مقالات: في آفاق ما بعد الأزمة: نحو فضاء معرفي جديد

مقالات: في آفاق ما بعد الأزمة: نحو فضاء معرفي جديد

يقف الجميع حائراً أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، يستوي في ذلك الرأي العام مع المضاربين،..كهنة السوق مع معارضيهم من أتباع التعاليم الصارمة. لقد هوت الأسواق على رؤوس المؤمنين بعصمة قوانينها، فأصابت غرور الرأسمالية في الصميم، لكن شظاياها مست رؤوس أخصامها، فهؤلاء رفضوا هيمنتها وبشروا طوال الوقت بتعثرها، غير أنهم فضّلوا إثر الأزمة، استذكار حججهم التقليدية على التماس إجابات جديدة تقارع الفراغ الإيديولوجي القادم.

 مقالات: الاستثمار العام في مواجهة تداعيات الازمة

مقالات: الاستثمار العام في مواجهة تداعيات الازمة

يقترب لبنان من لحظة الحقيقية. لم تعد تكفي التصريحات المتكررة عن متانة جهازه المصرفي لتهدئة المخاوف، وما من حجة قوية تبرر "الإيمان" بأنّ الأزمة ستستثني من طائلتها بلداً متعثراً شديد الارتباط بالخارج، فيما أصابعها تعبث ببلدان نعمت بنمو متواصل، ولديها ما لديها من الاحتياطيات الدولية والضمانات. ولا يخلو من دلالة أنّ مصرف لبنان هو الذي يتولى حمل لواء تأكيد الثقة، فالإشارة المتجددة هنا هي إلى محورية الأهداف النقدية مقابل باقي الأهداف، وتقدم السلطة النقدية على غيرها. وهذا يدل أيضاً على بقاء تعريف المخاطر على حاله، فللمخاطر وجوه عدة لم تعترف السلطات بغير اثنين منها؛ انهيار أسواق الصرف، والعجز عن سداد أقساط الدين العام، لتتجاهل تحديات لا تقل خطراً كالركود التضخمي، وجفاف السيولة، وتقلص الادخار، وعجز الميزان التجاري؛ وهذا الأخير يتوقع أن يمثل 50% من الناتج المحلي تقريباً هذا العام، بالمقارنة مع 36% للعام الماضي، و33% كمعدل متوسط للفترة 1992-2006.

 مقالات: دروس من ازمة اليابان في التسعينات :الاصلاح أولاً...

مقالات: دروس من ازمة اليابان في التسعينات :الاصلاح أولاً...

الأزمة الراهنة ليست فريدة من نوعها، ففي العقدين الأخيرين عرفت اقتصادات ناشئة ومتقدمة أزمات أقل حجماً وأضيق انتشاراً، لكنها تحمل الموروثات نفسها التي تفسر سلوك الأسواق الرأسمالية، و تبين أسباب تعرضها الدائم للتقلبات الدورية والانهيارات المفاجئة. ومع ذلك لا زال التردد بين الخيارات المتاحة يحكم أداء صانعي القرار، تبعاً لبقايا التصلب الإيديولوجي في أروقة البيت الأبيض، ولعدم تقديم الرئيس المنتخب حتى الآن أفكارا واضحة بشأن تسوية التضارب بين هدفين وردا في برنامجه الأولي، وهما تحفيز النشاط الاقتصاد من طريق الإنفاق العام، وتقليص عجز الموازنة الفدرالية. 

 مقالات: صندوق النقد الدولي: الاصلاح والالغاء

مقالات: صندوق النقد الدولي: الاصلاح والالغاء

تبدو المؤسسات الدولية وقد تجاوزت عمرها الافتراضي منذ زمن. أكثر ما ينطبق ذلك على صندوق النقد الدولي، وعلى البنك الدولي بدرجة أقل. جورج سوروس كان قد تنبه إلى هذه الحقيقية إبان أزمة الأسواق الآسيوية، التي قيل انه يتحمل شطرا من المسؤولية عنها. فدعا حينها إلى حذف الصندوق نهائيا من قائمة المؤسسات العالمية لإخفاقه في التحسب للأزمة وتردده في التعامل مع نتائجها.

