حضر الإفتتاح ممثل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية د. عناية عز الدين، ممثل رئيس الحكومة النائب نزيه نجم، وزير الأشغال يوسف فنيانوس، وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، النواب السادة: عبد الرحيم مراد، علي فياض، إبراهيم الموسوي، أيوب حميد، أنور جمعة، أيوب حميد قاسم هاشم، محمد نصر الله، مسؤول العمل البلدي في حركة أمل بسام طليس، المدير العام السابق لوزارة الطاقة والمياه بسام جابر، مدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية، رئيس دائرة البرامج والتخطيط في مجلس الإنماء والإعمار م. إبراهيم شحرور، رئيس دائرة التنظيم المدني في الجنوب جمال رمال، رئيس دائرة البنى التحتية في مجلس الإنماء والأعمار م. يوسف كرم، الرئيس السابق لمصلحة الليطاني م. ناصر نصر الله، رئيس جمعية المستهلك زهير برو، ممثل النائب سامي الجميّل شارل سابا، مدير المركز د. عبد الحليم فضل الله، رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، رئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل عطاالله شعيتو، مدير مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر، ممثلون عن: وزارات الزراعة والصناعة والبيئة، الحملة الوطنية لحماية نهر الليطاني، مجلس الإنماء والإعمار، المجلس الوطني للبحوث العلمية، نقابة المهندسين، جمعية عبد العال للتنمية المستدامة، مؤسسة جهاد البناء الإنمائية، جمعية العمل البلدي في حزب الله، وحركة أمل، ورؤساء مراكز دراسات وأبحاث، عمداء وأساتذة من الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة ومدراء عامون من مختلف الإدارات الرسمية والوزارات ونخبة كبيرة من الفعاليات والخبراء والجهات الوثيقة الصلة بالمشروع، بالإضافة إلى رؤساء اتحادات البلديات ورؤساء البلديات من منطقتي بنت جبيل ومرجعيون.
افتتح المؤتمر رئيس المركز الاستشاري د. عبد الحليم فضل الله فأشار إلى أن هذا المؤتمر سيعالج المرحلة الأولى من مشروع الليطاني المنسوب 800م. واستعرض بعض الدراسات التي وضُعت حول هذا المشروع وطال انتظارها أكثر من عشرين عاماً، معتبراً أن هذا التأخير هو جزء من أزمة نظامنا الاقتصادي ومشكلة الإدارة والمؤسسات في الدولة. وقال إن أزمة النهر هي في واقع الحال أزمة سياسة وأزمة سياسات، ففيما يبتلع البحر سنوياً ما لا يقل عن نصف مليار متر مكعب من المياه العذبة، يظمأ معظم اللبنانيين ونخسر وتتقلص المساحات المزروعة إلى ثلثي ما كانت عليه قبل ربع قرن، ومع ذلك لم يفت الآوان بعد وثمة فسحة أمل لا بدَّ من اغتنامها بأسرع وقت حتى لا تطيح بها دولة الفساد العميقة.
وقال "إن هدف هذا المؤتمر هو الرد على سؤال رئيسي: كيف يمكن تعظيم الاستفادة من مشروع إمداد الجنوب بمياه الليطاني إلى أعلى مستوى في ظل التحديات والصعوبات والعقبات المحيطة به، كما أنه سيركز على تكييف المرحلتين المقبلتين الثانية والثالثة من المشروع لدراسة الشروط والمستلزمات الإدارية والمالية، وكذلك إعادة النظر بدراسات الجدوى الاقتصادية. مضيفاً "نحن أمام ثروة وطنية واقتصادية كبرى يجب الاستفادة منها".
وأوضح أن أكثر من 30 متحدثاً في أربع جلسات سيحاولون الإجابة عن الأسئلة المطروحة، مقدماً وعداً بإسم منظمي المؤتمر والجهات المتعاونة بالمضي قدماً للوصول إلى نتائج عملية تنقذ النهر وتعيد له الحياة".
