الأحوال المعيشية للأسر في لبنان 2015، النتائج والمؤشرات العامة والمناطقية - ملخص تنفيذي

أولاً: تقديم الدراسة


هذا العمل هو ثمرة جهود دؤوبة قام بها باحثو المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق وفرق عمله، للحصول على تقديرات حديثة ومنقحة لمؤشرات الفقر النقدي والبشري والحرمان وعدم الإنصاف وغيرها من المتغيرات المرتبطة بمعيشة المجتمع اللبناني وأحواله. ويندرج الاهتمام بهذه المسائل، التي طالما حظيت بموقع الصدارة في برامج المركز، ضمن المقاربة التي ترى أنّ الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لا تنفصل عن الحقوق الفردية والسياسية والسيادية، وأن رفع مستوى الحياة وإشباع الحاجات الأساسية والتخلص من التهميش والتمييز والفاقة، هو مدخل لا غنى عنه لتعزيز المواطنة والتقدم على سلّم التنمية وتجديد بنى الدولة.

ويتضمن التقرير النتائج العامة والقطاعية لدراسة الأحوال المعيشية للأسر التي نفذها المركز في عامي 2014 و 2015، وشملت أكثر من ستة آلاف أسرة في المناطق اللبنانية كافة. وكّنا قد نشرنا سابقاً بعض نتائجها الأولية والفرعية والقطاعية، وها نحن نصدر الآن نتائجها النهائية والمتكاملة، كي يتسنى الإطلاع عليها في أوسع نطاق ممكن. وسنعمل لاحقاً وتباعاً على تخصيص بعض المسائل الحيوية بتقارير أكثر تفصيلًا وتعمّقا، مثل بؤر الفقر والقوى العاملة ومجتمعات الضواحي وغيرها..

ويتقاطع هذا الإحصاء مع أعمال مماثلة نفذتها هيئات ومؤسسات رسمية دولية، لكنه يقدم أرقامًا هي الأحدث زمنيًا في المجالات التي تطرق إليها، معتمداً في ذلك على منهجيات وطرق قياس معدّلة ومطورة، وصالحة في الوقت نفسه للمقارنة مع ما توصلت إليه الدراسات الإحصائية الأخرى. ومما يتميز به هذا العمل أيضًا، تركيزه على مناطق الأطراف والأقضية الأكثر حرماناً، وإبرازه على نحو لا لبس فيه الفوارق التي ما زالت واسعة بين بقايا الريف اللبناني من جهة والمنطقة المركزية التي تضمّ العاصمة بيروت وأجزاء من الأقضية الملاصقة لها من جهة ثانية، مع ظهور مؤشرات واضحة على ترييف المدن، واتساع الفوارق الطبقية داخلها.

وإذ تنضم هذه الدراسة إلى الجهود العلمية التي ركزت خلال العقدين الماضيين على قضايا الفقر والدخل والتوزيع وخرائط الحرمان البشري في لبنان، فإننا نأمل أن تزود المعنيين بقاعدة بيانات مفيدة وعالية القيمة، يستفاد منها في تصميم السياسات العامة وتطويرها وتعديل أهدافها، ومواكبة تنفيذها بالمراجعة والنقد والتحليل، ناهيك بمساهمتها في تقدم الإحصاءات الوطنية التي لا بد منها لنمو الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية وتسهيل مهمة الباحثين في مجالاتها المختلفة.
                                                                                                                                                                                                                                                               

ثانياً: حول منهجيّة وإجراءات أعمال المسح


1.    مراحل المسح وأهدافه     

نفّذ المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق مشروع "مسح الأوضاع المعيشيّة للأسر" من خلال استمارة ضمّت نحو 375 سؤلاً، وذلك على مرحلتين: المرحلة الأولى في عامي 2013- 2014 وشملت 5016 استمارة لأسر لبنانيّة مقيمة في الأقضية المعتبرة تاريخياً كمناطق أطراف بهدف رصد الأوضاع المختلفة لقاطنيها في المجالات الستّة التي تتألف منها الاستمارة وهي: الأوضاع الديموغرافيّة، التعليم، المسكن، الصحة، الوضع الاقتصادي، خدمات المسكن. 
أما المرحلة الثانية فقد نُفّذت اعتباراً من أواخر عام 2014 وحتى منتصف العام 2015، وشملت باقي المناطق اللبنانيّة مستطلعة نحو 1021 أسرة، أي ما مجموعه 6037 استمارة.