 مقالات: هل ما زالت فرضيات باريس 3 صالحة؟

مقالات: هل ما زالت فرضيات باريس 3 صالحة؟

حدد البيان الوزاري للحكومة الحالية مهام إصلاحية عدة، متبنياً ما يشبه التسوية بين مقاربات متعددة، وهناك من يحاول اليوم إعادة إنتاج الصورة بخلفية وحيدة، هي برنامج الحكومة المقدم إلى مؤتمر باريس 3 والمقترحات الواردة في موازنات 2006، 2007، 2008، متجاهلاً ما تمت مراكمته من خطط وبرامج على مدى الأعوام العشرة الماضية، ومتخطياً الإضافات التي أوردها البيان الوزاري، وخصوصاً منها مساندة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع عمليات الإنتاج وتبني مقاربة اجتماعية أكثر وضوحاً.

 مقالات: عودة الطريق الثالث؟

مقالات: عودة الطريق الثالث؟

ليس أمام الإدارة الأميركية الجديدة إلا أن تواجه التحديات بأصابع محروقة مسبقاً، فهي ملزمة من الآن بشراكة قهرية مع ميراث جورج بوش، الذي لم يدّخر جهداً في مطاردة المتاعب واصطياد العواصف، فارضاً على خلفه سلسلة طويلة من المهام التي لا تخدم شعار التغيير. ولنلاحظ هنا أن الطابع الثوري لحملة باراك أوباما لم يكن في شعاراته الجريئة، ولا ببرنامجه الرئاسي الذي مال تدريجياً نحو مهادنة المؤسسة السياسية الأميركية، بل في طبيعة المجموعات التي صوتت له (الشباب، السود، الأقليات، المقترعين لأول مرة)، وقررت بالتالي مصير الانتخابات، إلى جانب جماعات الضغط والتكتلات الاقتصادية الكبرى وعلى قدم المساواة معها.

 مقالات: هل تخطى لبنان تداعيات أزمة الاسواق المالية؟

مقالات: هل تخطى لبنان تداعيات أزمة الاسواق المالية؟

مرة أخرى يعول اللبنانيون على حسن الطالع، فهم حتى الآن خارج العاصفة التي تسببت بها ممارسات الشريحة الأكثر ثراء في العالم، ولديهم ما يكفي من الأسباب لتجديد الثقة بقطاعهم المالي وسلطتهم النقدية، وإذا كان أداء المصرف المركزي حتى وقت قريب موضع نقاش ومحل تساؤل، وهناك من حمّله قسطاً من المسؤولية عن سوء إدارة الدين العام والفشل في ضبط التضخم، فباستطاعته اليوم دعوة منتقديه إلى مراجعة آرائهم، وان ينسب لنفسه الفضل في حماية المودعين والمصارف على حد سواء. ولن يقف الأمر عند هذا الحد، فقد يستخدم هذا النجاح للدفاع عن السياسات الحكومية المعتمدة وبمفعول رجعي، مع أن حال السلطة النقدية في لبنان لا تقاس عليه أحوال السلطة المالية.

 مقالات: الجذور الاجتماعية لازمة الاسواق المالية

مقالات: الجذور الاجتماعية لازمة الاسواق المالية

طوت الرأسمالية حتى الآن قرناً كاملاً من الأزمات من بينها ست كبرى، ويظهر السجل التاريخي لمؤشر "داو جونز" في مئة عام، بأنّ الأزمة الحالية هي من أطولها مدة وأكثرها فداحة، فخلال ستة أشهر فقد هذا المؤشر حوالي 35% من قيمته وذلك على نحو مماثل لما حدث خلال عامين كاملين على إثر صدمة النفط الأولى، لكن المسار الراهن يذكرنا أكثر بوقائع ثلاثينات القرن الفائت، حين خسرت بورصة نيويورك دفعة واحدة أكثر من ثلث قيمتها لتستهلّ بعد ذلك هبوطا تدريجياً استمر لثلاث سنوات وقضى على 85% من قيم الأصول المتداولة. 