ثم تحدث رئيس اتحاد بلديات جبل عامل الأستاذ علي الزين، فدعا إلى الحفاظ على مياه الليطاني وحُسن الاستفادة منها وتثقيف المواطنين على ترشيد استخدام المياه، الأمر الذي من شأنه إنعاش الوضع الاقتصادي في الأرياف، وتقوية المناعة الوطنية بوجه الاحتلال. ودعا إلى تسريع المرحلة الثانية من المشروع، وذلك من خلال دراسة المرحلة الأولى واعتماد نموذج الإدارة المتكاملة حكومياً ومناطقياً والتي تدمج بين الإدارة المركزية في التخطيط واللامركزية في التنفيذ. ورأى أن القوانين الموجودة كافية لكن المشكلة في تطبيقها.
ثم ألقى رئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل الأستاذ عطا الله شعيتو كلمة استعرض فيها أهداف مشروع الليطاني المنسوب 800م وسعته والمناطق التي يستهدفها حيث يقع القسم الأكبر منها جنوب نهر الليطاني، معتبراً أن الهدف الرئيس للمشروع هو تأمين فرص عمل. وكما تحدث عن أبرز نقاط الضعف التي يواجهها المشروع وأهمها: وجود الرسوبيات السامة في قعر البحيرة، عمليات حفر الآبار الإرتوازية بشكل عشوائي، انحسار الأراضي الزراعية التي يستهدفها المشروع، عدم وجود رؤية واضحة للمرحلة الثانية، عدم وجود خارطة زراعية متكاملة، إدارة المشروع فيما بعد، الاستملاكات، وجود مئات المنازل في القرى التي بُنيت فوق أو على مقربة من الخط الناقل. واعتبر أن أهم عوامل نجاح المشروع مستقبلاً هو إيجاد الأسواق التصريفية للإنتاج وإنشاء مؤسسة خاصة تهتم بهذا الأمر.
كلمة الرعاية ألقتها معالي وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية د. عناية عز الدين التي ذكّرت بأن مشروع الليطاني شكل حلماً للإمام المغيب السيد موسى الصدر لأنه يؤمّن عناصر التنمية في البقاع والجنوب. ورأت أن نهر الليطاني هو مفتاح مستقبل لبنان، متحدثة عن أهمية النهر الذي يشكل شريان حياة في الجنوب والبقاع وهو عنوان الصمود والبقاء بوجه المحتلين الإسرائيليين. وأسفت عز الدين لترك النهر فريسة للتعدي والإهمال الأمر الذي يُظهر غياب الاستراتيجية المائية والزراعية والبيئة والسياحية. وإذ رأت أن التنمية المستدامة التي أقرتها الدولة اللبنانية تستلزم الحفاظ على الموارد الطبيعية وتجديدها وتنميتها، أعربت عن خشيتها من حرمان الأجيال القادمة الاستفادة من الليطاني "نهر المليون فقير". وحذّرت من استمرار العجز في معالجة التلوث، معتبرة أنه بعد ثلاث سنوات من بدء المعالجة لم نصل إلى النتائج المتوخاة بل انسحبت الكارثة إلى الحوض الأدنى في الجنوب. وإذ اعتبرت أن قرار مجلس النواب قبل ثلاث سنوات بمكافحة تلوث الليطاني هو أمر مهم وجوهري، شددت على أن العبرة تبقى بالتنفيذ والتطبيق، لأنه بعد مرور 3 سنوات على هذا القرار فإن الخطوات التي أنجزت غير مشجعة. وخلصت إلى أن أية معالجة لا بد أن تتم لتؤمن ما يلي: الحفاظ على تدفق الروافد إلى النهر، تنظيم عملية الاستفادة من الينابيع، وقف مصادر التلوث بكل أشكالها وأنواعها، وضع حد لتعديات المرامل والكسارات، الحفاظ على نظافة مجرى النهر. وتطرقت عز الدين إلى التطورات السياسية فرأت أن الشرط الأهم لتحقيق النمو هو تشكيل الحكومة، داعية للإسراع في تذليل العقدة الأخيرة والابتعاد عن السلبية فالظروف الداخلية والخارجية تستدعي حكومة وحدة وطنية جامعة.