عملت هذه الدراسة على إنتاج مؤشرات بعضها شائع وبعضها جديد، مستعينة بكمية الداتا المتراكمة لديها، كذلك أكدّت على إنتاج مؤشرات مقارنة بالاعتماد على متغيرين أساسين هما: الجنس والمحافظة. 
ارتكزت هذه الدراسة أيضاً إلى المنهجية العامة المنفّذة في دراسة الأحوال المعيشيّة للأسر الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعيّة وإدارة الإحصاء المركزي في أعوام 2004 و2007. كذلك شكّلت كل الدراسات العلميّة القطاعية الأخرى مجال العمل العام المساند.

 

2.    إطار البحث    

استندت عيّنة هذا المسح إلى قاعدة البيانات التي وفّرها التعداد الذي أجراه المركز الاستشاري عام 2013، حيث اعتبر كل محافظة بما تضم من كافة الأقضية طبقة مستقلة. وقد استُثني من هذا المسح السوريون والفلسطينيون وكافة الأسر التي لا تحمل الجنسيّة اللبنانيّة وكذلك الأشخاص المقيمون في مساكن جماعيّة كالفنادق والمستشفيات ونزلاء السجون وما إلى ذلك. 
تم تحديث إطار وحدات المعاينة الأولى المسحوبة في المرحلة الأولى، ومن ثم جرى اختيار عدد ثابت من الأسر بطريقة الاختيار العشوائي المنتظم كوحدات معاينة تفاوتت نسبتها بين المدن في المناطق المنظمة وغير المنظمة وكذلك في البلدات والقرى. استخدم هذا المسح أسلوب تدوير العيّنة على أربعة فصول وذلك بهدف توفير بيانات أكثر دقة عن الوضع المعيشي خلال الفصول الأربعة للسنة.


3.    عيّنة المسح، حجمها وطريقها توزيعها    

استندت هذه الدراسة إلى 1307 أسرة/ استمارة من مجمل العيّنة البالغ 6037 أسرة تم اختيارهم وفق منهج تصميم العيّنات الطبقيّة stratified sample وذلك بأسلوب المعاينة المتناسبة مع الحجم والمسحوبة من كل محافظة بانتظام، بحيث اعُتبرت كل حصة من كل محافظة هو وزن لها. وقد تمّ الاستناد إلى حصة محافظة الشّمال من العينة الإجماليّة البالغة 274 أسرة لتحديد حجم العينة في باقي المحافظات وفقاً لقاعدة النسبة والتناسب.
والجدير بالذكر أنّ تحديد نسبة المقيمين في المحافظات قد اعتُمد نتيجة دراسة أجرتها الأمم المتحدة بالتعاون مع مديريّة الإحصاء المركزي في لبنان عام 2007.

 

4.    مراحل تنفيذ المسح    

نُفّذ المسح على مراحل متعددة بدءاً من المرحلة التحضيريّة التي شملت التصميم والتحضير الجغرافي، مروراً بمرحلة جمع المعلومات من الميدان، ثم مرحلة التجهيز التي غطّت عمليات التدقيق والترميز وإدخال البيانات إلى الحاسب الإلكتروني، وانتهاءً بمرحلة استخراج النتائج ونشرها.