 مقالات: الرأسمالية الاميركية وسقوط اوهام ما

مقالات: الرأسمالية الاميركية وسقوط اوهام ما

لم يحن بعد وقت التفسيرات الكبيرة، فالعجلة ما زالت تدور، ومن دروس أزمة ثلاثينات القرن الماضي أن الانهيار لا يحصل بالضرورة دفعة واحدة، حينها تطلّب الأمر عدة سنوات وسلسلة لا تنتهي من الأخطاء، قبل أن تصبح مشكلة إفلاسات محدودة إعصارا ضارياً حوّل ما يقارب من 2500 مؤسسة مالية أميركية إلى أنقاض. جاء رد فعل الحكومات الغربية سريعاً هذه المرة، فأنفقت أو تخطط لإنفاق بضعة تريليونات من الدولارات دون تردد، لكن الخطأ الذي حدث قبل عدة ثمانية عقود مرشح للتكرار وهو استخدام كل المياه المتوفرة لإخماد نيران الأسواق المالية، وترك الاقتصاد الحقيقي بعد ذلك عرضة للجفاف .
ومع أنّ الرأسمالية تفصح دورياً عن عيوبها فإن توقع نهايتها ضرب من المبالغة، إذ تعايشت حتى الآن مع مئات الأزمات (يحصي بعض المتابعين 124 أزمة في أقل من قرن)، لكن المشكلة هي في تسارع الوتيرة وارتفاع ثمن الإنقاذ. وبما أن كلمة الرأسمالية لا تعني الشيء نفسه، فإنّ تتابع الأزمات وحدتها منذ بدء الحقبة الريغانية، يشير إلى أنّ احد أشكال الرأسمالية هو الذي تداعى. والفكرة المركزية هنا هي أنّ ما نشهده اليوم هو من عوارض فشل النموذج الرأسمالي الأميركي في تحقيق قفزته التالية، من النيوليبرالية إلى ما بعدها، أي من حصر حق التنظيم والرقابة بالسلطات النقدية وحدها بعد أن سلب هذا الحق من مؤسسات الدولة الأخرى، إلى طور متطرف أكثر يحظر فيه كل أنواع التنظيم والرقابة فضلاً عن التدخل.
البداية كانت في تنامي الاعتقاد أنّ بوسع الأسواق أن تتوازن من تلقاء نفسها من دون قواعد صارمة، وبمعزل عن نظام أخلاقي (نعم أخلاقي!) من شأنه تأدية مهام لا غنى عنها: توفير التوازن بين عنصري الكسب والاستقرار، طرد المغامرين من السوق، وضع حواجز تكبح السرعات الزائدة (مثل النمو فائق السرعة للقطاع العقاري ثم تراجعه بسرعة أكبر)، ومنع الجيل الحاضر من استعمال موارد الأجيال الآتية عبر الاستدانة. الأمر الأخير ينطبق على الأسر الأميركية التي أقحمها خفض الفوائد في دوامة الاستهلاك، فضاعفت ديونها خلال ثلاثة عقود أكثر من عشرين مرة لتصل إلى 14 تريليوناً تقريباً. الحكومة الأميركية فعلت الشيء نفسه فموّلت توسعها في الإنفاق على التسلح بالاستدانة، ومن دون أي زيادة في الضرائب حتى لا يخدش ذلك النقاء الأيديولوجي لليبرالية الجديدة.
تنامت النزعة غير الأخلاقية في الأسواق وتحولت إلى موجة كاسحة.  لقد كانت قوية إلى حد أنها قوضت مسلمات السوق، وألزمت صانعي القرار بسن قواعد جديدة تسوغ أفعال المغامرين والمضاربين، وتجيز البحث عن ربح سريع لا يرتبط بالإنتاجية. والمفارقة هي أنه في الوقت الذي كانت فيه اتفاقية بازل 2  تفرض شروطاً أكثر تشدداً على المصارف لضمان كفاية رأس المال، عمدت لجنة مراقبة عمليات البورصة في أميركا عام 2004 إلى التخلّي عن الحد الأقصى المفروض على الديون الذي يعادل 12 دولار مقابل دولار واحد، ليرسل ذك إشارة البدء لحمى المضاربات والمراهنات و"الابتكارات" الخطيرة.