برئاسة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي، وقدمت فيها ورقتان حول تقدم العمل في المرحلة الأولى ومستلزمات المراحل اللاحقة.
النائب الموسوي تحدث عن أهمية المشروع محذّراً من أن يتحول نهر الليطاني من نهر المليون فقير إلى نهر المليون قتيل نتيجة الاعتداءات الممنهجة على مياهه. وشدد على ضرورة أن تقوم الدولة اللبنانية وعلى أعلى المستويات بإعلان حالة طوارئ وطنية لإنقاذ النهر، معتبراً أن كل المسكّنات التي طُرحت حتى الآن لا يمكن أن تنقذ نهراً وتساهم في خلاص الناس.
وعرضت الورقة الأولى التي قدمها المهندسان فادي سعادة ويوسف كرم الأعمال المنفذة في المرحلة الأولى بعد دراستها في المرحلة الثانية من المشروع.
وقدّم الدكتور إبراهيم شحرور الورقة الثانية، وتحدث فيها عن المستلزمات الفنية والمالية والعملية المطلوبة لاستكمال عمل المشروع وإتمام المرحلة الثانية منه.
وبعد تقديم الورقتين جرى نقاش واسع من الحضور الذين ركّزوا مداخلاتهم على خطورة تلوث الليطاني وضرورة التصدي لكل المعتدين على النهر وخصوصاً المعامل التي ترمي مخلفاتها الكيميائية فيه، ومشكلة عدم مسح الأراضي الحدودية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، وتساءل بعض المشاركين عن جدوى المشروع في ظل التلوث العالي، وعن دور وزارة البيئة في المعالجة، وأشار الدكتور حسين رمّال إلى قضية إخراج النهر عن مساره الطبيعي باتجاه صيدا وبيروت قبل استكمال مده إلى الجنوب، وكشف بعضهم عن أن بعض المعامل كمعمل ميموزا يعتبر أكبر ملوث لنهر الليطاني، دون رادع، وهذا ما يملي معرفة ما اذا كان ممكناً حماية النهر من التعديات ولا سيما في الحوض الأعلى أم لا. واتفق معظم المشاركين على خطورة تحويل الأراضي الزراعية إلى عمرانية قبل استكمال المشروع. وكرر عضو بلدية زحلة شارل سابا الإشارة إلى معمل ميموزا الذي يعد برأيه مثالاً واضحاً على التلوث الكيماوي الذي يصيب النهر لكنه يبدو "أكبر من الدولة". كاشفاً عن وجود 200 معمل يؤدون الدور نفسه في التلوث. ثم تحدث أكثر من مشارك عن تراجع مخزون المياه في البحيرة مسلّطين الضوء على التعدي على المياه الجوفية من خلال الآبار الكثيفة.
ترأسها النائب عبد الرحيم مراد فاعتبر أن منطقتي الجنوب والبقاع هما هبة الليطاني، مستنكراً التعديات المتعددة على النهر، معتبراً أن مأساة النهر متأتية من الوضعين الاقتصادي والمالي السلبيين في لبنان. وتطرق مراد إلى الشأن السياسي قائلاً " نحن نريد أن نعرف لماذا يعتبرنا الرئيس الحريري غير مؤهلين للمشاركة في الوزارة"؟ مشدداً على الإصرار على توزير أحد النواب الستة في الحكومة المقبلة".
وقُدِّمت خلال هذه الجلسة ورقتان، الورقة الأولى قدمها مدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية، الذي ناقش الدور الرئيسي للمصلحة في استلام المشروع وإدارته من خلال تأمين استدامة إدارة مياه الري وإزالة التعديات والمخالفات ولا سيما الآبار الارتوازية والضخ المباشر من النهر، إضافة إلى تخزين مياه الشتاء والاستفادة منها في أوقات الشح. مؤكداً على صلاحياتها الأساسية في مواكبة المشروع وفي استلامه بعد استكماله، وهي كما قال قادرة على ذلك.
