مقالات: اقتصاد السوق الاجتماعية في لبنان: تسوية ممكنة؟

مقالات: اقتصاد السوق الاجتماعية في لبنان: تسوية ممكنة؟

يتيح اقتصاد السوق الاجتماعية تحقيق تسوية بين فريقين، فريق يدعو إلى إطلاق حبل الحريات الاقتصادية على غاربه، دون قيود باتت مألوفة حتى في الليبراليات العاتية، وآخر يظن أن كسر تقاليد السوق وتضخيم دور الدولة شرطان لا غنى عنهما للتغلب على الأزمات والعبور نحو التنمية. ويمتلك كلا الطرفين جزءاً من الحقيقة فالحريات الاقتصادية بالشكل الذي مورست به في لبنان ألحقت أذى جسيماً بهياكل الاقتصاد، لكنها بالمقابل حفظت له تألقه في الحقبة التي كانت تسير فيها اقتصادات المنطقة بخطى متثاقلة وبطيئة.

 مقالات: اقتصاد الفوضى: العشوائية في خدمة شبكات المصالح

مقالات: اقتصاد الفوضى: العشوائية في خدمة شبكات المصالح

تُرسم السياسات الاقتصادية في لبنان على نيّة القدر، القناعة هي أنّ شيئاً ما سيتدخل في الوقت المناسب لترتيب الفوضى وإعادة النظام، ولا يخيب القدر في ظاهر الحال آمال المعولين عليه، فكثيرا ما تأرجحالسائدة البلد عند حافة الهاوية قبل أن تلتقطه يد ما وتمنع انهياره، هذا الحدس المتفائل شجع على ارتكاب الأخطاء، وأصبح ضمانة سخية لتجربة الفوضى التي تحولت مع الزمن إلى منهج ومدرسة يتوارثها الساسة جيلاً بعد جيل.

 مقالات: من يجرؤ على رد الاعتبار للزراعة في لبنان

مقالات: من يجرؤ على رد الاعتبار للزراعة في لبنان

قبل الموجة العالمية لارتفاع أسعار السلع الغذائية والمواد الأولية، كان دعم الزراعة في لبنان مطلباً رجعيا، فبالنسبة إلى المتعصبين لمنطق السوق، يقاس جدوى أي نشاط اقتصادي بالمكاسب الفورية التي يحققها، دون ترتيب أي أثر على انعكاساته التنموية وتأثيره المستدام على الأنشطة الأخرى.

ومع أن لبنان من أكثر دول المنطقة تمتعاً بالخصائص الزراعية فإن ترتيبه متأخر بينها، سواء لناحية مساهمة الزراعة في الناتج المحلي القائم التي لا تتجاوز 5.2%، في مقابل 14.3% لتونس و19.3% المغرب، و15.8% لمصر و24.1% لسوريا..،  أو لجهة حصة قطاعي الإنتاج السلعي التي انخفضت من حوالي ثلث الناتج قبل الحرب الأهلية إلى أقل من 18% حالياً، فيما تصل هذه النسبة إلى 28% في سوريا و32% في تونس وأكثر من 40% في المغرب.

والمفارقة هي أنّ تضاؤل الإنتاج السلعي المحلي لم يكن لصالح الخدمات كما هو شائع، بل لحساب ما يمكن تسميته باقتصاد الدَين، فمع زيادة أهمية التدفقات المالية لتأمين خدمة القروض الحكوميّة سنوياً، بات من مصلحة مزيد من الوحدات الاقتصادية الانسحاب من دورة الإنتاج الحقيقي للاستفادة من تيار الأموال المتدفق، لتصبح قطاعات الإنتاج المتوقفة عن النمو مسؤولة عن تسديد مزيد من الأعباء الناشئة عن دين عام وخاص يزداد بسرعة.

فهل من مستقبل للزراعة في لبنان، وهل في نية مالكي القرار الاقتصادي في المرحلة القادمة البقاء على يمين الموجة النيوليبرالية العالمية كما حصل طوال العقدين الماضيين؟  
إن تحقيق إجماع جديد حول الزراعة يبدأ من التعامل مع القناعات التي فرضت نفسها على الموقف السياسي العام من الزراعة، وارتبطت بعدة مقولات خاطئة.