‌أ.)    المرحلة التحضيريّة 
تضمّنت المرحلة التحضيريّة السابقة للمسح مجموعة من العمليات المتداخلة المتكاملة لإعداد خطة العمل والبرنامج الزمني لتنفيذ هذه الخطة وتوفير فريق العمل المطلوب للتنفيذ في الوقت المحدد وتوزيع المهام على أعضاء الفريق وتحديد أماكن عمله. كما شملت الأعمال التحضيريّة تجهيز الخرائط العامة وخرائط الجزر الجويّة والهندسيّة، ووضع المفاهيم المستخدمة والتعاريف، وكذلك تجهيز الأدوات المستخدمة ومنها الاستمارات والدليل والتعليمات المتعلقة بكيفيّة استيفائها، وإعداد نظام تجهيز البيانات اليدوي بما في ذلك نظاما التدقيق والترميز وتعليماتهما، ثم إعداد برنامج التنفيذ الإلكتروني فيما يتعلق بإدخال البيانات وتدقيقها.

ومن أبرز الوثائق الرئيسيّة للمسح التي تم إعدادها وتجهيزها في هذه المرحلة: الخرائط الجغرافيّة، جداول التعداد واستمارة المسح ودليلها، استمارة المراقب الميداني، قواعد التدقيق والترميز المكتبي، دليل المدن والقرى وترميزها، دليل ترميز المهن، دليل الأنشطة الاقتصاديّة. وفيما يلي إشارة إلى بعضها:

-    استمارة المسح:
 تم تصميم الاستمارة الخاصة بهذا المسح ومراجعتها من قبل الفنيين والمختصين، بحيث وُضعت بصورتها النهائيّة بعد إجراء الاختبار الأولي وإنهاء البرنامج التدريبي للباحثين الميدانيين. كما قسمت الاستمارة إلى مواضيع رئيسيّة، ضم كل موضوع مجموعة من الأسئلة المتسقة والواضحة، كما أُخذ بالاعتبار عند تصميم الاستمارة تسهيل عمليّة إدخال البيانات على الحاسب الآلي وتدقيقها.

-    دليل الاستمارة
 تضمّن هذا الكتيّب التعاريف والمفاهيم المستخدمة في المسح والتعليمات المفصّلة للباحثين الميدانيين. كما تضمّن شرحاً مفصّلاً لجميع الأسئلة والمفاهيم الواردة في الاستمـارة بمختلف أقسامها والتصانيف المستخدمة لكل منها، بالإضافة إلى كيفيّة استيفاء البيانات بصورة تكفل الحصول على أعلى درجة ممكنة من صحة البيانات ودقتها. شمل هذا الكتيب أيضاً على قواعد التدقيق الأساسيّة التي يجب أن يتبعها المدققون أثناء قيامهم بتدقيق الاستمارات مع التركيز على اكتمال الاستمارة وعلى العلاقـات المنطقيّة بين الإجابات (الاتساق الداخلي) وكيفيّة اكتشاف الأخطاء وتصحيحها.

-    دليل الترميز
أُخِذَ بالاعتبار أثناء تصميم الاستمارة أن تكون جميع الأسئلة ذات رموز محددة مسبقاً، أما الرموز المرتبطة بالمهن والنشاط الاقتصادي فقد تم اعتماد الدليلين الصادرين عن الأمم المتحدة.

-    التعاريف والتصنيفات
تم إعداد التعاريف والتصانيف المستخدمة لمسح الأوضاع المعيشيّة بالاعتماد على المعايير الدوليّة الصادرة عن الأمم المتحدة وبعض وكالاتها المتخصصة مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة لتلائم الظروف المحليّة في لبنان. 

‌ب.)    مرحلة جمع البيانات

-    تنظيم العمل الميداني 
بوشر العمل في هذه المرحلة مع البدء بزيارة الأسر بهدف جمع البيانات عنها، حيث كانت الخطة تقضي بالانتهاء من تنفيذ هذه المرحلة خلال سنة كاملة. وقد تم تنظيم العمل الميداني بشكل يضمن السيطرة والدقة واتساق العمليات الميدانيّة للحصول على أفضل النتائج.

-    أسلوب جمع البيانات
 أُنيطت مهام تسليم واستلام الوثائق المرتبطة بالعمل الميداني من استمارات وخرائط وجداول تعداد وغيرها إلى المنسّق الميداني الذي كان يقوم بتنسيق العمل بين رؤساء الفرق، وكان هؤلاء بدورهم يوزعون هذه الوثائق على الباحثين الميدانيين المنوط بهم إجراء المقابلات مع الأسر المعنيّة.