وقدم الورقة الثانية مدير عام مؤسسة مياه لبنان الجنوبي الدكتور وسيم ضاهر الذي استعرض الإجراءات الممكن اتخاذها لتأمين مياه الشفة والاستخدام في سنوات الشح، كما تحدث عن دور مصالح المياه في تأمين الاستدامة ومراقبة نوعية المياه.
ترأسها معالي وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس وخُصصت للحديث عن التنظيم المدني والبيئة، وقدمت فيها ثلاثة أوراق.
وتحدث فنيانوس عن عمليات الضم والفرز والتسليف الزراعي والري وعن مشكلة تسويق الإنتاج الزراعي، ورأى أن المعيار المعتمد لتصنيف الأراضي الزراعية ينقصه الكثير من الدقة، داعياً إلى وضع المخطط الشامل للإنماء، ومن بينه الأراضي الزراعية. وشدد على ضرورة الحد من ظاهرة التمدد العمراني خارج المدن وعلى استخدام العمالة اللبنانية بدل الأجنبية.
مدير عام التنظيم المدني الياس الطويل رأى في ورقته أن الأراضي الزراعية في لبنان في حالة تضاؤل وقد تصل إلى الزوال إذا لم يعمد المعنيون إلى تشريع قوانين مناسبة للمحافظة عليها. ولفت إلى أن الأراضي الزراعية يمكن أن تكون سبباً أساسياً للتلوث إذا لم تكن هناك عملية مراقبة للأسمدة والأدوية الزراعية المستعملة. ودعا وزارة الطاقة والمياه ووزارتي الزراعة والصناعة بالتعاون مع اللجان المختصة لإعداد تصاميم توجيهية تؤدي الغاية المنشودة.
ثم قدم عضو اللجنة العلمية في المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور كمال سليم الورقة الرابعة عن "حماية الليطاني ومنع التلوث" فرأى أنه من المستحيل الاستفادة من مياه الليطاني إذا لم تتم معالجة التلوث في بحيرة القرعون. واستعرض الدراسات التي قام فيها المجلس حول البحيرة، وخلصت إلى وجود أكثر من بكتيريا خطرة تتكاثر بشكل كبير جداً ويمكنها أن تعيش في أصعب الظروف المناخية.
كما تحدث عن الروائح الكريهة التي تنبعث من البحيرة إضافة إلى التلوث الكيميائي الذي يشكّل إلى جانب البكتيريا الميتة ترسبات خطيرة في أعماقها. وأوضح أن ليس كل التلوث الحاصل في البحيرة سببه الإنسان وإنما هناك أسباب طبيعية نشترك فيها مع غيرنا من البلدان. وكشف أن عملية معالجة التلوث في الليطاني تحتاج إلى ثلاث سنوات شرط وقف عمليات التلوث الجديدة. علماً أن المستويات العالية من التلوث بدأت بالظهور قبل عشر سنوات من الآن.
النائب أنور جمعة وفي النقاش المفتوح دعا إلى حماية الأراضي الزراعية من خلال تشجيع المواطنين على البناء في السفوح وإلى إعطاء الرخص التي تسمح بالتمدد العامودي وليس الأفقي.
وأثار المشاركون قضية التأخر الطويل في تنفيذ المشاريع وعدم التنسيق بين الوزارات الأمر الذي يؤدي عند انتهاء تنفيذها إلى فقدان الأراضي التي أقيمت لأجلها. وانتقدوا الآليات المعتمدة في عمليات الضم والفرز في لبنان، التي تتصف بالتعقيد واستنكروا إعطاء رخص البناء العشوائية التي تؤدي إلى تقلص المساحات الزراعية.
ترأس الجلسة الأخيرة في اليوم الأول من المؤتمر وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري فدعا إلى اعتماد زراعات بديلة ومعالجة المشاكل الزراعية، متوقعاً الحصول على مساعدات غير منتظرة.
وقدم الورقة الأولى في الجلسة المهندس نبيل مينا (دار الهندسة) فتحدث عن الجدوى الاقتصادية والزراعية للمشروع المنجز عام 2001، وإذ اعترف بوجود تحديات كبيرة تواجه المشروع، رأى أن هناك حلولاً متوفرة من دون تكاليف إضافية وذلك من خلال تحسين أداء محطات التكرير الموجودة. وشدد على ضرورة الانتهاء من المشروع بأسرع وقت ممكن.
المهندسة مها جمول من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عرضت الورقة التي أعدها الدكتور عباس رمضان للمركز- الذي غاب عن المؤتمر بداعي السفر- وأوضحت أن النتائج المذكورة في الدراسة مبنية على افتراضات نظرية تستند إلى استمرار توافر كل العناصر الرئيسية وهي:
- إن المشروع سوف يعمل بطاقته القصوى.
- مصادر المياه موجودة ومتاحة وكميتها هي 110 مليون م3 سنوياً وهي مستدامة لسنوات عديدة.
- المياه غير ملوثة.
- الأراضي الزراعية المعلن عنها والبالغة 14700 هكتار لا تزال موجودة.
وتحدثت عن تكلفة المشروع والمداخيل المتوقعة منه والتي تحقق ما يقارب ثمانية آلاف دولار سنوياً لستة عشر ألف مزارع (في السيناريو الأفضل) ويمكن أن يضيف إلى الناتج المحلي ما يزيد عن نصف مليار دولار، وأشارت إلى أن زراعة الإجاص هي من بين الزراعات الأكثر جدوى التي يمكن الاعتماد عليها. وخلصت جمول إلى انه بحسب الدراسة المقدمة لا يمكن للمزارع الاعتماد فقط على المردود المحصّل من الإنتاج الزراعي، وإنما يشكّل هذا الإنتاج عاملاً مساعداً له. وكشفت عن تراجع عدد العاملين بالقطاع الزراعي وضرورة تشجيع المواطنين على العودة إلى العمل في هذا القطاع. وتحدثت عن الفجوات الإنتاجية والاقتصادية والتي يمكن مواجهتها من خلال عدد من الإجراءات، أبرزها: زيادة الصادرات وتأمين التمويل لصغار المزارعين وإنشاء إطار تنظيمي ملائم للاستثمارات الزراعية والتدريب والإرشاد.
وقدَّم مدير عام مؤسسة جهاد البناء الإنمائية المهندس محمد الحاج الورقة الثالثة، فتحدث عن أهمية القطاع الزراعي النباتي والحيواني في الاقتصاد اللبناني، معتبراً أن تطوير القطاع الزراعي يمكنه رفع اليد العاملة من 6 % إلى 25 %. واستعرض أبرز الخطوات التي من شأنها تطوير القطاع الزراعي مثل، إحصاء الأراضي الزراعية وسبل استثمارها، اعتماد الزراعات المجدية مثل الزيتون، التبغ، التين، الزراعات البديلة، تحسين الإنتاج الحيواني ودوره في رفع العائد.
وأعقب المحاضرة مداخلة مختصرة للعميد المتقاعد مارون خريش الذي سأل عن التنسيق بين الوزارات، فنفى الوزير خوري وجود تنسيق بينها، كاشفاً أن وزارة الاقتصاد بصدد وضع خطط واضحة تكون بمثابة خارطة طريق لبقية الوزارات وللحكومات المقبلة.
استأنف المؤتمر أعماله اليوم الثاني على التوالي في قاعة اتحاد بلديات جبل عامل في الطيبة، وشهد هذا اليوم عقد جلسة طاولة مستديرة ترأسها عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فيّاض ضمت الشركاء الرئيسيين، وافتتحها رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، ثم ألقى النائب علي فياض مداخلة أمل فيها أن يفضي هذا اللقاء إلى توصيات عملية تتيح التقدم خطوة للإمام. وتحدث عن أربع عقبات تواجه المشروع وقال: "التحدي الأول هو تلوث البحيرة، ونحن في تسابق مع الوقت لا يمكن الاستفادة من القناة إذا كانت البحيرة ملوثة، يجب أن ينجز المشروع بالتوازي مع تنقية البحيرة".
