات الأساسية وحدود تدخل الدولة.

 مقالات: تداعي الحريريّة ومهمة ملء الفراغ

مقالات: تداعي الحريريّة ومهمة ملء الفراغ

بعد عقد ونصف من الهيمنة، انحرفت "الحريرية" محاولة شقّ طريق أمام مشروع سياسي مضطرب لا تمسك إلا القليل من خيوطه، فانكفأت عن مسارها الأصلي ذي الطابع الاقتصادي، من دون تحقيق نضوج سياسي كاف للقبض على ناصية السلطة، وإذا صحّ أن الأهداف التي رسمها الرئيس الراحل رفيق الحريري اندثرت تحت ركام التطورات القاهرة والقرارات الخاطئة والأزمات التي كان من الممكن تجاوزها، نكون قد عبرنا إلى خواء إيديولوجي لم يعهده النظام اللبناني منذ نشأته.

 

 مقالات: عودة التضخم وإخفاق المقاربة النقدية للاستقرار

مقالات: عودة التضخم وإخفاق المقاربة النقدية للاستقرار

مزجت السلطات في لبنان على نحو مستغرب بين المدخلين الكينزي والنقدي (ميلتون فريدمان) المتعارضين في إدارة الشأن الاقتصادي، باعتمادها المتوازي على السياستين المالية والنقدية في تحقيق أهداف متضاربة، فالموازنة العامة عند كينز هي الأداة الأفضل لتجنب حالتي الانكماش والرواج التضخمي، أما في لبنان فقد استعملت بنود الإنفاق لتمكين أطياف في الدولة من الإمساك بالقرار الاقتصادي والاجتماعي ولنزع العوائق التي قد يبديها المتضررون، فيما لم تظهر السلطات أدنى اهتمام بقضايا التشغيل والعمالة ولم تكن السياسات المالية التوسعية أو التضييقية آلية لضبط التوازن في أسواق السلع والمال عند نقطة قريبة أو متطابقة مع التوازن الاجتماعي.

 مقالات: دور الشبكات السياسية والاجتماعية في الازمة

مقالات: دور الشبكات السياسية والاجتماعية في الازمة

يتربع لبنان على قمة هرم الدول المدينة في العالم، ولديه من المؤشرات ما يكفي لتوقع تصدع وشيك في الأسواق والدخول في منطقة "هجمات المضاربة": دين عام يقارب ضعف الناتج المحلي، عجز في الحساب الجاري يعادل تقريباً ربع هذا الناتج، معادلة ادخار/ استثمار سالبة،..لكن البلد يمتلك بالمقابل ديناميكية مضادة للانهيار: موجودات خارجية لدى مصرف لبنان ولدى المصارف تساوي على التوالي 50% وأكثر من 100% من الناتج، وهيكلية مؤاتية نسبياً للدين العام فنصفه تقريباً محرر بالليرة اللبنانية فيما يحتفظ مصرف لبنان بحوالي ربع السندات الحكوميّة...

 مقالات: الاستثمارات الاجنبية مدخل الى التنمية ام نتيجة لها؟

مقالات: الاستثمارات الاجنبية مدخل الى التنمية ام نتيجة لها؟

منذ مطلع التسعينات احتل مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر FDI مكاناً بارزاً  في تحليل كفاءة الأداء الاقتصادي، وذلك بمعزل عن الأسباب التي تقف وراء تدفق الأموال و مفاعيل هذا التدفق و تكاليفه وطرق استعماله، وتوصي المؤسسات الدولية البلدان المختلفة بمراجعة سياساتها وبرامجها وتشريعاتها الوطنية حتى تحصل على حصة أكبر من التدفقات الخارجية، من دون أن يكون ذلك بالضرورة جزءاً من مراجعة شاملة تتوخى تحقيق أهداف أبعد وأشمل.