ويروي ماثيو فيليبس في نيوزويك قصة ذلك "الوحش" الذي تفتقت عنه أذهان مديري مصرف J.P.Morgan. فبعد أن ضاق هؤلاء ذرعاً بوجود كميات هائلة من الأموال الاحتياطية المعزولة عن آلة الربح، لجأوا إلى خلق طرف ثالث مهمته شراء المخاطر وتحمل مسؤولية التخلف عن السداد، ثم قام البنك بخلط القروض بعضها ببعض وتقسيمها إلى شرائح صغيرة وبيع أكثرها خطورة لمستثمرين آخرين معتمداً طرقاً رياضية معقدة لا يمكن لمراقبي الأسواق فهمها ورصد خطورتها. كان لدى مبتدعي هذه المنتجات الغريبة إحساسا مشابها للذي اعترى واضعي تصاميم القنبلة النووية الأولى، والنتائج لم تكن مختلفة كثيراً، إذ تسبب ذلك الوحش بتضخم سوق "مقايضة الديون" خلال سنوات قليلة ليصل إلى حوالي 62 ألف مليار دولار أميركي أي ما بما يكفي لتلويث الأسواق العالمية وتحويلها إلى جحيم.
من حيث الشكل، نجحت هذه الابتكارات في زيادة تمركز الاقتصاد الأميركي ومعه الاقتصاد الرأسمالي ككل حول الأسواق المالية، ففي اقل التقديرات ساهمت هذه الأخيرة في تحقيق 30% من مجمل الأرباح الأميركية، بل يمكن الزعم بأنّ النمو المتحقق خلال ولايتي بوش عائد إلى الفقاعة العقارية والى تقويم الأصول المتداولة في البورصات بأعلى من قيمتها الفعليّة. و لو أعيد تقويم تلك الأرباح بعد حسم المخاطر الحقيقية لما سجل الاقتصاد الأميركي طوال تلك الفترة أي نمو. نشوة الربح عطلت القدرة على الحكم لدى جميع الأطراف المعنية: المصارف ومؤسسات التأمين، وكالات التصنيف، أجهزة الرقابة، السلطات النقدية، الحكومات.. الجميع كان مطمئناً إلى إمكانية الاستمرار بتلك اللعبة غير الأخلاقية وغير المعقولة إلى ما لا نهاية. ومع أن الإطاحة بأخلاقيات السوق يقف وراء ذلك الانفلات الغرائزي الذي تحول إلى تدمير ذاتي كارثي، فقد كان له مردود جيد لصانعي اللعبة، وتكفي الإشارة إلى أنّ "إكراميات" مدراء المصارف والمؤسسات المالية ارتفعت دفعة واحدة من 24 مليار $ عام 2006 إلى 65 ملياراً في عام 2007، فيما حقق مدير ليمان براذر وحده 500 مليون دولار في سنوات قليلة.
الانتكاسة الإيديولوجية التي تواجهها الرأسمالية لا تتعلق فقط بغلوها وبالتناقض بين نزع دور الدولة في الاقتصاد وتضخيمه في الحرب والسياسة، إن لها صلة أيضاً بافتقارها أكثر من أي وقت مضى لمرجعية أخلاقية تهدّئ من توتر "اليد الخفيّة"، التي حاولت الانتقال إلى نموذج أكثر ليبرالية وتطرفاً، لكنها فشلت في تحقيق ذلك ووضعت الاقتصاد العالمي برمته عند حافة الانهيار.
 