وأضاف "التحدي الثاني هو تراجع كمية المياه في حوض الليطاني، الكمية لا تتجاوز 300 إلى 350 ملم من المتساقطات في الوقت الذي كانت تتجاوز تاريخياً 700 إلى 800 ملم، والسبب قلة هطول الأمطار والأخطر هو كثرة الآبار الارتوازية التي تُمنح فيها الأذونات الاستثنائية بطريقة عشوائية. والتحدي الثالث هو عدم وجود بنية اجتماعية زراعية في هذه المنطقة. والتحدي الرابع هو توفير تمويل المشروع في مراحله كافة ".
وكانت المداخلة الأولى للمتحدث باسم الحملة الوطنية لحماية الليطاني بسام طليس الذي اعتبر أن هذا المشروع ما كان ليبصر النور لولا المتابعة الحثيثة من الرئيس نبيه بري ونواب كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير. وأعرب عن شكره للمركز الاستشاري الذي يتكامل مع جهود مختلف الأفرقاء. كما أعرب عن شكره للدول المانحة وللشركات المنفذة.
وتحدث عن أهمية النهر في صمود الجنوبيين مشدداً على ضرورة حمايته والحفاظ عليه. واعتبر أن التلوث الحاصل في النهر يعود بالضرر على كل اللبنانيين وليس فقط على المناطق التي يمر فيها.
وتحدث عن دور الحملة الوطنية في متابعة تنفيذ المشروع مع الجهات المعنية، ومتابعتها موضوع معالجة التلوث مع الوزارات المختصة.
ثم تحدث الشيخ فؤاد حنجول باسم جمعية العمل البلدي فشكر راعي المؤتمر على رعايته، ثم تحدث عن القطاع الزراعي في الجنوب وعناصر القوة والضعف فيه، معدداً أسماء بعض الزراعات القائمة والمفيدة. وشدد على "ضرورة تحضير المنطقة المستهدفة من خلال تعريف المجتمع المحلي بالمشروع والتعريف بالأنواع الزراعية المناسبة وتأمين القروض، حيث يمكن للبلديات أن تلعب دوراً فعالاً من خلال التوعية، بالإضافة إلى استصلاح المشاعات وتفعيل التعاونيات الزراعية وإطلاق مشاريع خاصة بالزراعة".
المتحدث باسم المصلحة الوطنية لنهر الليطاني المهندس محمد يونس أكد على أن الهدف الرئيسي من المشروع هو التنمية المستدامة للجنوب، مشيراً إلى دور المصلحة في متابعة الإشراف والحرص على تنفيذ كافة المراحل منذ بداية المشروع، وتشكيل وحدة خاصة للمواكبة اليومية لمراقبة حسن سير العمل. ودعا إلى العمل على تشكيل جمعيات مستخدمي المياه، وتطبيق الحوكمة، والعمل على وضع الخطط لكيفية توزيع المياه لجهة الري كما إنتاج الكهرباء.
ممثل مجلس الإنماء والإعمار الأستاذ فادي سعادة أثنى على المؤتمر الذي يقدم خدمات مهمة ويوفر جهوداً على الوزارات. مذّكراً بأن المشروع بدأ عام 2012 على أن يتم الانتهاء منه في 2015 لكنه لم ينته بسبب تأخر توفر التمويل والاستملاكات التي تحتاج إلى أموال إضافية. وإذ وجه الشكر للصناديق الممولة، كشف أنه بوشر بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، وأن "مؤتمر سيدر" لحظ تأمين 300 مليون دولار لتنفيذها.
ممثل المجلس الوطني للبحوث العلمية د. أمين شعبان حذَّر من أنه إذا استمر تضاؤل المياه فسنكون أمام مشكلة كبيرة، كاشفاً انه بنتيجة الدراسات التي قام بها المجلس تبين أن هناك تراجعاً في المتساقطات بحدود 30 %. ودعا كل بلدة إلى حماية النهر ضمن نطاق عملها البلدي بما يمكنها من تخفيف مستوى التلوث. وذكر أن المشكلة الأساسية ليست في تضاؤل المخزون الجوفي بسبب الحفر العشوائي للآبار، بل يسبق ذلك خطورة العبث المباشر بالروافد والينابيع التي تغذي النهر، فضلاً عن السحب المباشر والجائر من النهر نفسه.