 مقالات: البعد التعبوي لحرب تموز وانتصار المقاومة

مقالات: البعد التعبوي لحرب تموز وانتصار المقاومة

إصدار 2007-07-17

لا بد من تحديد معنى تعبوي، إذ ثمة تداخل معاني مع تعبير تعبوي ... وتداخل أبعاد، وغالباً ما يستخدم مترادفاً مع البعد العقائدي، هذا ما يريده المنظمون، لكن اغلب ظني أن "تعبوياً" تعني البعد العقائدي فضلاً عن دلالات تقنية وهي تتعلق بكيفية الاستنهاض والتنوير والتعبئة وتوفير الجاهزية النفسية والمعنوية في البنية البشرية للمقاومة... أي أن للبعد التعبوي دلالات إذا اتصلت بالمضمون فإنها تتخذ المعنى العقائدي.. أما إذا اتصلت بالشكل فإنها تتخذ دلالات تتصلب الوسائل التي يهدف من خلالها تهيئة الأهلية والاستعداد والجاهزية...

 مقالات: دور الدولة في حتمية التغيير ووهم السيطرة

مقالات: دور الدولة في حتمية التغيير ووهم السيطرة

هل يمكن التعامل مع الأزمات المختلفة التي يمر بها لبنان، من دون تطوير مفهوم الدولة، في وقت تبدو فيه مسارات الإصلاح وكذلك مسارات الفشل مترابطة إلى حد بعيد. فمن "فضائل" المأزق الراهن تأكيده أنّ للدولة فضاءً واحداً، وأن تضارب السياسات أو توازيها لا يعني البتة انتماءها إلى عوالم منفصلة.

 مقالات: لماذا يتسلق لبنان سلم الدول الفاشلة؟

مقالات: لماذا يتسلق لبنان سلم الدول الفاشلة؟

نشرت مجلة Foreign policy في عددها الأخير (تموز / آب) الدليل السنوي الثالث للدول الفاشلة، الذي تعده بالتعاون مع "الصندوق من أجل السلام"، ويصنف الدليل  أوضاع 177 دولة، وفق تقسيم يظهر مدى هشاشة أو متانة أوضاعها ، معتمداً على حوالي 12000 مصدر للمعلومات، جمعت في الفترة الواقعة بين شهري أيار وكانون الأول من العام الماضي. ويصف الدليل الدول التي تسجل أكثر من 60 نقطة بأنها في أوضاع حرجة أو شديدة الحرج، وما بين 30 و59.9 بأنها مستقرة وما دون 30 نقطة بشديدة الاستقرار.

 مقالات: الاختراق والمنافسة في سوق الخلوي ... بين الخصخصة والتحرير

مقالات: الاختراق والمنافسة في سوق الخلوي ... بين الخصخصة والتحرير

صنف تقرير نشر مؤخراً لبنان في المرتبة 15 عربياً لناحية كثافة المنافسة في قطاع الخلوي، بعدما احتل المرتبة 11 في العام الماضي، حيث سجل 35.1 % في مقابل 51.1% معدلاً إقليمياً. لماذا يحتل لبنان هذه المرتبة المتأخرة ؟ هل أن ملكية الدولة للقطاع هي السبب أم أن المشكلة هي في عدم إدخال مشغلين جدد وضعف قدرة الحكومة على تنظيم الأسواق والرقابة على القطاعات الحيوية سواء كانت في عهدة القطاع العام أو الخاص.

 مقالات: برنامج الإصلاح الحكومي

مقالات: برنامج الإصلاح الحكومي

يبدو أن مفارقات التخطيط التي لازمت السياسات الحكومية في الفترة السابقة تطل برأسها من جديد، فبعد مرور وقت قصير على تبني الحكومة "البرنامج الاقتصادي للبنان" الذي تضمن رؤيتها "الإصلاحية" ورزمة من إجراءات "التصحيح المحلي"، ها هي تضطر إلى إعادة النظر بالتقديرات الرئيسيّة الواردة في السيناريو الماكرو- اقتصادي متوسط الأمد، كما يتبين من التقديرات الواردة في تعميم وزارة المالية الموجه للإدارات والأجهزة بشأن إعداد موازنة 2008. ولنتذكر هنا أن السيناريو المذكور هو الجزء الأهم من البرنامج، فهو يصوّر من ناحية العلاقة بين الأهداف التنموية والاجتماعية والاقتصادية والمالية الواردة فيه.