 مقالات: نحو انسحاب مبكر من النظام الاقتصادي الدولي

مقالات: نحو انسحاب مبكر من النظام الاقتصادي الدولي

لا بد وأن تصل الأسواق أولاً إلى قاع الحفرة التي أوقعت نفسها بها، قبل نسج التوقعات والبحث في كيفية الخروج منها. فمن الناحية التقنية لا زالت الأزمة في طورها الأول، ولم تصل الموجة بعد إلى أسواق العملات والسلع الأساسية، وأنشطة الاقتصاد الحقيقي. ومع أن حدوث تحولات جوهرية في قواعد عمل الرأسمالية نفسها، بات أمراً مفروغاً منه، فإنّ قيام نظام اقتصادي جديد تنتظره أسئلة صعبة: أين هي نقطة ارتكاز هذا النظام، وأي اقتصاد بوسعه أن يكون رافعة النهوض مجدداً؟ ما هي العملة أو العملات المرجعية البديلة التي ستنافس الدولار؟ ولئن كانت حرية تنقل الرساميل وتعويم العملات تقف وراء الهزات الدورية في أسواق المال والقطع، فهل يمكن العودة إلى التثبيت النقدي والحد من حرية تنقل رؤوس الأموال؟ ما هو الإطار الذهني البديل الذي سيحكم أداء صانعي القرار، وما هي المبادئ الجديدة التي ستعتمد عند رسم السياسات؟ من هم المرشحون أكثر من غيرهم لدفع ثمن الانهيار والتصحيح؟...

 مقالات: زيادة الاجور: كان ممكناً فعل المزيد

مقالات: زيادة الاجور: كان ممكناً فعل المزيد

كالعادة، جرى تشغيل مبدأ "لا بد من إيراد جديد لكل نفقة إضافية" لخفض سقف التوقعات بشأن تصحيح الأجور. ومع أن هذا الشعار يخالف أبسط قواعد وضع الموازنات ويزيح عن عاتق الدولة واجبات اجتماعية واقتصادية بل وسياسية لا غنى عنها، فقد نجح في منح الحكومة أسباباً تخفيفية، كلما بان للعيان ضعف حساسيتها تجاه الهموم والآلام العامة. وقد أحيط هذا المبدأ بكل طقوس الجدية، ووضع في صدر دفتر شروط التفاوض مع النقابات والهيئات المدنية، لكنه أخفق في إبطاء تنامي الدين العام أو تحسين معايير فرض الضرائب وتوزيع النفقات، بل وتعرض لانتهاكات واسعة على أيدي واضعيه أنفسهم، حين كان يقترب من أسوار السلطة وكاد يمسّ شيئاً من محرماتها.

 مقالات: التنمية في فخ السياسة: الشمال نموذجاً

مقالات: التنمية في فخ السياسة: الشمال نموذجاً

استدعيت "طرابلس" على عجل إلى السراي الكبير كي يتاح لرئيس الحكومة تفحص أوجاعها عن قرب، وهذا دليل آخر على أن السياسة التي تهدد مركب التنمية تعود فتلجأ إليه لترمّم شرعيتها وتعبر بأمان من ضفة خطرة إلى أخرى أقل خطراً. والتنمية التي لا تأتي في لبنان إلا في ظروف استثنائية وعلى شكل حزمة من المشاريع المتفرقة، تعتمد نموذجاً تفوق تكاليفه الآمال المعقودة عليه، فهو يزيد الخلل في وضع الأولويات وتوزيع المكاسب، ويرجح كفة التجزئة على التوحد، ويخلف أثاراً سيئة على التماسك الوطني والاستقرار العام. ولأن مسائل التنمية والإنصاف الاجتماعي على قدر كبير من الأهمية، والإجماع عليها لا تشوبه شائبة، باتت جزءاً لا يتجزأ من العتاد اللغوي في الصراعات السياسية، والمفارقة أن الفريق القابض على دفة السياسة الاقتصادية يمارس بمهارة  لعبة "الترميز المعاكس"، فيصادر شعارات خصومة ويعيد صوغها على هواه، إلى حد صار صعباً معه التمييز بين رؤية الحكومة ورؤية المعارضين لها.


 مقالات: تمويل التحويلات الاجتماعية: من التعاقد الى التكافل

مقالات: تمويل التحويلات الاجتماعية: من التعاقد الى التكافل

كيف يمكن تمويل التأمينات الاجتماعية وشبكات الحماية على نحو يكفل لها الاستدامة؟ هذا السؤال هو بمثابة الجذع المشترك لشجرة من الأسئلة: ما مدى ضيق أو اتساع دائرة العطاءات الاجتماعية التي يفترضها مجتمع لنفسه؟ من هم المشمولون بهذه العطاءات؟ وهل المدفوعات الاجتماعية ذات طابع تعاقدي فهي إذاً مرتبطة بمستوى المساهمة في إنتاج الدخل أم أنها من الحقوق الأساسية فلا مناص من تلبيتها بمعزل عن شروط السوق؟ هذه الأسئلة هي نفسها التي رافقت نشوء وانتشار سياسات الحماية الاجتماعية في النصف الثاني من القرن الماضي بالمعنى الذي أسس له لودفيغ أرهارد أول وزير اقتصاد ألماني بعد الحرب العالمية الثانية.

 مقالات: هل من أساس سياسي لمشروع اقتصادي بديل؟

مقالات: هل من أساس سياسي لمشروع اقتصادي بديل؟

تتصدر المسألة الاقتصادية المشهد العام مجدداً، لكن الأمل ضئيل في إمكانية خوض نقاش مثمر بشأنها، فالمسائل الأساسية (مثل الخصخصة والدور الرعائي للدولة والسياسة النقدية..) وثيقة الصلة بعناصر الاشتباك السياسي، والجدل المحيط بها لم يمهد في السابق لخلاصات مفيدة، بل كانت مهمته أو نتيجته تغذية التوتر وزيادة حدة الشقاق، ولئن كان الانتقال من عهد إلى عهد ومن حكومة إلى أخرى هو مناسبة للتفكير العميق وإعادة النظر، فقد فوتتا من الطائف إلى الآن ثلاث فرص لتجديد الرؤية العامة للدولة (ثلاثة عهود)، وتسع فرص لتطوير السياسات العامة (تسع حكومات). 

 مقالات: البيان الوزاري: تسويات لم تكتمل

مقالات: البيان الوزاري: تسويات لم تكتمل

لا يشبه البيان الوزاري البيانات الوزارية السابقة، فهو حصيلة تسويات صعبة، فرضتها تحولات في موازين القوى أكثر مما أملتها قواسم مشتركة، وقد جاء النص طويلاً ومفصلاً ليحاول استيعاب التباين بين طرفين تفصلهما هوة عميق، ولكل منهما نهجه وأمثولاته وأهدافه. ولم تقتصر التسويات على القضايا الوطنية المعروفة، بل شملت التوجهات العامة للسياسة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي جاءت مسهبة واقتطعت ما يربو على نصف البيان. ومع أنّ السياق العام للبيان ظلَّ أميناً للرؤية التقليدية (الموصوفة خطأً بأنها ليبرالية)، فإنّ بنوده حفلت بعناصر جديدة، وبتعبيرات غير مألوفة في خطاب السلطة، بتأثير من قوة الجذب السياسي الناشئ عن الصراع المحتدم منذ ثلاث سنوات.