ممثل وزارة الصناعة المهندس علي شحيمي تحدث عن المصانع القائمة بالقرب من مجرى الليطاني، فاعتبر أن المسالخ هي الملوث الأكبر للنهر وليس المصانع. ودعا إلى إجراء دراسات دقيقة للتخلص من الملوثات وخصوصاً زيبار الزيتون. وأوضح أن سحب الرمول من بعض المناطق يؤدي إلى زيادة التلوث.
ممثل نقابة المهندسين المهندس بسام جابر تحدث عن معوقين أساسين يمنعان الاستفادة من المشروع هما مشكلة التلوث بأشكاله المختلفة والحفر العشوائي للآبار.
ورأى أن التشريعات الموجودة لا تعطي المصلحة الوطنية لنهر الليطاني الصلاحيات اللازمة للتصدي للاعتداءات عليه، ودعا إلى إنشاء وكالة لإدارة الحوض أو تحويل المصلحة إلى هيئة تتولى الإدارة المتكاملة للحوض.
ممثل جمعية عبد العال للتنمية المستدامة الدكتور ناصر نصر الله أشار إلى أننا أمام خمس حالات موجودة في نهر الليطاني تتطلب المعالجة، هي: النفايات الصلبة والصرف الصناعي والصرف الصحي المنزلي والتلوث الزراعي والصحي، بالإضافة إلى مشكلة الحوض والتعدي على المياه الجوفية. ورأى أن المطلوب إنشاء وحدة فنية في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني تكون مهمتها كيفية التعامل مع هذه الملوثات. وانتقد تلكؤ المحاكم عن إجراء المحاكمات في الدعاوى المرفوعة على المعتدين على النهر واستغراقها عشرات السنوات قبل النظر فيها.
ممثل مؤسسة جهاد البناء المهندس قاسم حسن، تحدث عن التحديات التي واجهتها المؤسسة في أعقاب التحرير وتشجيعها للزراعات التي تحتاج إلى ري أقل، كاشفاً أن المؤسسة قامت بدراسات عدة لاختيار المزروعات الملائمة والأكثر إنتاجية وطلباً في السوق. ورأى أن هناك حاجة إلى إعادة تقويم المرحلة الثانية في المشروع قبل البدء بها، وإجراء الدراسات الهيدرولوجية قبل دراسة الأراضي المتوفرة، لأنه ليس معقولاً أن تبدأ الخطط الزراعية التي تعتمد على الري من دون التأكد أن عملية الاستجرار التي يؤمنها مشروع الليطاني لن تنقطع بعد عام أو أقل أو أكثر.
ممثلة المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق المهندسة مها لطف جمول، طرحت جملة تساؤلات منها حول توقيت انتهاء المرحلة الأولى من المشروع في نهاية العام حيث يرفض المتعهد الضخ التجريبي قبل التأكد من انتهاء التلوث، وربما احتاج هذا الأمر إلى سنوات ما يعني تأخر الاستفادة من المشروع لأعوام إضافية. وهذا يستدعي إعادة دراسة المراحل اللاحقة في ضوء هذا التعثر الحاصل وفي ضوء تضاؤل نسبة المياه إذ هناك تخوف من أن يؤثر جر المياه من البحيرة في إطار مشروع منسوب 800 م على مشاريع الأقنية الموجودة حالياً. ورأت أن المطلوب اعتماد سياسات زراعية على مستوى الحكومة، إضافة إلى تشكيل إطار عمل يضم الوزارات المعنية يساعد مصلحة الليطاني على إدارة المشروع.
ثم عقدت حلقة نقاش مفتوحة أدارها النائب فياض وقدَّم في ختامها د. عبد الحليم فضل الله الملاحظات الأساسية التي سجلها المشاركون في الطاولة المستديرة.