الخطأ الأول: إن مبدأ التجارة الحرة، وحرية انتقال السلع عبر الحدود يعني أن مفهوم الأمن الغذائي بات جزءاً من الماضي.
لكن المشكلة ليست في طريقة الحصول على ما يكفي من غذاء، بل في الحصول عليه بأسعار مقبولة وشروط مناسبة، وأن لا ينعكس ذلك سلباً على الاستقرار والنمو الاقتصاديين.
وللمقارنة، بلغ مؤشر "إنتاج الغذاء للفرد الواحد" في لبنان 96.85 حسب منظمة الأغذية والزراعة الدولية FAO، وهذا أدنى معدل تحققه إحدى الدول ذات الخصائص الزراعية في المنطقة، فيما سجّل هذا المؤشر: 133 في المغرب و131 في الجزائر و120 في إيران و114 في الأردن، و108 في تونس و102 في سوريا. ومن مؤشرات الانكشاف الغذائي الأخرى في لبنان كلفة تمويل الفجوة الغذائية البالغة أكثر من 1600 مليون دولا سنوياً، والصادرات الزراعية التي تغطي 25% فقط من فاتورة الاستيراد، والناتج الزراعي الذي يؤمن أقل من 44% من الاستهلاك المحلي.

إن الاعتماد على الاستيراد لإطعام المقيمين مجازفة تتضمن المخاطر التالية:
1-    كبح النمو الاقتصادي واستنزاف أرصدة العملات الصعبة والإضرار بمركز البلد في المبادلات الدولية في ظل التوقعات باستمرار الأسعار في الارتفاع لعدة سنوات قادمة.
2-     التبعية التامة للأسواق الخارجية، وعجز السياسات المحلية بالتالي عن اتخاذ تدابير من شأنها استيعاب الزيادة الحادة في الأسعار؛
3-    تدهور الشروط البيئة والبشرية ما يجعل العودة إلى الزراعة أمراً مكلفا وصعباً، ويقلل من إمكانية التعاطي الفوري مع تقلبات الأسواق.

الخطأ الثاني: إن ارتفاع كلفة الإنتاج الزراعي، وعجز المنتجات الزراعية عن منافسة مثيلاتها في الدول المجاورة، دليل على أن لبنان لا يمتلك مزايا نسبية في الزراعة.
بيد أن هذه المزايا ليست معزولة عن السياسات العامة وتصرفات المنتجين، إذ أنّ النهوض بالقطاع رهن بسعي الحكومة إلى تحقيق أهداف من شأنها خفض التكاليف وتحفيز المنافسة. ويقف على رأس هذه الأهداف زيادة السعة الإنتاجية للقطاع والعمل على استثمار موارده المتاحة كاملة. فالأراضي المزروعة التي فقدت ثلث مساحتها منذ بداية التسعينات، تمثل فقط نصف الأراضي الصالحة للزراعة. ووفق أقل التقديرات تفاؤلاً يمكن رفع الرقعة الزراعية في لبنان من 248 ألف هكتار مزروعة فعلاً إلى 640  ألفاً ، كما بمكن مضاعفة الأراضي المروية عبر تنفيذ الحكومة لخططها الجاهزة في مجال تطوير البنى التحتية الزراعية وتنفيذ المشاريع  المائية الكبرى المقررة سلفاً، ولا تتجاوز كلفة هذه المشاريع قيمة القروض الزراعية التي وقعها مجلس الإنماء الاعمار منذ عام 1992 ولم تستخدم بعد، وتصل قيمتها إلى حوالي 700 مليون دولار.

الخطأ الثالث: إن انضمام لبنان إلى المعاهدات والمواثيق متعددة الأطراف، يملي عليه تحرير أسواقه والانسحاب تماماً من دعم ومساندة القطاعات المنتجة بما فيها الزراعة.
شهدنا في فترة زمنية لا تتعدى بضعة سنوات توقيع لبنان على اتفاقية الغافتا ودخوله إلى الشراكة المتوسطيّة، وفي وقت قريب ستكتمل عضويته في منظمة التجارة العالمية. هذا يفرض على الحكومة مضاعفة جهودها، لمساعدة القطاعات المهددة على التكيّف مع موجبات الانضمام إلى تلك الاتفاقيات، والاستفادة من الفرص التي تؤمنها، وتعديل التشريعات والقوانين المتعلقة بالشروط الفنية والصحية، ومراقبة الجودة، وزيادة الإنفاق على البحث العلمي، وغير ذلك من الإجراءات التي تتطلب زيادة تدخل الدولة وتعميق حضورها في النشاط الاقتصادي العام لا العكس...  هذا إلى جانب التطبيق الحازم للإجراءات الاستثنائية التي تتيحها منظمة التجارة العالمية على صعد مكافحة الإغراق والاعتراض على الإجراءات التمييزية والاستفادة من المعاملة الاستثنائية التي يمكن أن تستفيد منها القطاعات المهددة بالزوال نتيجة المنافسة غير المتكافئة.

إنّ هذه المقولات الثلاث وغيرها ليست أخطاء صرفة، إنها نتيجة التلوث الفكري والسياسي الذي حقّر مبدأ الإنتاج، وجعل المطالبة بدعم الزراعة خصوصاً أمرا يستدعي من صاحبه جرأة خاصة، ولئن كان مهماً تعديل السياسات القائمة، فإنّ الأهم إحداث تغيير ملموس في التفكير يعيد إلى الزراعة قيمتها كقاعدة لا غنى عنها للتنمية، بدلاً من أن تعتبر حمولة زائدة يجب التخلص منها عند أول فرصة.

 مقالات: الزراعة والأمن الغذائي والتنمية..حقائق جديدة

مقالات: الزراعة والأمن الغذائي والتنمية..حقائق جديدة

إذا استمرت سياسات الغذاء والطاقة على حالها فسيتخطى عدد الجياع عتبة المليار نسمة في وقت قريب. هذا الاستنتاج هو حصيلة معتدلة لتوقعات الوكالات الدولية المتخصصة، التي ترى أن الصعود المستمر لأسعار الغذاء (83% خلال ثلاث سنوات)، سيدعو 100 مليون نسمة جدد للانضمام إلى مجتمع الجائعين. لنتذكر هنا أن البند الأول في إعلان الألفية الثالثة الصادر عن الأمم المتحدة عام 2000 كان خفض أعداد الذين يعانون من نقص التغذية إلى النصف حتى عام 2015.

 مقالات: المرحلة الاولى من العهد الرئاسي الجديد

مقالات: المرحلة الاولى من العهد الرئاسي الجديد

لن تكون مهمة الرئيس ميشال سليمان سهلة، فبالكاد سيحظى بفرصة إدارة الأزمة. هذا ما يوحي به الأداء السياسي الذي أعقب الانتخاب، والروح الثأرية التي تعتمل في صفوف الموالاة. وما زالت التسويات الكبرى تنتظر ظروفاً داخلية وخارجية مؤاتية لتليين الاصطفافات الحادة المرسومة أصلاً لخوض النزاعات وليس لإبرام التفاهمات، وربما انحصر دور الرئيس أثناء المرحلة الانتقالية الممتدة حتى نهاية ولاية جورج بوش أو حتى الانتخابات النيابية المقبلة، في تأمين الحد الأدنى من التوافق المطلوب لإدارة عجلة الحكم، وتسيير أمور السلطة.

 مقالات: كيف عملت آليات  التكيف الاقتصادي خلال الازمة الاخيرة؟

مقالات: كيف عملت آليات التكيف الاقتصادي خلال الازمة الاخيرة؟

لا يحتوي اتفاق الدوحة على بنود إصلاحية واضحة باستثناء إشارة إلى وثيقة الطائف، لكنه يفتح الباب أمام ترميم البناء المؤسساتي للدولة الذي تداعى تحت وطأة تصعيد استمر لثلاث سنوات، ويوفر هذا الاتفاق الاطار السياسي الملائم للحلول الدائمة، كما يتيح فرصة مقبولة للتعامل مع قضايا وأزمات تتعدى الشؤون الآنية والمشاكل العابرة، ومن أكثرها إلحاحا تسوية المسألة الاقتصادية ضمن رؤية متكاملة لاعادة بناء الدولة وتكوين السلطة.

 مقالات: قرار تصحيح الاجور: الحلول في مكان آخر

مقالات: قرار تصحيح الاجور: الحلول في مكان آخر

وأخيراً اعترفت السلطة بوجود مشكلة أجور، كان بوسعها الانتظار وقتاً أطول، نظراً إلى ضعف موقع الأجراء والموظفين داخل هيكل الانتاج، ولأنّ المسألة الاجتماعية برمّتها لا زالت مربوطة بقدر سياسي صارم، يمنعها من التأسيس للأحداث أو التأثير على مسارها. لكن القرارات الرسميّة الأخيرة مثّلت نقلة جديدة في استخدام القضايا المعيشية والمطلبية، وخلطاً غير مسبوق بين الشأنين السياسي والاجتماعي، فقد سعت بضربة واحدة إلى تحقيق أمرين: تمرير قرارات اجتماعية منقوصة بغطاء سياسي، واتخاذ قرارات سياسية شديدة الخطورة والرعونة تحت مظلّة تلبية مطالب شعبية.

 مقالات: النظام الاقتصادي العالمي: تباطؤ العولمة ام نهايتها؟

مقالات: النظام الاقتصادي العالمي: تباطؤ العولمة ام نهايتها؟

هل بدأ العالم ثورته المضادة بعد أقل من عقدين على التحول الثوري من الدولة /الأمة إلى العولمة ومن نظام القطبين إلى القطبية الواحدة ؟ المأزق الأميركي في المنطقة يدلّ على نفاذ طاقة المحرك السياسي لذلك التحول، والنظام الدولي حسب ريتشارد هاس يتجه نحو عصر اللاقطبية حيث يهيمن على العالم عشرات الفاعلين الذين يمتلكون أنواعاً مختلفة من القوة.

 مقالات: وثيقة الموفمبيك: توافق على حدود السياسة

مقالات: وثيقة الموفمبيك: توافق على حدود السياسة

يضمر اللبنانيون في قرارة أنفسهم أنّ السياسة عقبة أمام تفاهمهم، فلا غرابة أن يحاولوا النأي عنها في الأمور التي ينشدون فيها المصالحة، وأن ينغمسوا في غمارها حتى التهلكة، طلباً للغلبة وأثناء التنازع الذي لا هوادة فيه على المصالح المباشرة. وبدلاً من أن تكون السياسة كما هي أصلاً، سبيلاً لتوليد الخيارات واتخاذ القرارات الآنية والمستقبليّة على أفضل وجه، غدت مصدراً للجمود والاستئثار حتى في المسائل التي تزيدها الشراكة وفرة وفرصاً وحظوظاً، وباتت في الممارسة مسرحاً لا مكان فيه لتبادل الأدوار أو تقاسمها.

 

 مقالات: الديمقراطية والتنمية: أيهما يأتي أولاً ؟

مقالات: الديمقراطية والتنمية: أيهما يأتي أولاً ؟

يطرح البعض على أنفسهم السؤال التالي: إذا كان الانسداد السياسي هو أبلغ وصف لحال العالم العربي، فهل عليه أن يبقى في ردهات الانتظار معرّضاً لخطر نفاد الفرص، أم أنّ عليه الفصل بين مهمتين: الإصلاح السياسي الذي يمكن تأجيله حتى تنعقد شروطه الداخلية ويجتمع نصابه الخارجي، والتنمية الاجتماعية -الاقتصادية التي يمكن المباشرة بها دون إبطاء حيث عناصرها مكتملة وشروطها قائمة.


 مقالات: تعزيز التعاون الاقتصادي العربي: السياسة ليست شرطا

مقالات: تعزيز التعاون الاقتصادي العربي: السياسة ليست شرطا

يخفق العرب في تحويل أقوالهم المعلنة عن التكامل الإقليمي إلى أفعال، العقبات السياسية لا شك حاضرة، لكن يفترض بالسياسة هنا أن تكون أقلّ ضراوة وأخفّ وطأة، حيث يزداد الفصل بين المسارين الاقتصادي والسياسي في العلاقات الدولية، وتتفق المصالح على تحرير التعاون الاقتصادي من تبعات النزعات والتوترات المستحكمة.


 مقالات: ايهما افضل للبنان مغادرة منطقة الدولار ام البقاء فيها؟

مقالات: ايهما افضل للبنان مغادرة منطقة الدولار ام البقاء فيها؟

هل يمكن فصل الليرة اللبنانية عن الدولار، بعد تثبيت دام قرابة عقدين من الزمن، بل هل يمكن مناقشة تكييف سياسات الصرف مع التطورات العالمية، دون الوقوع في مصيدة الرفض، أو المس بحساسيات السلطة النقدية التي تعتمد تحليلاً تقليدياً في مواجهة أوضاع استثنائية وحرجة. برأي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هناك عدة أسباب لربط العملة المحلية بالعملة الأميركية: أولاً؛ الدولار لا زال عملة الاحتياطي والمبادلات في العالم، وثانياً؛ ارتفاع الأسعار لا ينحصر في منطقة الدولار بل يشمل منطقة اليورو أيضاً، وثالثاً؛ انخفاض الدولار ومعه الليرة يعزز القدرة التنافسية للصادرات اللبنانية، وأخيراً لأن الدين العام في لبنان مقوم بالدولار الأميركي فيستفيد بالتالي من أي تراجع في قيمته.

 مقالات: أزمة الاقتصاد العالمي وخارطته الجديدة: عوامل ومتغيرات

مقالات: أزمة الاقتصاد العالمي وخارطته الجديدة: عوامل ومتغيرات

يسير الاقتصاد العالمي وراء قاطرة الأزمة الأميركية، وهذا يتمثل حتى الآن بدولار ضعيف، وارتفاع حاد في أسعار المواد الأولية والمنتجات الزراعية والنفط، وتقلب في معدلات الفائدة، ناهيك بالإفلاسات الناشئة عن مشكلة الرهن العقاري. لكن الأسواق حبلى بالمزيد، وهناك خشية متصاعدة من أن تكون الاختلالات الحالية مقدمة للأسوأ ونذراً للركود الكبير. ويزيد المخاوف الأداء المتردد للسلطات النقدية، واستنزاف واشنطن للموارد العالمية بعد أن قارب مجموع ديونها (أي ديون الأسر والشركات والحكومة الفدرالية) ثلاثة أرباع الناتج الإجمالي العالمي،  ويتوقع أن تكون قد راكمت خلال ولايتي جورج بوش حوالي 4.5 تريليون دولار عجزاً في الحساب الجاري.

 مقالات: وثيقة 14 آذار: الثنائية الثقافية بين الإقصاء الاجتماعي الاقتصادي والتمييز السياسي

مقالات: وثيقة 14 آذار: الثنائية الثقافية بين الإقصاء الاجتماعي الاقتصادي والتمييز السياسي

لم تأت وثيقة 14 آذار على ذكر الشأن الاقتصادي إلا عرضاً، ربما لأنها وثيقة سياسية، والسياسة عند هذا الفريق واهية الصلة بالاقتصاد، أو لأن مصير الدولة بات رهن إرادة المؤسسات والدول الداعمة والوصية، أو لتبني الوثيقة بلا تحفظ برنامج الحكومة الاقتصادي، ذي الركائز الثلاث: تفكيك القطاع العام دون إبطاء، وإطفاء الدين العام ضمن مقاربة محاسبية صرفة، وتبني وجهة نظر البنك الدولي في معالجة نتائج سياسة التحرير الاقتصادي المبالغ به دون المس بمبدأ حياد الدولة.

 مقالات: في الانتظار الصعب: نحو تحديد جديد للخيارات والمخاطر

مقالات: في الانتظار الصعب: نحو تحديد جديد للخيارات والمخاطر

تمر المنطقة بمرحلة استثنائية وخطيرة، القوى الرئيسية محكومة لتوازن لم تعرفه منذ غزو العراق، والبيئة العامة حافلة بالغموض والتردد، وهي معرضة أكثر من أي وقت مضى لتقلبات مفاجئة وتطورات خارج سيطرة فريق بمفرده، وقد فقدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها زمام المبادرة وبدت عاجزة عن اتخاذ ما يلزم من قرارات مواجهة او تهدئة.

 مقالات: إصلاح السياسة الضريبية: خمس قضايا للنقاش

مقالات: إصلاح السياسة الضريبية: خمس قضايا للنقاش

آن الأوان لضمّ السياسة الضريبية إلى مسائل الحوار الرئيسية في لبنان، فهي موضع اتفاق طالبي الإصلاح ومحل عناية الباحثين عن استقرار اجتماعي واقتصادي، ولم تغفلها أي مذكرة أو برنامج إصلاحي منذ عشية الحرب الأهلية، لكنها مع ذلك لم توضع على أي من طاولات السلطة ولا دارت في ردهات اتخاذ القرار، ومنذ قامت الحريرية وأعلنت إن دور لبنان هو فقط المنافسة على الاستثمارات الخارجية، عُدلت شطور وأضُيفت أو حذفت ضرائب ورسوم، لكن جوهر السياسة الضريبية بقي هو نفسه، وصار شأنها في الثبات شأن سياسة صرف الليرة، وعلت مكانتها حتى امتنع المس بها.

على انّ تصحيح أو إصلاح السياسة الضريبية في لبنان يتطلب تحديد الاتجاه في القضايا الخمس التالية:

 أولاً: مبادئ السياسة الضريبية وأهدافها؛ تعتبر السياسة الضريبية مؤشراً على المقاربة التي تتبناها الدولة، هل هي مقاربة اجتماعية تميل إلى معيار العدالة، أم اقتصاديّة تميل إلى الكفاءة، أم مالية تعنى بتوفير أكبر قدر من الإيرادات للخزينة العامة. ومع أنّ الحريريّة قدمت رؤيتها الضريبيّة في قالب اقتصادي هو شدّ انتباه المستثمرين، فقد أدت مشكلة الدين إلى هيمنة رؤية مالية متشددة تقوم على ثلاث ركائز: زيادة الإيرادات من الضرائب دون إصلاح الإدارة الضريبية، الحصول على أعلى مردود بأسرع وقت، وحماية مصالح قوى الضغط النافذة التي تستفيد من تخفيضات وإعفاءات لم يثبت البتة أنها مفيدة.

ثانياً: تحديد المستوى الأمثل للضرائب؛ لا تزودنا النظرية الاقتصادية بطريقة موحدة لتحديد العبء الضريبي المناسب، لذلك فالأفضل مقارنة مستوى الإيرادات الضريبية في بلد ما مع البلدان المماثلة. و يقدر العبء الضريبي في لبنان بحوالي 19% بعد إضافة اقتطاعات الضمان الاجتماعي، وهذا المعدل قريب من معدل الدول متوسطة الدخل المصنف بينها (حوالي 21%) وأدنى من الدول المتقدمة حيث العبء الضريبي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED يساوي 32% تقريباً، وهو أعلى من المعدلات المسجلة في بعض الدول المجاورة ( 14.5% في سوريا، و15% في مصر..)

ثالثاً: تحديد المزيج الضريبي المناسب. يتأثر هذا المزيج دون شك، بمستوى التنمية الاقتصادية، فضرائب الدخل مثلاً تساوي ضعف ضرائب الاستهلاك في الدول الصناعية بينما هما متقاربان في الدول النامية، و تعادل ضرائب الدخل أربعة أضعاف ضرائب الشركات في البلدان المتقدمة على خلاف ما عليه الحال في البلدان النامية. وعلى أي حال فإن تطور البلد يفضي إلى تحول نسبي في بنية الإيرادات الحكومية، لكن هذا لا يعفي الحكومة في لبنان من تطوير سلتها الضريبية على ضوء معايير العدالة والكفاءة والوفرة. ولئن اضطرت إلى فرض مزيد من الضرائب غير المباشرة سعياً وراء المردود، كالضريبة على القيمة المضافة مثلاً، فإنّ عليها أن تتبنى إجراءات مقابلة تقلل من الآثار السلبية كتوسيع قاعدة الإعفاءات، وفرض نسب متفاوتة على السلع تبعاً لتصنيفها..

 إن رصد تطور النسب والأرقام أمر معبّر في تقويم المزيج الضريبي القائم، فبين عامي 1993 و2007 ارتفعت نسبة الإيرادات الضريبية من 8.6% إلى الناتج تقريباً إلى حوالي 16.9%، لكن في الوقت الذي شهدت فيه نسبة الإيرادات من الضرائب المباشر إلى الناتج المحلي القائم استقراراً مع ميل طفيف من الارتفاع، عرفت الضرائب غير المباشرة قفزة كبيرة من 5% تقريباً في عام 1993 إلى حوالي 12% في السنة الأخيرة. وقد انخفضت حصة الضرائب المباشرة من حوالي 40% من مجموع الإيرادات الضريبية في النصف الأول من التسعينات إلى ما معدله 25% في السنوات الخمس الأخيرة. مع العلم أنّ نسبة الضرائب المباشرة من مجموع الإيرادات الضريبية لا تقل عن 70% في البلدان المتقدمة و50% في البلدان متوسطة الدخل، وتقدر هذه النسبة في دول المنطقة غير النفطية بحوالي 45%، فيما تتناسب المعدلات المسجلة في لبنان مع الأرقام المحققة في البلدان الأدنى دخلاً. 

رابعاً: التغلب على العقبات الفنية التي تمنع أي نظام ضريبي مهما كان متقناً من أن يحقق أهدافه المرسومة بفعالية. وحال لبنان في هذا المجال حال الدول النامية حيث تتدنى جودة الإدارة الضريبية، ويقتطع الاقتصاد غير المنظم حصة كبيرة من النشاط، وتقدر نسبة المكتومين فيه بحوالي 70% من المكلفين. وبحسب أحد تقارير صندوق النقد الدولي فإن النفوذ السياسي والاقتصادي لكبار المتمولين، يسمح لهم غالباً بمنع تطبيق إصلاحات من شانها زيادة أعبائهم الضريبية، وهذا ما يفسر جزئياً انخفاض الحصيلة من ضرائب الدخل الشخصية في معظم الدول النامية.

خامساً: الحوافز والإعفاءات: لا يكتمل النظام الضريبي دون أن تحدد الدولة جدول إعفاءاتها المرتبط بأمرين: المقاربة الضريبية المعتمدة وعيوب النظام محل التطبيق، فكلما كانت الحكومة ملزمة بنظام غير متوازن، كلما كانت معنيّة  بتوسيع إعفاءاتها وحوافزها. وإذا كان هناك شبه إجماع بين الباحثين بأن فعالية الحوافز الضريبية في جذب المستثمرين هي موضع شك، فالأفضل للبنان صرف انتباه أكبر للقطاعات الإنتاجية، ومعالجة الآثار الاجتماعية لنظام غير عادل.

على السلطة أن تسترد النظام الضريبي من مساره الحالي، بعد أن أظهرت التجربة تبدّد الرهانات المعلقة عليه، وبما أن العبء الضريبي الحالي يعد مقبولاًً في ظل الاتجاه العالمي لخفض الضرائب، فإن تصحيح السياسة الضريبية يستدعي إعادة نظر جريئة بالمزيج الضريبي القائم، وتطوير الإدارة الضريبية، وتوسيع نطاق الإعفاءات والحوافز الموجهة للإنتاج المحلي، وتغيير الطابع التنازلي للضريبة في لبنان، حيث العبء الضريبي على الطبقات الدنيا يساوي أربعة أضعاف مثيله في أعلى الطبقات.
 

 مقالات: التضخم وتصحيح الاجور: نقاش في التداعيات على النمو واعادة التوزيع

مقالات: التضخم وتصحيح الاجور: نقاش في التداعيات على النمو واعادة التوزيع

تزامن تجميد الأجور في لبنان مع تدهور مستمر في عدالة توزيع المداخيل، وتفاوت متنام بين الفئات المختلفة، ومع ذلك لم تكتف الحكومة في برنامجها المقدم إلى مؤتمر باريس 3 بإبقاء الوضع على حاله، بل أبدت نيتها تخفيض حصة رواتب القطاع العام من الناتج المحلي بمعدل نقطتين مئويتين في غضون خمس سنوات.

 مقالات: ركود الاقتصاد الاميركي: ثمن الامبراطورية

مقالات: ركود الاقتصاد الاميركي: ثمن الامبراطورية

يعاني الاقتصاد الأميركي المترنح من عبء مشروع عسكري يزيد عمره عن نصف قرن، لكنه اليوم أقل قدرة على تحمل آلام الولادة لإمبراطورية لا تبدو أنها ستبصر النور، وهو عاجز عن تصدير مشاكله إلى الخارج كما كان يفعل سابقاً. ويمكن القول بأنّ نذر العاصفة التي تتجمع في سماء الأسواق الأميركية في السنة الأخيرة، كأزمة الرهن العقاري وفقاعة الإسكان ومؤشرات الركود الكبير الذي تتوقعه المؤسسات المالية العالمية للعام 2008، ما هي إلا بوادر أزمة أقوى تتراوح بين الركود التام والكساد الكبير.

 مقالات: فخ المعونات

مقالات: فخ المعونات

يحلّل "أكسل شيملبفمن" و"أدوارد غاردن"، في دراسة أصدرها صندوق النقد الدولي عن لبنان في كانون الثاني الماضي، أسباب صمود المالية العامة في مواجهة العواصف الثلاث التي مرت به: اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحرب تموز والأزمة السياسية الراهنة. ولعل ما انتهت إليه الدراسة التطبيقية من ثناء مضمر على النموذج المالي النقدي/ المعتمد منذ التسعينات، يثبت في الوقت نفسه أن فرادة هذا النموذج وتميزه في مضمار صيانة الاستقرار، كان لقاء استنزاف مستمر لقدرته على تسيير نفسه بنفسه. فالسياسات العامة شأنها في ذلك شأن قوى السوق لم يعد بوسعها حماية ذلك الاستقرار من دون اللجوء إلى الخارج.

 مقالات: تعويضات عدوان تموز: بين مشيئة الواهب والاستقواء بالهبة

مقالات: تعويضات عدوان تموز: بين مشيئة الواهب والاستقواء بالهبة

هل يمكن للبنان أن يسير على هدي إرادة المانحين من دون أن يضطرب نظامه وتزداد آلامه؟ لهذا السؤال وقع خاص في المفترق المصيري الذي نحن عليه، والإجابة لا تبين فقط الرأي بسبل الخروج من المأزق، وكيفية تمويل حاجات السلطة، بل تحدد كذلك وجهة سير اللبنانيين نحو الوطن الذي يريدون، والدولة التي يأملون بقيامها. لدى الرئيس فؤاد السنيورة إجابته الخاصة، التي ضمنها دفاعه عن قرار وقف صرف التعويضات لمتضرري عدوان تموز، إذ أشار إلى أنّ "الهبة منذ كان الإنسان إنما تصرف حسب مشيئة الواهب"، ولا تخلو هذه "الحكمة" من صحّة، لكن الصحيح أيضاً أن الهبة لا تؤدي إلى الانتقاص من حقوق المحكومين لدى الحاكمين، وأنها تقوم على مبدأ المقايضة الصعبة والمساومة الباهظة.