 مقالات: تنظيم قطاع الاتصالات.. من البيع إلى الشراكة

مقالات: تنظيم قطاع الاتصالات.. من البيع إلى الشراكة

يتصدر تنظيم قطاع الاتصالات قائمة التحديات المطروحة أمام الحكومة، وهذا استئناف لجدل بدأ قبل عدة سنوات ولم يفض إلى نتيجة بعد، رغم دخول المؤسسات الدولية طرفاً فيه، وربطها بين انسياب المساعدات الخارجية إلى لبنان وبين تطبيقه برنامجاً غير متقن للخصخصة. وفي واقع الحال، لا يعاني القطاع من أزمة بنيوية، ولا تبدو عمارته معرضة للانهيار، حتى يتدافع قاطنوها على الأبواب أو يلقوا بأنفسهم من النوافذ.

 مقالات: الاتحاد من اجل المتوسط: حفنة من المشاريع أم تقاسم جديد للنفوذ؟

مقالات: الاتحاد من اجل المتوسط: حفنة من المشاريع أم تقاسم جديد للنفوذ؟

يقدّم مشروع "الاتحاد من اجل المتوسط" دليلاً آخر على أن الفراغ الذي تعاني منه المنطقة أصاب في نهاية المطاف هويتها وخصائصها التاريخية، فمنذ أن تخلى العرب عن خطط التكامل الإنتاجي الطامحة إلى تحقيق الوحدة الاقتصادية، صارت دولهم متلقياً صافيا للمشاريع والمبادرات الخارجية، فيما تراجعت فكرة العالم العربي التي تمثل وجودهم السياسي، ليجري التعامل معها كإحدى مخلفات الحرب الباردة.

 مقالات: معضلة النمو في لبنان : نظرة إلى الوراء

مقالات: معضلة النمو في لبنان : نظرة إلى الوراء

يعتبر النمو الاقتصادي في نظر كثيرين حلاً لمشكلات لبنانية مستعصية، وخصوصاً مشكلة الفقر التي يخفف منها "تقاطر آثار النمو" أو ما يعرف باقتصاد التداعيات، ومأزق الدين العام الذي يخفف من حدته زيادة الناتج المحلي بأسرع من زيادة المديونية.ويعود النجاح النسبي الذي حققه الاقتصاد اللبناني في فترة ما قبل الحرب الأهلية، إلى نسب النمو الجيدة التي استمرت حتى أواسط السبعينات، لكنها لم تكن كافية لتحقيق ما يوصف بالمعجزة اللبنانية، فالتدقيق في النتائج التي تحققت في الفترة 1953-1974 تظهر أن نسب النمو الحقيقي المقدرة بحوالي 6.25% كانت أقل من المعدل الوسطي للدول النامية، وأدنى من المعدلات المطلوبة لنقل لبنان إلى مصاف الدول السائرة في طريق التصنيع. 

 مقالات: إجراءات لا بد منها في مواجهة ارتفاع الأسعار

مقالات: إجراءات لا بد منها في مواجهة ارتفاع الأسعار

لا ترتبط موجة الغلاء الراهنة في لبنان بأزمة الاقتصاد العالمي وحدها، فخلال العام الماضي سجل مؤشر أسعار الاستهلاك ضعفي المعدل العالمي وحوالي مرة ونصف معدله في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، ولدى لبنان العديد من الأسباب التي تجعله متأثراً أكثر من سائر دول المنطقة بموجة التضخم، فقد أخفق في استئناف مسيرة النمو في السنوات العشر الماضية، وفشل في التخلص من أزمته المالية، فيما يتمتع بقابلية عالية لاستيراد الأزمات من خارج الحدود.

 مقالات: لهذه الأسباب..التحسن المالي كان عابراً

مقالات: لهذه الأسباب..التحسن المالي كان عابراً

منذ الطائف كان لكل مرحلة وثيقتها المعلنة، بدءاً بخطة النهوض الاقتصادي، التي اعتبرت أن هدفها جعل لبنان جوهرة الشرق، وانتهاء بورقة الحكومة المقدمة لمؤتمر باريس 3 التي تحاكي الأهداف الكمية التي وضعها صندوق النقد الدولي في إطار برنامج المساعدة الطارئة EPCA، ويقتصر طموحها على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.