 مقالات: إصلاح السياسات الاجتماعية في لبنان: نقاش في المبادئ

مقالات: إصلاح السياسات الاجتماعية في لبنان: نقاش في المبادئ

تبدو المجموعات اللبنانية معنيّة أكثر من أي وقت مضى، بتضمين خطابها السياسي عناصر اجتماعية بارزة، وذلك نتيجة التحولات التي عرفها لبنان في الأعوام الثلاثة الماضية والتغيير في الخريطة السياسية التي رافقها، فالقوى الليبرالية التي كانت مشاركة في السلطة وعلى رأسها تيار المستقبل، حصرت انتشارها السياسي في الحقبة الماضية داخل المساحة التي تكفل لها تمرير مشروعها القائم على الإفراط في التخصص والحد من التنويع الإنتاجي، والتخلص من الأعباء التوزيعية التي تعيق "المنافسة الإقليمية". لكن حدود انتشار هذه القوى توسع في الآونة الأخيرة ليشمل في آن معاً المركز والأطراف، وهذا بحد ذاته تحد عليها التعامل معه إمّاّ بتقديم تنازلات أيديولوجية لا يتوقع حصولها، أو بإدخال تعديلات جانبية لا تطال جوهر رؤيتها المهيمنة منذ عام 1992. تجدر الإشارة إلى أن القوى المذكورة قدمت في التسعينات تنازلات كثيرة في إطار مقايضة مع شركائها الوطنيين تكفل لمشروعها الصمود والاستمرار، وها هي اليوم تعتزم تقديم تنازلات مماثلة وللهدف نفسه لكن بغرض الحفاظ على تماسك وصلابة تضامنها الداخلي، وفي سياق صيانة النموذج الذي بدأ يتهاوى تحت وقع الأزمة المالية.
هل نحن إذاً أمام تحولات ملموسة تتيح التقارب بين النهجين الاقتصاديين المتضاربين: "الاجتماعي/التنموي" و"الليبرالي/الاحتكاري"، وهل يمكن اعتبار اتفاق الفئات اللبنانية على التنويه بأهمية السياسات الاجتماعية نقطة التقاء مهمة.
لو انطلقنا من برنامج الحكومة المقدم إلى مؤتمر باريس 3 في بداية العام الجاري، فسنلحظ وجود تعبيرات جديدة، البرنامج يخاطب المجتمع الدولي طلباً للدعم المالي في ستة مجالات من بينها " إصلاح القطاع الاجتماعي، وتحسين المؤشرات الاجتماعية وخفض التفاوت المناطقي".
غير أن "برنامج الحكومة لتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية" الذي أعدته وزارة الشؤون الاجتماعية لاحقاً خفّض من جديد سقف التوقعات، فقد أعاد التأكيد على أن عزم الحكومة تحسين الآليات المتبعة في تقديم الخدمات، لا يعني تعديل مضمون رؤيتها الاجتماعية التي تحمل عملياً هدفاً وحيداً هو توسيع نظام الإعانات النقدية من أجل "تخفيف الفقر"، ويمكن الاستنتاج بسهولة أن مفردتي الإصلاح والترشيد كانت تعني أينما ذكرت في البنود الأخرى الحد من الإنفاق الحكومي وليس زيادة كفاءة وفعالية هذا الإنفاق.
والمفارقة أن زخم الخطاب الاجتماعي المستجد، ليس له علاقة بمراجعة ما للسياسات المتبعة، بل يرتبط أكثر بتوصيات وضغوط كبار المانحين، وعلى نحو خاص البنك الدولي والمفوضية الأوروبية اللذين ينصحان الحكومة باستمرار الالتزام بتحقيق أهداف لها علاقة بالتفاوتات المناطقية والاجتماعية وبشبكات الأمان.
يفترض بالرؤية الجديدة أن تحقق انتقالاً نوعياً من وظيفة للدولة إلى أخرى، وتحديداً من سياسات اجتماعية مهمتها معالجة الاختلالات الناتجة عن قصور السياسات الأخرى الاقتصادية والمالية والنقدية ومداواة العوارض الخطيرة للفشل، إلى سياسات اجتماعية        و اقتصاديّة متلازمة بحيث يكون من معايير النجاح أو الإخفاق تحقيق تقدم على الصعيد الاجتماعي. ولنتذكر هنا أن موجة الإنفاق الكبرى في التسعينات والتي لا يمكن تكراراها، تزامنت مع تراجع ملموس في المؤشرات الاجتماعية، ويكفي أن نذكر هنا أن معامل جيني GINI الذي يقيس عدم عدالة توزيع المداخيل سجل ارتفاعاً مع زيادة النفقات الحكومية وانخفاضاً مع انخفاضها، مما يدل على وجود أثر توزيعي عكسي للسياسات المالية.

إن تصميم سياسة اجتماعية جديدة تحقق القفزة الايجابية المطلوبة وتستخلص عبر الماضي لا بد وأن تراعي المبادئ التالية:
1-    ديمقراطية الأهداف؛ بحيث يتم من جهة مراعاة مصالح جميع الأطراف المشاركة في الإنتاج، ومن جهة أخرى ردم الفجوة الناشئة عن التحيزات غير المبررة، والتي كان من نتائجها مثلاُ الانخفاض الدراماتيكي لحصة الأجور من الناتج المحلي، وتراجع مستوى التنوع الإنتاجي وزيادة معدلات البطالة والهجرة والفقر.

2-    الترابط بين الإصلاحات ومركزية دور الدولة؛ فلا يمكن إصلاح السياسات الاجتماعية بمعزل عن إصلاح السياسات الأخرى، أو في إطار تقليص حضور الدولة. فالتدخل الحكومي مطلوب في المرحلة الانتقالية التي تنتظرنا لتحقيق أربعة أهداف ملحة: تخفيف الضغط الاجتماعي، تحقيق الحد الأدنى من الإشباع في الخدمات الأساسية، المساعدة على تحمل الكلفة الاجتماعية للتصحيح المالي، والاستعداد لاستيعاب الانعكاسات الناشئة عن أي تدهور مرتبط بالأزمة.

3-    السياسات الاجتماعية تتطلب مزيداً من الإنفاق العام الكفء: إنّ فائض الإنفاق الصحي والتربوي الإجمالي قياساً إلى الناتج المحلي في لبنان (أكثر من 22%) يقابله تدن نسبي في حصة الحكومة من هذا الإنفاق، والتي تمثل حوالي 30% من مجمل الإنفاق الصحي مقابل ما بين 60 و70% في منطقة الـMENA ،  وتصل مساهمة  الأسر في الإنفاق التربوي إلى حوالي 7% من الناتج بينما هي على سبيل المثال 0.4% فقط في فرنسا و2.2% في الولايات المتحدة و2.8% في كوريا وأقل من ذلك في الدول المجاورة.

    لكن على الإنفاق الحكومي الإضافي أن يعالج مشكلتي عدم التناسب بين خطط التجهيز المادي والبشري وعدم التطابق بين العرض والطلب عند مستويات محددة من الجودة، وهذا يستدعي زيادة حصة الاستثمار المادي والبشري من مجمل الإنفاق الاجتماعي العام، باستثناء مجالات ومناطق محددة تعاني من فائض في العرض. 

4-    تطوير المفاهيم: ينبغي أن يترافق تصميم سياسات اجتماعية جديدة مع التنازل عن مبدأ "النمو يحقق آلياً التنمية "، بينما تظهر التجارب الناجحة في الربع الأخير من القرن الفائت التلازم بين تحقيق التنمية وتطبيق سياسات مقصودة لتقليص الفوارق الاجتماعية والطبقيّة، ما يرجح إتباع المبدأ المقابل: "النمو والتنمية في آن".
 
هذا يفترض التخلي عن الميل الراهن للفصل بين السياسات الاجتماعية واستراتيجيات الإنماء المتوازن، والذي يظهر بوضوح في المقاربة الحكومية التي تقوم على معالجة أوضاع الفقراء أنفسهم وليس الفقر أو المناطق الفقيرة، فالأخيرة تتطلب حزمة متكاملة ومعقدة من الإجراءات والتدابير والسياسات، بينما يمكن الاستفادة من العطاءات المالية المحدودة والمباشرة لتحقيق أهداف اجتماعية عابرة ذات عوائد سياسية مؤكدة.

نحن إذاً أمام مفترق طرق، إما استئناف نموذج الإنفاق الريعي التعويضي لتهدئة الوافدين الجدد من مجتمعات الأطراف إلى مجتمع السلطة (الشمال والبقاع الغربي بعد الجنوب والنبطية وربما لاحقاً البقاعين الشمالي والأوسط) أو الدخول في عقد اجتماعي جديد وشامل يراعي حقوق الجميع ويلحظ في الوقت نفسه المخاطر المالية التي تضعنا منذ عقد تقريباًً على حافة الهاوية.

 مقالات: في خارطة الطريق الاقتصادية: نظرة نقدية وأفق الإصلاح

مقالات: في خارطة الطريق الاقتصادية: نظرة نقدية وأفق الإصلاح

هناك خلل منهجي في وصف الأزمة التي يمر بها لبنان، فالشائع أنها أزمة مالية يمكن معالجتها عبر هندسات مالية تخفض متوسط كلفة الدين، وحين تستنفد هذه الهندسات أغراضها، يتم الاستعانة بـ "الدول المانحة" وبالمؤسسات الدولية للحصول على تدفقات مالية كبيرة بشروط ميسرة. لكن لنلاحظ أن معادلة نمو الدين مكونة من جزئين؛ مالي/نقدي هو عبارة عن معدل الفائدة ومستوى الفائض الأولي، واقتصادي معبر عنه بمعدلات النمو الحقيقيّة. ولئن اخترنا التعامل مع جانبي المعادلة على قدم المساواة، فسنجد أنفسنا أمام مهام الإصلاح الشامل وتحدياته المتزامنة.

 مقالات: العولمة والتنمية في العالم العربي: أزمة الاندماج

مقالات: العولمة والتنمية في العالم العربي: أزمة الاندماج

لا تزال المقاربة الأيديولوجية متقدمة على ما عداها في تحليل علاقة العرب بالعولمة. ولأنها كذلك لم تكن يقظة بما يكفي لتمييز التغيرات الدقيقة المتراكمة، ورصد التحولات التي تحصل سواء في طبيعة هذه الظاهرة أو في اتجاهاتها. فقبل عقد ونصف تقريباً، كانت محركات العولمة ناشطة جميعها وبقوة، الاقتصاد العالمي يميل أكثر فأكثر إلى حركتي تمركز، حول التكتلات الصناعية الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، وحول الشركات متعددة الجنسيات التي باتت أكثر سطوة وضخامة بعد ثورة الدمج والابتلاع الهائلة التي حدثت في التسعينات.

 مقالات: القرار الدولي 1701 والمشهد الاستراتيجي في جنوب لبنان

مقالات: القرار الدولي 1701 والمشهد الاستراتيجي في جنوب لبنان

إصدار 2007-03-05

إن إسرائيل التي شنت عدوانها على لبنان في 12 تموز 2006 في محاولة لاستئصال حزب الله وفرض شروط سياسية أخرى. لم تتمكن من تحقيق أهدافها، بحيث أفضت المواجهات التي استمرت لمدة ثلاثة وثلاثين يوماً إلى صدور قرار دولي عن مجلس الأمن تحت الرقم 1701.