أي استطلاع للنظام الإقليمي العتيد في المشرق المتوسطي الإسلامي يجب أن يتطرّق أولًا وأساسًا إلى التطورات في "المثلث الذهبي الاستراتيجي" (مصر وإيران وتركيا( الذي لطالما شكّل ماضي وتاريخ وتراث هذا المشرق منذ نيّف وخمسة آلاف سنة، وبمقدوره وحده الآن أن يحدد مصير هذا النظام في القرن الواحد والعشرين إيجابًا (إذا ما توصّل أضلاعه الثلاثة إلى وفاق تاريخي جديد) أو سلبًا إذا ما واصلت هذه الأطراف الغرق في ما يشبه أتون حرب الثلاثين عامًا الطائفية- الجيوسياسية الأوروبية في القرن السابع عشر، والتي أبادت نصف سكان القارة العجوز. سنتطرق في هذه العجالة إلى التطورات في ضلعي هذا المثلث، تركيا وإيران، لسببين: الأول، أن الضلع الثالث، مصر، يمر هذه الأيام في مرحلة انتقالية دقيقة لا تزال معالمها وآفاقها غارقة في لجج الغموض، والثاني، لأن التطورات الأخيرة في تركيا وإيران منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979 وصعود حزب العدالة والتنمية التركي إلى السلطة في العام 2002.