تظهر الميليشيات المسلّحة في الولايات المتحدة الأميركية على أنها حالة طبيعية في المجتمع الأميركي، وهذا الأمر يعود بشكلٍ أساسي إلى كونها جزءًا رئيسيًا من تأسيس البلاد، في قرونٍ ماضية، لا بل إنّ ما يعرف بـ "الآباء المؤسسين" الذين وضعوا الدستور كانوا بحدِّ ذاتهم جنرالات في الميليشيات التي تأسست بغرضِ حماية "المستوطنات" الأولى التي بناها المستعمرون الأوروبيون في السواحل الشرقية لأميركا الحالية. تكمن أهمية البحث في نشأة تلك المليشيات والمسار الذي اتّبعته في الدستور والقوانين الأميركية في أنها ليست صورة عن ماضي البلاد وما تضمّنه من أحداثٍ مهمة في تفاصيلها لنشأة الولايات المتحدة، بل ولمستقبلها أيضًا، وذلك استنادًا إلى الدور الذي باتت تلعبه تلك الميليشيات في المجتمع الأميركي وفي توجيه السياسات العامة للأحزاب الرئيسية، على صعيد الخلفيات الأيديولوجية والعِرقية، والتي تعبّر بدورها عن حالة من التباعد الاجتماعي بين المكوّنات المختلفة للبلاد.