ومما قاله "طرحت العديد من القضايا، وكان هناك مشاركون من وزارات متعددة إضافة إلى باحثين ومختصين. لم نتوصل إلى توصيات حاسمة ونهائية، لكننا نتوقع أن يكون هذا المؤتمر جزءاً من مشروع سبقه" وأضاف "أنهى المؤتمر أعماله دون أن ينهي عمله، وسنخضع كل ما ورد إلى مزيد من الدرس المعمق. لن نعلن الآن توصيات، سيكون كل ما تم تقديمه جزءاً من وثيقة سيصدرها المركز خلال ثلاثة أسابيع ليكون ما تم التوصل إليه جزءا من برامج عمل". وتابع "توصلنا إلى أن المشروع مجدٍ على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بغض النظر عن التلوث وحجم المياه المتدفقة".
وقال: تتمحور الخلاصات الرئيسية حول وضع استراتيجية متكاملة لمعالجة أزمة النهر ولتعظيم الاستفادة من مشروع إمداد لبنان الجنوبي بمياه الليطاني. وهذا ما يتضمن أربعة محاور: حماية الموارد المائية والطبيعية في الحوض وإعادة تكوينها، إيجاد البنية التشريعية والمؤسساتية الملائمة، تعزيز دور الإدارة المحلية والبلديات، وتحقيق اقصى جدوى اقتصادية ومالية من المشروع.
وذكر أن تحقيق ذلك يتم من خلال خطط عاجلة وفورية من ناحية، وتسريع تنفيذ المشاريع المقررة وصولاً إلى تحقيق الأهداف في أقصر مدة ممكنة.
ومن الحلول السريعة والإجراءات العاجلة ذكرت اقتراحات عدة منها: معالجة التلوث بدءاً بكبار الملوثين (20 ملوثاً رئيسياً)، واعتماد تقنية الأراضي الرطبة وزراعة تصب في المعالجة الطبيعية للصرف الصحي بانتظار إنشاء محطات التكرير، والضغط في اتجاه التعجيل بإنجاز خطة حماية النهر التي أقر تمويلها مجلس النواب، المعجل لجهة تنظيم ولو اقتضى ذلك الاستعانة بشركات عالمية كبرى، تنظيم عمل الآبار ووضع مخطط توجيهي لها، وإيقاف التعدي على روافد النهر والاستفادة من الطرق الحديثة للتكرير والمعالجة، وحماية الأراضي المجاورة للحوض والمستفيدة من الري".
ورأى أنه "لا بد من توصية أساسية لتعزيز موارد وإمكانيات مصلحة الليطاني وإدخال التعديلات اللازمة على ملاكها، وإنشاء لجنة وطنية تضم وزارات عدة للتخطيط لمرحلة ما بعد إنجاز المشروع".
وأشار إلى طرح أفكار تتعلق بإيجاد صندوق للتنمية ولدعم الاستثمارات وخصوصاً صغار المزارعين، إضافة إلى اختيار الأصناف الملائمة للري والملائمة لسنوات الجفاف.
وشدَّد على ضرورة إخضاع دراسة جدوى المرحلة الثانية من المشروع لنقاش عام تشارك فيه جميع الجهات المعنية حتى نتأكد أن المشروع سيصل إلى غاياته". وختم بالإشارة إلى أفكار أخرى طرحت في المؤتمر ويمكن أن تكون جزءاً من وثيقته الختامية، ومنها: التفكير بموقع شؤون المياه هل يبقى في وزارة الطاقة أم يدمج بوزارة البيئة، إدارة مخاطر الجفاف من خلال زيادة القدرة على التخزين، وتأسيس هيئة وطنية لإدارة المخاطر، استعمال تقنيات حديثة في التكرير تصلح لأنواع التلوث الصناعي والبيولوجي والفيزيائي في آن معاً، ووضع مخططات توجيهية وتطوير القائم منها لحماية الأراضي ولا سيما تلك المصنفة للري من المشروع، كما ركز على ضرورة معالجة مشكلة ارتفاع الكلفة التي لا تلائم المزارعين، وإيجاد حلول لمعامل إنتاج الطاقة الكهرومائية كون توقفها النهائي سيفوت عائدات كبيرة على المشروع.