-    التدقيق الميداني
أُنيطت مهام التدقيق الميداني إلى المراقب الميداني الذي كان يستلم عيّنة من الاستمارات المنجزة. ويقوم المدقق بزيارة الأسر المعنيّة لمراجعة البيانات التي تضمنتها هذه الاستمارات بهدف تقييمها وإبداء الملاحظات حولها إن وجدت.

-    مرحلة تجهيز البيانات
-    التجهيز المكتبي
 بعد استكمال الاستمارات ميدانياً وإعادتها إلى المركز بدأ المدققون المكتبيون، بصورة متوازية مع العمل الميداني، بتدقيق الاستمارات وترميزها وملاحظة أيّة أخطاء فيها، وكان يُصار إلى إعادة الاستمارة إلى المدقق الميداني ليعيدها إلى الباحث مجدداً في حال اكتشاف أي خطأ، أو كان يُصار إلى الاتصال بالأسرة لاستيضاحها عن أيّة معلومة مبهمة وغير واضحة أو متناقضة مع بعض ما ورد في البيانات، كل ذلك بهدف تدقيق اتساق هذه البيانات واكتمالها لتقليل حجم الخطأ في مرحلة الإدخال الإلكتروني فيما بعد.

-    التجهيز الإلكتروني: ويتضمّن المراحل التالية:
I.    الإدخال الإلكتروني
:
بموازاة العمل في التدقيق والترميز المكتبي كانت مرحلة إدخال البيانات إلكترونياً تتم باستخدام البرنامج الذي كان معداً مسبقاً لهذا الغرض، كما تم تطبيق قواعد الاتساق مباشرة أثناء الإدخال للتأكد من أن البيانات المدخلة متسقة مع بعضها البعض ومنطقيّة حسب المتغيرات. 

II.    التدقيق الإلكتروني:
في أثناء إدخال البيانات إلكترونياً كان يُصار إلى تدقيق البيانات المدخلة تباعاً من خلال مدقق الإدخال الإلكتروني، هذا وقد شمل التدقيق كافة البيانات المدخلة.

III.    تنقية البيانات (Data cleaning):
بعد التدقيق الإلكتروني جرى إصدار جداول أوليّة بالمتغيرات حيث تم تدقيق الجداول للتأكد من كونها صحيحة وخالية من الأخطاء من حيث الشكل والمضمون. تطلب ذلك إجراء التدقيق الشكلي والصياغة الصحيحة للعناوين والمفاهيم المستخدمة في كل جدول، بالإضافة إلى تدقيق الأرقام الواردة فيه حسب تفصيلاتها ومواصفاتها واتساقها داخل الجدول الواحد ومع الجداول الأخرى. بحيث باتت الجداول النهائيّة المستخرجة من الحاسب الآلي معدّة للنشر مباشرة. وقد تلا ذلك إعداد التقرير الحالي الذي اشتمل على توثيق أغلب العمليات التي يمكن الاستفادة منها في المسح.

 

5.    الأساليب الإحصائية المستخدمة    

-    ثبات المحتوى Reliability
قبل المباشرة بإصدار الجداول الوصفيّة والتحليليّة النهائيّة تم إجراء اختبار على صدق وثبات الأداة المستخدمة وذلك باستخدام مقياس ألفا كرونباخ وقد جاءت النتيجة 0.833، وهذا الرقم يتجاوز عتبة 0.8 الذي يؤشّر بقوة على ثبات المحتوى من خلال صدق الأداة المستخدمة.

 

تحميل الملف
المقال السابق
الرصد الاستراتيجي | إعداد مديرية الدراسات الاستراتيجية / العدد 10 - كانون الأول 2017
المقال التالي
سلسلة محاور وحوار: غرب آسيا في عالم ما بعد الأحادية الغربية، تحديات المرحلة الانتقالية/ العدد السادس عشر - آذار 2018

مواضيع ذات صلة: